حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حق الزوجة على الزوج

عن عبد اللَّه بن زمعة عن النبي ﷺ قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلدَ العبد ثم يجامعها في آخر اليوم».

متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥٢٠٤)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٥) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن زمعة، فذكره، واللفظ للبخاري، هو عند مسلم بسباق أطول.

عن عبد اللَّه بن زمعة عن النبي ﷺ قال: «لا يجلد أحدكم امرأته جلدَ العبد ثم يجامعها في آخر اليوم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنَّة نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم، عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ النَّهَارِ».
### أولاً. شرح المفردات
● يَجْلِدُ: يضربها بالجَلْد، وهو الضرب بالسوط أو ما يشبهه.
● جَلْدَ الْعَبْدِ: كضرب السيد لعَبده ضرباً مبرحاً شديداً للتأديب أو العقاب.
● يُجَامِعُهَا: يقع عليها ويأتيها جماعاً.
● فِي آخِرِ النَّهَارِ: أي في وقت قريب من ذلك الضرب، والمراد عدم المهلة الكافية لزوال الألم والهوان.
### ثانياً. شرح الحديث
يَنْهَى النبي ﷺ في هذا الحديث الرجلَ أن يضرب زوجته ضرباً شديداً مُهيناً، كما يضرب السيدُ عبده الذي لا حقَّ له ولا كرامة، ثم يبادر إلى جماعها بعد وقت قصير من ذلك الضرب.
والنهي هنا ليس عن الضرب مطلقاً (وإن كان الأولى تركه كما في كثير من التفاسير)، بل عن نوعية الضرب وصفته، ثم عن الجمع بين هذا الفعلين المتعارضين: الإيذاء البدني والنفسي الشديد، ثم الاستمتاع بها كما لو لم يكن شيء.
فالحديث يصور تناقضاً أخلاقياً ونفسياً بشعاً:
- من جهة: يعاملها معاملة القاهر للعبد الذليل، فيجلدها جلداً مبرحاً يهين كرامتها ويؤلم جسدها.
- ومن جهة أخرى: يريد أن يستمتع بها كزوجة يحق له الاستمتاع بها، دون أي اعتبار لما سبق من إهانة وأذى.
فهذا الجمع بين الإهانة والاستمتاع ينم عن قسوة في القلب، وعدم رحمة، وفقدان لأدب المعاشرة بين الزوجين التي أمر بها الإسلام.
### ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- تحريم الإهانة والضرب المبرح للزوجة: النهي عن جلدها كالعبد يدل على تحريم الإيذاء الشديد والضرب المهين، الذي ينزع عنها كرامتها الإنسانية والزوجية. وقد جاء الإسلام ليُكرِم المرأة ويصونها، ويحفظ حقوقها.
2- الحث على الرحمة والرفق في المعاشرة: العلاقة بين الزوجين يجب أن تقوم على المودة والرحمة، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]. والضرب الشديد يناقض هذا الأساس.
3- ذم التناقض في المعاملة والاستهانة بالمشاعر: الحديث يندد بالرجل الذي يستخف بمشاعر زوجته ويعتبرها أداة للمتعة فقط، دون مراعاة لكرامتها أو مشاعرها بعد الإيذاء.
4- أن الضرب (إذا اضطر إليه آخر العلاج) يجب أن يكون غير مبرح: إن وقع الضرب للتأديب (وهو المرحلة الأخيرة في علاج نشوز الزوجة بعد الوعظ والهجر)، فيجب أن يكون ضرباً غير شديد، غير مهين، ولا يسبب ألماً مبرحاً أو ضرراً. وهذا ما فهمه الفقهاء من قوله ﷺ: «جَلْدَ الْعَبْدِ»، أي النهي عن الضرب الشديد.
5- بيان عظمة الإسلام في حفظ حقوق المرأة: جاء هذا الحديث وغيره ليرسي قواعد التعامل الكريم مع المرأة، ويحميها من الظلم والعنف، ويجعل العلاقة الزوجية قائمة على الاحترام المتبادل.
6- تحريم الجماع بعد الإيذاء مباشرة: لأنه يجمع بين الظلم والاستمتاع، وهذا منافٍ للرحمة والمودة الواجبة.
### رابعاً. معلومات إضافية
- هذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع في عبارة موجزة بين نهيين: نهي عن الإيذاء الشديد، ونهي عن الجماع بعده.
- يستدل به العلماء على تحريم العنف الأسري بصورته المهينة، وأن الإسلام سبق في الدعوة إلى معاملة المرأة بالحسنى والرفق.
- بعض العلماء يرى أن النهي عن الجماع بعد الجلد للكراهة الشديدة وليس للتحريم المطلق، ولكن المعتمد أن الفعل منكر ومخالف لأخلاق الإسلام.
- ينبغي للزوج إذا غضب من زوجته أن يتحكم في نفسه، ويتذكر وصية النبي ﷺ: «لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ» (رواه أبو داود وهو حسن)، وأن يستعمل الحكمة والموعظة الحسنة.
نسأل الله أن يرزقنا فهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها، وأن يصلح ذات بيننا، ويؤلف بين قلوبنا، ويجعل بيوتنا عامرة بالمودة والرحمة.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في النكاح (٥٢٠٤)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٥) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن زمعة، فذكره، واللفظ للبخاري، هو عند مسلم بسباق أطول.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

  • 📜 حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب