حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب المفطر أعظم أجرا من الصائم إذا تولى عملًا

عن أنس بن مالك، قال: كنّا مع النَّبِيّ ﷺ في السَّفر، فمنَّا الصَّائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلًا في يوم حارٍ، أكثرنا ظلًا صاحب الكساء، ومِنّا من يتّقي الشّمس بيده.
قال: فسقط الصّوام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله ﷺ: «ذهب المفطرون اليوم بالأجر».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٩٠)، ومسلم في الصيام (١١١٩) كلاهما من طريق عاصم الأحول، عن مورِّق العجليّ، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: كنّا مع النَّبِيّ ﷺ في السَّفر، فمنَّا الصَّائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلًا في يوم حارٍ، أكثرنا ظلًا صاحب الكساء، ومِنّا من يتّقي الشّمس بيده.
قال: فسقط الصّوام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله ﷺ: «ذهب المفطرون اليوم بالأجر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل دروساً مهمة في التوازن بين العبادات وحقوق الخلق، وسأشرحه لك على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● في السَّفر: في رحلة أو سفر، والسفر مبيح للفطر في رمضان.
● منا الصَّائم ومنا المفطر: أي بعض الصحابة صاموا في السفر، والبعض الآخر أفطروا استجابة للرخصة الشرعية.
● منزلًا: مكاناً لنزول المسافرين للراحة.
● في يوم حارٍ: في يوم شديد الحرارة.
● أكثرنا ظلًا صاحب الكساء: أكثر الناس حظاً في الظل هو من كان معه كساء (غطاء) يستظل به.
● يتّقي الشّمس بيده: يضع يده على عينيه أو رأسه ليقي نفسه حرارة الشمس لعدم وجود ظل.
● فسقط الصّوام: سقط من شدة الإعياء والتعب بسبب الصيام والحر.
● ضربوا الأبنية: نصبوا الخيام والفُسُط (المضارب) للمسافرين.
● سقوا الركاب: سقوا الإبل والدواب التي كانت معهم.
● ذهب المفطرون اليوم بالأجر: حازوا الأجر الكامل والثواب العظيم.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن موقف عملي وقع أثناء سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم. كان الجمع بين صحابته، فمنهم من اختار الصيام في السفر وهو جائز مع الكراهة عند بعض العلماء إذا شق عليهم، ومنهم من اختار الفطر وهو الرخصة التي شرعها الله تعالى.
وعندما نزلوا في مكان للراحة في يوم شديد الحر، كان الذين أفطروا أقوى وأقدر على العمل؛ فبينما كان الصائمون قد سقطوا من شدة الإعياء والتعب، نهض المفطرون فقاموا بخدمة الجميع: فنصبوا الخيام لاستراحة المسافرين، وسقوا الدواب واعتنوا بها.
فانظر إلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلّم أمته بأفعاله وأقواله: لم يذم الصائمين، بل أقر من صام، ولكنه في الوقت نفسه بيّن أن الذين أفطروا لكي يقدروا على خدمة إخوانهم ونفع الجماعة قد حازوا فضلاً عظيماً وأجراً كاملاً، لأنهم جمعوا بين امتثال الرخصة الشرعية (الفطر في السفر) وبين القيام بعمل فيه نفع عام للمسلمين.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- مشروعية الفطر في السفر ورخصة الله تعالى: فالفطر في السفر جائز بل هو الأفضل عند المشقة، كما هو مذهب الجمهور.
2- تقديم المصلحة العامة والجماعية: حيث قدم المفطرون المصلحة العامة للجماعة (نصب الخيام وسقي الدواب) على العبادة الفردية (الصوم).
3- أن الأعمال بخواتيمها ونياتها: فقد يكون العمل الظاهري (كالفطر) أقل في الظاهر، ولكن إذا قُصد به نفع المسلمين فإنه يعظم أجره.
4- الحكمة في توزيع المهام: فليس كل الناس في حالة واحدة، بل منهم القوي والضعيف، والمفطر أقوى في هذه الحالة فقام بالعمل.
5- أن الله تعالى يكتب الأجر على النية والعمل الصالح: فالمفطرون لم يفطروا كسلاً، ولكن ليقوموا بعمل فيه نفع للمسلمين.
6- توازن الشريعة بين حق الله وحق العباد: فليس المقصود من العبادة إرهاق النفس، بل المقصود تحقيق التقوى ونفع الخلق.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام البخاري (رحمه الله) في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتفق عليها.
- يستدل به الفقهاء على أن الفطر في السفر أفضل عند وجود المشقة، وهو رأي الجمهور.
- فيه إشارة إلى أن المشاركة في أعمال الخير وخدمة الناس لها أجر عظيم، وقد تزيد على أجر بعض العبادات الفردية في أوقات معينة.
- ينبغي للمسلم أن يكون فطناً وحكيماً في إدارة وقته وطاقته، فلا يرهق نفسه بعبادة تفوته مصلحة أكبر أو تضر به أو بغيره.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفقه في الدين والحكمة في العمل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٨٩٠)، ومسلم في الصيام (١١١٩) كلاهما من طريق عاصم الأحول، عن مورِّق العجليّ، عن أنس، فذكره. واللّفظ لمسلم. ولفظ البخاريّ مختصر.
وفي رواية عند مسلم: «فتحزّم المفطرون وعملوا». أي شدّوا أوساطهم وعملوا للصائمين.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 319 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

  • 📜 حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب