حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الوصية بالنساء خيرا ومداراتهن

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يَفْرَك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلُقًا رضي منها آخر أو قال: غيره».

صحيح: رواه مسلم في الرضاع (١٤٦٩) عن إبراهيم بن موسى الرّازي، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس، عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يَفْرَك مؤمن مؤمنةً، إن كره منها خلُقًا رضي منها آخر أو قال: غيره».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً، وهو يضع قاعدة ذهبية في استقرار الحياة الزوجية واستمرارها.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يَفْرَك مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ».
رواه مسلم في صحيحه.


أولاً. شرح المفردات:


(يَفْرُك) : بفتح الياء وضم الفاء، من الفرْك، وهو البغض والكراهة الشديدة والإبعاد. يقال: فَرَكَ زوجته يَفْرُكُها فَرْكًا، أي أبغضها وأكرَهها وأعرض عنها. وهو أشد من مجرد الكراهة.
(مؤمن مؤمنة) : أي الرجل المؤمن والمرأة المؤؤمنة، والمقصود بهما الزوج والزوجة في علاقتهما الزوجية.
(خُلُقًا) : الخُلُق هو السجية والطبع الذي يصدر عنه الإنسان من أفعال وأقوال، سواء كان حسناً أو سيئاً.
(رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) : أي أعجب به وارتاح إليه خُلُقٌ آخر غير الذي كرهه.
(أو قال: غيره) : هذه من رواية الراوي (أبي هريرة) للشك في اللفظة، هل هي "آخَرَ" أو "غَيْرَهُ"، والمعنى واحد.


ثانياً. شرح الحديث:


يوجه النبي صلى الله عليه وسلم النصح للرجل المؤمن في تعامله مع زوجته المؤمنة، فيقول: لا ينبغي للزوج المؤمن أن يبغض زوجته المؤمنة بغضاً شديداً يصل إلى درجة النفور والإبعاد (الفرك) لمجرد أن كره منها خُلُقاً واحداً أو صفة معينة، وذلك لأنه سيرضى منها - حتماً - أخلاقاً أخرى كثيرة تستحق الشكر والرضا، وتُذهِبُ أثر ذلك الخُلُق المكروه.
فالحديث يحث على نظرة شمولية متوازنة للزوجة، فلا يتمحور النظر حول عيب واحد أو سلبية واحدة، فيغفل عن كل الإيجابيات والفضائل الأخرى التي تتمتع بها. فهو دعوة إلى الإنصاف وعدالة النظر، وعدم طمس الجميل بالقبيح.
مثال ذلك: أن تكون الزوجة بطيئة في إنجاز بعض الأعمال (خلق مكروه)، لكنها في المقابل شديدة الورع، متدينة، محافظة على الصلاة، حافظة للقرآن، رقيقة المشاعر، محسنة تربية الأولاد (أخلاق محمودة). فحينئذٍ لا ينبغي أن تطغى negative صفة على كل هذه positive الصفات.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه:


1- العدل والإنصاف في التقويم: الإسلام يدعو إلى الإنصاف في الحكم على الآخرين، وعدم تجريحهم أو نبذهم لأجل خطأ واحد. وهذا ليس في العلاقة الزوجية فحسب، بل يمكن تعميمه على جميع العلاقات الإنسانية.
2- استقرار الأسرة: الحديث يهدف إلى الحفاظ على كيان الأسرة من التصدع، فلو ترك كل زوج زوجته لأجل كل عيب صغير لهدمت الأسر وتفككت الروابط.
3- التسامح والعفو: الحث على التسامح بين الزوجين وتغاضي كل منهما عن هفوات الآخر، طالما أن الأصل هو الصلاح والخير.
4- نظرة واقعية للزواج: الزواج ليس بحثاً عن الكمال المطلق، فليس هناك إنسان معصوم من العيوب. والزواج الناجح هو الذي يقوم على القبول المتبادل والتكامل، لا على البحث عن شريك لا عيب فيه.
5- التوازن في المشاعر: نهي المؤمن عن أن تتحكم فيه عاطفة الغضب أو الكراهة المؤقتة، فيتخذ قراراً مصيرياً (كالبغض الشديد أو الطلاق) يكون وبالاً عليه لاحقاً.


رابعاً. تنبيهات مهمة:


- الحديث لا يعني السكوت عن الأخطاء الشرعية أو المنكرات، بل يجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة داخل إطار الأسرة.
- لا يعني الحديث إلزام الرجل بالبقاء مع زوجة سيئة الخلق بشكل عام أو مؤذية، ولكن المقصود الصفة الواحدة وسط بحر من الصفات الحسنة.
- الحديث يشمل الطرفين، فيجب على الزوجة أيضاً أن تتسامح مع زوجها ولا تبغضه لأجل عيب واحد فيه.
أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنن نبيه والعمل بها، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالمودة والرحمة والسكينة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الرضاع (١٤٦٩) عن إبراهيم بن موسى الرّازي، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس، عن عمر بن الحكم، عن أبي هريرة، فذكره.
قوله: «لا يفرك»: أي لا يبغض، يقال: فرِكهـ يفرَكه إذا أبغضه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 115 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

  • 📜 حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب