حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب فضل المتابعة بين الحجّ والعمرة
حسن: رواه النسائيّ (٢٦٣٠) عن أبي داود، حدّثنا أبو عتّاب، حدّثنا عزرة بن ثابت، عن عمرو بن دينار، قال: قال ابن عباس (فذكره).

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي تطلب شرحه: حديث عظيم رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ».
وفي رواية: «أديموا الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».
أولاً. شرح المفردات:
* تَابِعُوا / أديموا: المعنى متقارب، والمقصود به: واظبوا وأكثروا وداوموا على الإتيان بهما. وقيل: المعنى أن تؤدى العمرة ثم يتبعها الحج في نفس العام (أي حج تمتع)، أو أن يعقب الحج بعمرة (حج ثم عمرة).
* بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: أي اجعلوا الحج والعمرة متلازمين متتابعين، لا تهجروهما ولا تتركوهما.
* يَنْفِيَانِ: يزيلان ويذهبان ويُبعدان.
* الْفَقْرَ: الحاجة وقلة المال.
* الذُّنُوبَ: المعاصي والآثام.
* الْكِيرُ: هو منفاخ الحداد الذي ينفخ في النار لتشتد حرارتها.
* خَبَثَ الْحَدِيدِ: هو الصدأ والوسخ والشوائب التي تخرج من الحديد عندما يُسخن في النار.
ثانياً. شرح الحديث:
يأمرنا النبي ﷺ في هذا الحديث بالمحافظة على هذين الركنين العظيمين من أركان الإسلام، والحث على المداومة على أدائهما. ويبين لنا الحكمة من ذلك والثمرة العظيمة المترتبة عليه، وهي:
1- نفي الفقر: وهذا يشمل معنيين:
* نفي الفقر المعنوي: وهو فقر القلب إلى الله تعالى، فالحاج أو المعتمر يشعر بعظمة ربه وفقره إليه، فيتذلل بين يديه، فيغني قلبه بتوحيده وخشيته، فلا يخاف إلا الله ولا يرجو إلا إياه.
* نفي الفقر المادي: وهو قلة المال، فالله تعالى يجازي عبده على نفقته في سبيله، ويعوضه خيراً منها في الدنيا قبل الآخرة. فالنفقة في الحج والعمرة لا تنقص المال، بل تزيده بركةً وتوسعةً، كما وعد النبي ﷺ: «ما نقصت صدقة من مال».
2- نفي الذنوب: فالحج والعمرة مما يكفران الذنوب ويغسلان الخطايا. فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. يشترط لذلك أن يكون العمل خالصاً لله، متبعاً فيه سنة النبي ﷺ.
وقد ضرب النبي ﷺ مثلاً بليغاً لتوضيح هذه النتيجة، فقال: «كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». فكما أن النار الشديدة تذيب الحديد وتخرج منه كل الشوائب والصدأ حتى يصبح نقياً صافياً، فكذلك الحج والعمرة – إذا أديّا بشروطهما وآدابهما – يذيبان شوائب القلب من الذنوب والمعاصي، ويُطهِّران النفس من أدرانها، حتى يعود العبد نقياً من الذنوب، طاهر القلب، كيوم ولدته أمه.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الحث على المداومة على الطاعات: خاصة ما كان منها من شعائر الإسلام الظاهرة كالحج والعمرة، فهي من أفضل القربات.
2- بيان عظيم فضل الحج والعمرة: وأنهما ليسا مجرد رحلات دينية، بل لهما أثر عظيم في تطهير النفس وتزكيتها، وفي زيادة الرزق ودفع الفقر.
3- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: فالمسلم يبذل ماله ويجهد نفسه في هذه العبادة، متوكلاً على الله أن يعوضه خيراً منها.
4- العبادات فيها مصالح دنيوية وأخروية: فكما أن للحج والعمرة ثواباً أخروياً، فإن لهما عائداً دنيوياً من بركة في الرزق وطهارة للنفس.
5- استعمال الأمثال المبسطة في التعليم: وهي من أساليب النبي ﷺ التربوية الفعالة لتقريب المعاني المعنوية بأمثلة حسية يفهما الجميع.
رابعاً. معلومات إضافية:
* منزلة الحديث: صححه العديد من الأئمة كالألباني وغيره.
* هل المقصود التتابع في نفس العام؟: اختلف العلماء في المعنى الدقيق لـ "تابعوا بين الحج والعمرة":
* القول الأول: أنه الإكثار منهما والمواظبة عليهما على الدوام، بحيث لا يترك المسلم أداءهما مع القدرة.
* القول الثاني: أنه الجمع بينهما في سفر واحد (أداء العمرة ثم الحج في أشهر الحج، وهو حج التمتع)، أو أن يعقب الحج بعمرة.
* والقول الأول أعم وأشمل، وهو الذي عليه جمهور الشراح.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لأداء مناسك الحج والعمرة، وأن يتقبل منا، وأن يغفر ذنوبنا، ويوسع علينا في أرزاقنا.
وصلى الله وسلم
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل أبي عتّاب واسمه سهل بن حماد فإنه حسن الحديث وهو من رجال مسلم. وللحديث طرق أخرى ضعيفة، والذي ذكرته أجودها وأقواها.
وفي الباب ما روي عن جابر مرفوعًا: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».
رواه البزار -كشف الأستار (١١٤٧) - عن إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ثنا بشر بن المنذر، ثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر، فذكره. وفيه بشر بن المنذر تُكلّم فيه.
وقال العقيليّ في: الضّعفاء (١٧٣): «في حديثه وهم«، ثم أخرج بهذا الإسناد حديثًا آخر وهو»الحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة. قالوا: وما بره؟ قال: إطعام الطّعام وطيب الكلام». وقال: ولا يتابع عليه في حديث عمرو بن دينار. وقد روي بشر هذا غير حديث من هذا النحو، وهذا يروى عن جابر من حديث محمد بن المنكدر بإسناد لين، ورواه محمد بن ثابت البناني، وطلحة بن عمرو، عن محمد بن المنكدر عن جابر» انتهى.
وفيه ردّ على البزّار في قوله: «لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد».
فالذي يظهر أن بشر بن المنذر وهم في هذا الحديث فجعل حديث ابن عباس لجابر، وخالف فيه أصحاب عمرو بن دينار.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: «تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّهما تمحوان الخطايا كما ينفي الكير خبث الحديد».
رواه الطبرانيّ في «الكبير» (١٢/ ٤٥٦) عن عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، ثنا حجاج بن نصير، ثنا ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، فذكره.
وفيه حجاج بن نصير -بضم النون- القيسيّ، ضعَّفه ابن معين والنسائيّ وابن سعد والدارقطنيّ وغيرهم.
وقال أبو داود: «تركوا حديثه». وقال ابن المديني: «ذهب حديثه».
وبه أعله الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٢٧٨).
ومع هذا كله ذكره ابن حبان في «الثقات» (٨/ ٢٠٢) وقال: «يخطئ ويهم» فيا تُرى ألم يقف ابن حبان على كلام المتقدمين الذين يعتمد قولهم في الجرح والتعديل أم أنه سبر حديثه فلم يتبين له
ضعفه، فلين القول فيه بأنه يخطئ ويهم؟ .
فإن كان كما قال ابن حبان فقد وجدتُ له متابعًا، وهو ما رواه الحارث في «مسنده» -بغية الباحث (٣٦٨) - عن هوذة، ثنا داود بن عبد الرحمن، عن عمرو بن دينار، عن ابن لعبد الله بن عمر، أنّ رسول الله ﷺ قال (فذكر نحوه).
وهوذة هو ابن خليفة الثقفيّ مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وداود بن عبد الرحمن هو العطار ثقة كما في «التقريب».
إلّا أنه مرسل، فإنّ ابن عبد الله بن عمر هو سالم لم يدرك النبيّ ﷺ، فلم تنفع هذه المتابعة، وله طرق أخرى أضعف من هذا.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عامر بن ربيعة مرفوعًا: «تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّ متابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد».
رواه الإمام أحمد (١٥٦٩٤) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٨٧٩٦) -، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، فذكره.
وفيه عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدويّ المدني ضعيف باتفاق أهل العلم. قال ابن حبان: «كان سيء الحفظ كثير الوهم».
قال الأعظمي: وهو كما قال فإنه اضطرب في هذا الحديث اضطرابًا شديدًا، فتارة يروي عن عبد الله بن عامر، عن أبيه كما هنا. وتارة يقول: عبد الله بن عامر، عن أبيه، عن عمر. وأخرى عن عبد الله ابن عامر، عن عمر، ذكر ذلك الدارقطني في «العلل» (٢/ ١٢٧ - ١٢٨) وأطال في بيان اضطرابه وقال: «لم يكن بالحافظ».
قال الأعظمي: أما روايته عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عمر، فرواه أحمد (١٦٧)، وابن ماجه (٢٨٨٧) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن عامر بن عبيد الله، بإسناده، مثله.
وكذلك روايته عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب. فرواه أيضًا ابن ماجه (٢٨٨٧) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عاصم بن عبيد الله، فذكره.
قال الدارقطني: «الاضطراب من قبل عاصم بن عبيد الله، لا مِنْ قِبلِ مَنْ رواه عنه».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 24 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 1 بني الإسلام على خمس
- 2 الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا...
- 3 الحج مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا
- 4 الحج مرة واحدة فمن زاد فهو تطوع
- 5 الحج في كل عام؟ لو قلت نعم لوجبت
- 6 من السائل عن الحج في كل عام؟
- 7 يا أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا
- 8 هذه ثم ظهور الحصر
- 9 إنما هذه الحجة ثم الزمن ظهور الحصر
- 10 هذه الحجّة ثم الجلوس على ظهور الحصر في البيوت
- 11 الإسلام يهدم ما كان قبله والهجرة تهدِم ما كان قبلها...
- 12 لا صرورة في الإسلام
- 13 أفضل الأعمال: إيمان بالله وجهاد وحج مبرور
- 14 الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا
- 15 من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته...
- 16 نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟
- 17 أي الأعمال أفضل؟ إيمان بالله ثم الجهاد ثم حجة برة
- 18 جهادكن الحج
- 19 الحج والعمرة جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة
- 20 الحج جهاد لا شوكة فيه
- 21 دعوة المسلم المستجابة لأخيه بظهر الغيب
- 22 اللَّهم اغفر للحاجّ ولمن استغفر له الحاج
- 23 ليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة
- 24 تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
- 25 من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض
- 26 لا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
- 27 لَا تَسَافَرُ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
- 28 لا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها ذو محرم
- 29 لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو...
- 30 لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم
- 31 لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم
- 32 لا تصلوا بعد العصر حتى الليل
- 33 إذن عمر لأزواج النبي في الحج
- 34 ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها
- 35 كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون
- 36 ما من بعير إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله...
- 37 حج رسول الله على رحل وكانت زاملته
- 38 حج النبي على رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم
- 39 اذهب بأختك فأعمرها من التنعيم
- 40 موسى هابطًا من الثنية وله جوار إلى الله بالتلبية
- 41 اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب
- 42 إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله
- 43 عبد الله بن عمر أوجب العمرة وإن حيل بينه وبين...
- 44 من حبس عن الحج فليطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل.
- 45 أمر النبي ﷺ أصحابه بتبديل الهدي في عمرة القضاء.
- 46 رسول الله ﷺ أحصر فحلق رأسه وجامع نساءه
- 47 من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل
- 48 حج عن أمك كما تقضي دينها
- 49 اقض الله فهو أحق بالقضاء
- 50 الحج عن الميت إذا مات ولم يحج
معلومات عن حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
📜 حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








