حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضل الحج

عن ماعز، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَال: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْجِهَادُ، ثُمَّ حَجَّةٌ بَرَّةٌ تَفْضُلُ سَائِرَ الْعَمَلِ كَمَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٩٠١٠)، وعنه الطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٢٤٤)، عن محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن أبي مسعود -يعني الجريريّ-، عن يزيد بن عبد الله بن الشّخّير، عن ماعز، فذكره.

عن ماعز، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَال: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْجِهَادُ، ثُمَّ حَجَّةٌ بَرَّةٌ تَفْضُلُ سَائِرَ الْعَمَلِ كَمَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا إن شاء الله تعالى، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن ماعز، عن النبي ﷺ أنه سُئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمانٌ بالله وحده، ثم الجهاد، ثم حجة برة تفضل سائر العمل كما بين مطلع الشمس إلى مغربها».


1. شرح المفردات:


● إيمان بالله وحده: الاعتقاد الجازم بوحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة، وهو يشمل أركان الإيمان الستة.
● الجهاد: بذل الجهد في سبيل الله، وأعلى مراتبه القتال لتكون كلمة الله هي العليا.
● حجة برة: الحج المبرور الذي قُبل من صاحبه، وهو الحج الذي لا يخالطه إثم، ويُؤدى على الوجه الأكمل.
● تعدل أو تفضل سائر العمل: تفوق في الأجر والثواب بقية الأعمال الصالحة.
● كما بين مطلع الشمس إلى مغربها: كناية عن المسافة الشاسعة، أي أن فضلها عظيم جدًا.


2. شرح الحديث:


سأل الصحابةُ النبيَّ ﷺ عن أفضل الأعمال؛ ليهتموا بها ويحرصوا عليها، فأجابهم ﷺ بأن أفضل الأعمال على الإطلاق هو الإيمان بالله وحده، لأنه أساس كل عمل صالح، فبدونه لا يقبل أي عمل.
ثم ذكر بعد الإيمان الجهاد في سبيل الله، لأنه ذروة سنام الإسلام، وهو يتطلب بذل النفس والمال في إعلاء كلمة الله.
ثم ذكر الحج المبرور، وهو الحج الذي قُبل من صاحبه، ولم يخالطه معصية أو رياء، وبيَّن أن فضله عظيم جدًا حتى إنه يفضل سائر الأعمال الصالحة الأخرى (غير الإيمان والجهاد) بمقدار المسافة بين مطلع الشمس ومغربها، وهي مسافة شاسعة جدًا، مما يدل على عظيم أجره وعلو درجته.


3. الدروس المستفادة منه:


● أفضلية الإيمان: الإيمان بالله هو الأصل والأساس، فلا قيمة لأي عمل بدونه.
● فضل الجهاد: الجهاد من أعظم القربات بعد الإيمان، وهو ذروة سنام الإسلام.
● عظمة الحج المبرور: فضله كبير جدًا، وهو يكفر الذنوب ويُعيد العبد كيوم ولدته أمه.
● ترتيب الفضل: ليس كل عمل صالحٍ متساويًا في الفضل، بل هناك أعمال أفضل من غيرها.
● الحث على الأعمال الصالحة: ينبغي للمسلم أن يحرص على الأعمال الفاضلة، ويجتهد في الإتيان بها على أكمل وجه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الحج المبرور: هو الذي لا رياء فيه، ولا معصية، ويُؤدى وفق السنة النبوية، ويتبعه استمرار العبد على الطاعة بعد الحج.
● الحديث يدل على أن الإيمان أفضل من الجهاد والحج، لأن الإيمان شرط لقبول كل عمل.
● الجهاد أفضل من الحج في حال وجود ضرورة له، كدفع العدو وحماية بيضة الإسلام.
● هذا الترتيب ليس مطلقًا، فقد تختلف أفضلية الأعمال بحسب الأحوال والأزمان والأشخاص، ففي وقت تكون فيه فريضة الجهاد أفضل من الحج، وفي وقت آخر يكون الحج أفضل لانتفاء شروط الجهاد.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان الخالص، والجهاد في سبيله، والحج المبرور، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٩٠١٠)، وعنه الطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٢٤٤)، عن محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن أبي مسعود -يعني الجريريّ-، عن يزيد بن عبد الله بن الشّخّير، عن ماعز، فذكره.
وأبو مسعود الجريريّ هو سعيد بن إياس البصريّ، اختلط قبل موته بثلاث سنين، وهو من رجال الجماعة، وقد روي عنه شعبة كما هنا قبل اختلاطه.
ورواه أيضًا عبد الله بن الإمام أحمد (١٩٠١١) عن هُدبة بن خالد، حدّثنا وُهيب بن خالد،
قال: الجريريّ، حدّثنا عن حيان بن عمير، حدّثنا ماعز، فذكره بنحوه.
ووهيب بن خالد ممن سمع الجريري قبل الاختلاط، إلّا أن الجريري جعل هنا شيخه حيان بن عمير، فلعله سمع من الشيخين.
وأما ماعز فهو غير منسوب، قال ابن عبد البر كما في «التعجيل»: «لم أقف على نسبه».
والحديث أورده الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٢٠٧) وعزاه إلى أحمد والطبرانيّ، وقال: «رجال أحمد رجال الصحيح».
قال الأعظمي: كذا قال، مع أن الطبرانيّ رواه من طريقي المسند إلا أنه أقحم بين شعبة وأبي مسعود الجريريّ «أبا موسي» وهو خطأ.
ثم رواه من الطريق الثالث من وجه آخر عن هدبة بن خالد بإسناده نحوه، ونسب ماعز إلى بني تميم.
قوله: «حج مبرور» قال النووي: «الأصح الأشهر أنّ المبرور هو الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرًا مما كان. وقيل: هو الذي لا رياء فيه. وقيل: الذي لا يعقبه معصية، وهما داخلان فيما قبلهما». شرح صحيح مسلم (٩/ ١١٨).
وقال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (٣/ ٤٦٣) في الأقوال التي ذكرت في تفسير الحج المبرور: «كلّها متقاربة المعنى، وهو أنّ الحجّ الذي وُفّيت أحكامه، ووقع موافقًا لما طُلب من المكلف على الوجه الأكمل» اهـ.
وفي الباب ما رُوي عن الشّفاء بنت عبد الله -وكانت امرأة من المهاجرات- قالت: إنّ رسول الله ﷺ سئل عن أفضل الأعمال؟ فقال: «إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله، وحجّ مبرور».
رواه الإمام أحمد (٢٧٠٩٤) عن هاشم بن القاسم، حدّثنا المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل من آل أبي حثمة، عن الشّفاء، فذكرته.
والمسعوديّ مختلط، وروى عنه هاشم بن قاسم بعد الاختلاط.
وكذلك رواه شبابة بن سوار، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل من آل أبي حثمة.
ثم اختلف على عبد الملك بن عمير، فرواه الطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٣١٥) من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الملك بن عمير، قال: حدثني فلان القرشي، عن جدته أنها سمعت النبي ﷺ.
ورواه عبدة بن حميد، عن عبد الملك بن عمير، عن عثمان بن أبي حثمة، عن جدته الشّفاء، قالت (فذكرته).
ورواه الوليد بن أبي ثور، عن عبد الملك بن عمير، عن عثمان بن أبي سليمان، عن جدته أم أبيه، قالت: جاء رجل إلى النبيّ ﷺ، فقال (فذكرته).
وعبد الملك بن عمير وإن كان من رجال الجماعة فقد وُصف بأنه يخطئ كثيرًا.
قال الإمام أحمد: «إنه مضطرب الحديث جدًّا مع قلّة روايته، ما أري له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها».
وقال أيضًا: «إنه ضعيف جدًا»، وعن ابن معين: «إنه مخلّط». وقال أبو حاتم: «عبد الملك بن عمير لم يوصف بالحفظ».
ولذا قال الدارقطني في «العلل» (١٥/ ٣١٠): «ويشبه أن يكون الاضطراب من عبد الملك».
وأمّا ما رُوي عن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: «الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلّا الجنّة» قالوا: يا نبي الله، ما برُّ الحجّ المبرور؟ قال: «إطعام الطّعام، وإفشاء السّلام». فهو ضعيف.
رواه الإمام أحمد (١٤٤٨٢) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا محمد بن ثابت، حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر، به.
ورواه العقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٤٠) من طريق بكر بن بكار، عن محمد بن ثابت البناني، عن محمد بن المنكدر، به، مختصرًا بلفظ: «حج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
ومحمد بن ثابت بن أسلم البناني البصري، قال فيه يحيى بن معين: «ليس بشيء»، وقال أبو حاتم: «منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به»، وقال البخاري: «فيه نظر». انظر «تهذيب الكمال» (٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦).
ورواه ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢١٤٦) وقال: «وله غير ما ذكرت وليس بالكثير، وعامة أحاديثه لا يتابع عليه».
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (١٨٢٤) عن طلحة بن عمرو، عن محمد بن المنكدر به، بلفظ: «أفضل الأعمال إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله» قال: قلنا: ما برُّ الحجّ؟ قال: «إطعام الطعام، وطيب الكلام».
وإسناده ضعيف جدًّا، فيه طلحة بن عمرو الحضرمي المكي وهو متروك.
ورواه الحاكم (١/ ٤٨٣) من طريق أيوب بن سويد، ثنا الأوزاعي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: سئل رسول الله ﷺ: ما برُّ الحجّ؟ قال (فذكره بمثل حديث الطيالسي).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، لأنهما لم يحتجا بأيوب بن سويد لكنه حديث له شواهد كثيرة» اهـ.
قال الأعظمي: بل إسناده ضعيف؛ لأن أيوب بن سويد الرّملي متكلم فيه، قال فيه ابن معين: «ليس بشيء يسرق الحديث»، وقال البخاري: «يتكلمون فيه»، وقال النسائي: «ليس بثقة»، وقال أبو حاتم: «لين الحديث»، وقال ابن عدي: «يقع في حديثه ما يوافقه الثقات، ويقع فيه ما لا يوافقونه عليه، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء» انظر «تهذيب الكمال» (١/ ٣١٨).
قال الأعظمي: ومع ضعفه فقد خالف فيه الثقة، فقد رواه البيهقي (٥/ ٢٦٢) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ابن المنكدر، مرسلًا.
وبالجملة فليس ما يشهد لتفسير الحج المبرور من الحديث المرفوع؛ ولذلك قال ابن حجر في «الفتح» بعد ما عزا حديث جابر لأحمد والحاكم: «وفي إسناده ضعف، فلو ثبت لكان هو المتعين دون غيره». فتح الباري (٣/ ٣٨٢).
وفي الباب أحاديث إلا أنها لا تصح.
منها ما رُوي عن جابر مرفوعًا: «ما أمعر حاجٌّ قطّ».
قيل لجابر: «ما الإمعار؟ قال: ما افتقر». فهو مما تفرّد به محمد بن أبي حميد. ومن طريقه رواه البزار -كشف الاستار (١٠٨٠) - عنه، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، فذكره.
قال البزار: تفرّد به محمد بن أبي حميد، وعنده أحاديث لا يتابع عليها، ولا أحسب ذلك من تعمّده، ولكن من سوء حفظه، فقد روى عنه أهل العلم.
وأمّا قول الهيثميّ (٣/ ٢٠٨) بعد أن عزاه للطبراني في «الأوسط»، والبزار: «ورجاله رجال الصّحيح» فهو ليس بصحيح؛ فإنّ محمد بن أبي حميد الأنصاريّ الزرقي ليس من رجال الصحيح، بل من رجال الترمذيّ وابن ماجه، ثم هو ضعيف عند جمهور أهل العلم.
ومنها ما رُوي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «من أمَّ هذا البيت من الكسب الحرام شخص في غير طاعة الله، فإذا أهلّ ووضع رجله في الغَرْز (أي الركاب) وانبعثت به راحلته وقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك كسبك حرام، وزادك حرام، وراحلتك حرام، فارجع مأزورًا غير مأجور، وأبشر بما يسوؤك، وإذا خرج الرجل حاجًا بمال حلال، ووضع رجله في الركاب، وانبعثت به راحلته وقال: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك قد أجبتك، راحلتك حلال، وثيابك حلال، وزادك حلال، فارجع غير مأزور، وأبشر بما يسرّك».
رواه البزار -كشف الأستار (١٠٧٩) - عن محمد بن مسكين، ثنا سعيد، عن سليمان بن داود، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البزار: «الضّعف بيّن علي أحاديث سليمان، ولا يتابعه عليها أحد، وهو ليس بالقوي».
وبه أعلّه الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٢٠٩ - ٢١٠) فقال: «ضعيف».
وأما ما روي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «وفدُ الله ثلاثةٌ: الغازي، والحاجُّ، والمعتمر»، فهو موقوف على كعب الأحبار.
رواه النسائي (٢٦٢٥)، وابن خزيمة (٢٥١١)، وابن حبان (٣٦٩٢)، والحاكم (١/ ٤٤١) كلّهم من حديث مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت سهيل بن أبي صالح، قال: سمعت أبي يقول:
سمعت أبا هريرة يقول (فذكره).
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن شاهين في «الترغيب» (٣٢١)، والبيهقيّ (٥/ ٢٦٢) وقال: «وكذا رُوي عن موسى بن عقبة، عن سهيل».
قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، وإنما وجد كتابه فروى عنه، ولم يسمع منه؛ ولذا قال ابن حبان في «الثقات»: «يحتج بحديثه من غير روايته عن أبيه؛ لأنه لم يسمع من أبيه».
وهذا تناقض! لأنه أخرج حديثه في صحيحه على القاعدة الأصلية بأن الوجادة من أنواع تحمل الحديث، فلعلّ ذهل عنه لما تكلّم في «الثقات» وهو متقدم في تأليفه على الصّحيح.
لكنه خولف في رفعه إلى أبي هريرة.
وقد أشار إلى هذا الاختلاف أبو حاتم فقال: «ورواه سليمان بن بلال، عن سهيل، عن أبيه، عن مرداس الجندعيّ، عن كعب قوله. وقال: ورواه عاصم عن كعب قوله». العلل (١/ ٣٣٩ - ٣٤٠).
وقال الدّارقطني في «العلل» (١٠/ ١٢٥) بعد أن سئل عن حديث أبي صالح، عن أبي هريرة.
قال: «يرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه. فرواه بكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. تفرّد به عنه ابنه مخرمة بن بكير. وخالفه روح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، والدراوردي، وابن أبي حازم، ووهيب بن خالد، رووه عن سهيل، عن أبيه، عن مرداس الجندعيّ، عن كعب الأحبار، قوله. وهو الصحيح».
ثم أسند رواية روح بن القاسم، ووهيب بن خالد، وسليمان بن بلال كلّهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن مرداس، عن كعب، قال: «وفد الله ثلاثة: الغازي في سبيل الله وافد على الله، والحاج إلى بيت الله وافد على الله، والمعتمر وافد على الله» انتهى.
وأخرجه أيضًا البيهقي في «شعب الإيمان» (٣/ ٤٧٤ - ٤٧٥) من حديث وهيب بن خالد وقال: «وحديث خالد أصح».
وكذلك أعلّه أبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣٢٨) فقال: «غريب، تفرّد به مخرمة، عن أبيه، عن سهيل».
وللقائل أن يقول: لعلّ سهيلًا روى هذا الحديث من وجهين: مرفوعًا من حديث أبي هريرة، رواه عنه اثنان: بكير بن عبد الله بن الأشجّ وعنه ابنه مخرمة. وموسى بن عقبة عن سهيل، كما قال البيهقي ولم أقف على إسناده.
ورواه روح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار وغيرهم -الذين ذكرهم الدارقطني- كلّهم عن سهيل، عن أبيه، عن مرداس، عن كعب من قوله.
فيجاب بأنّ الحكم للأكثر، وكلام أهل العلم يؤيد ذلك.
أو لأنّ مخرمة بن بكير كان يروي عن أبيه وجادة من كتاب ولم يسمع منه، فلعلّه انتقل بصره من هذا المتن إلى إسناد آخر، فحدّث به كذلك.
وأما أصحاب الصِّحاح ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، فمشوا على الجادة بأن من رفع عنده زيادة علم، ولم ينظروا إلى اختلاف الرواة قلة وكثرة.
وكذلك لا يصح أيضًا ما رواه ابن ماجه (٢٨٩٢) عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: «الحجاج والعُمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروا غفر لهم».
رواه من طريق صالح بن عبد الله بن صالح مولى بني عامر، حدّثني يعقوب بن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، فذكره.
ومن هذا الطريق رواه أيضًا البيهقيّ (٥/ ٢٦٢) وقال: «صالح بن عبد الله منكر الحديث».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وقد قال مثله البخاريّ، وابن عدي، وفي التقريب: «مجهول».
ووهم الحافظ المنذريّ فعزاه في «الترغيب والترهيب» (١٧٢٣) للنسائيّ أيضًا. والصّواب حديث النسائيّ هو كما مضى، وهذا اللفظ تفرّد به ابن ماجه؛ ولذا ذكره البوصيريّ في زوائد ابن ماجه.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم».
رواه ابن ماجه (٢٨٩٣)، وصحّحه ابن حبان (٤٦١٣) كلاهما من حديث عمران بن عيينة، حدّثنا عطاء بن السّائب، عن مجاهد، عن ابن عمر، فذكره.
وعمران بن عيينة أخو سفيان بن عيينة مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، ولكن علته شيخه عطاء بن السائب فإنه مختلط، وهو روي عنه بعد الاختلاط، كما أنه خولف فيه.
وأمّا البوصيريّ فحسّن إسناده وقال: «عمران مختلف فيه. وقال: رواه البيهقي من هذا الوجه فوقفه ولم يرفعه».
ولم يشر إلى اختلاط عطاء واضطرابه في الرفع والوقف فتنبّه.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جابر مرفوعًا: «الحجّاج والعمّار وفد الله، دعاهم فأجابوه، سألوه فأعطاهم».
رواه البزار -كشف الأستار (١١٥٣) - عن الوليد بن عمرو، ثنا أبو عاصم، ثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، فذكره.
قال البزار: «لا نعلمه عن جابر إلا عن ابن المنكدر. ورواه عنه ابن أبي حميد وطلحة بن عمرو».
ومحمد بن أبي حميد هو إبراهيم الأنصاريّ الزرقي اتفق أهل العلم على أنه ضعيف منكر الحديث.
وأما طلحة بن عمرو فهو ابن عثمان الحضرمي المكي أضعف من محمد بن أبي حميد قال فيه الحافظ: «متروك».
فلا تنفع متابعته على أنه رواه عنه البيهقي في: شعب الإيمان (٣/ ٤٧٦) موقوفًا على جابر وزاد فيه: «والغازي».
ثم رأيت أن محمد بن أبي حميد الأنصاريّ قد اضطرب في هذا الحديث فمرة رواه عن محمد ابن المنكدر، عن جابر كما مضى.
وأخرى عن محمد بن المنكدر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا أتم منه، ولفظه: «الحاج والعمار وفد الله، إن سألوا أُعطوا، وإن دعوا أجيبوا، وإن أنفقوا أُخلف عليهم، والذي نفس أبي القاسم بيده، ما أهلّ مهل، ولا كبّر مكبِّر على شرف من الأرض إلا أهلّ ما بين يديه، وكبر بتكبيره حتى ينقطع منه الصوت».
رواه ابن وهب، عن محمد بن أبي حميد.
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: «هذا حديث منكر«»العلل (١/ ٢٩٨).
وثالثة: ما رواه بكر بن بكار، عن محمد بن أبي حميد الأنصاريّ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، فذكره بتمامه.
ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في: شعب الإيمان (٣/ ٤٧٥) وقال: تابعه يونس بن بكير عن محمد بن أبي حميد في أوّل الخبر».
فلم يذكر فيه «محمد بن المنكدر» بينه وبين عمرو بن شعيب.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن أنس بن مالك مرفوعًا: «الحجاج والعمار وفد الله عز وجل، يعطيهم ما سألوا، ويستجيب لهم ما دعوا، ويخلف عليهم ما أنفقوا الدّرهم ألف ألف».
رواه البيهقيّ في «شعب الإيمان» (٣/ ٤٧٦) من طريق ثمامة البصريّ، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، فذكره.
قال البيهقي: «ثمامة غير قوي».
قال الأعظمي: وفي آخر الحديث نكارة. كما أن ثمامة البصريّ هذا لم أستطع تعيين من هو؟ .

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 17 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

  • 📜 حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب