جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

عن جابر بن عبد اللَّه قال: شهدت مع رسول اللَّه ﷺ الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئًا على بلال، فأمر بتقوى اللَّه وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهنّ وذكرهنّ، فقال: «تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم» فقامت امرأة من سِطة النساء سعفاء الخدين، فقالت: لم يا رسول اللَّه؟ قال: «لأنكنّ تكثرْن الشكاة وتكفرن العشير» قال: فجعلنَ يتصدقنَ من حليّهنَّ يلقينَ في ثوب بلالٍ من أقرِطَتِهنّ وخواتمهن.

متفق عليه: رواه مسلم في صلاة العيدين (٤: ٨٨٥) عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير، حدثنا أبي، حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه وصفٌ دقيق لصلاة العيد كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، مع موعظة بليغة للنساء.

أولاً. شرح المفردات:

● شهدت مع رسول الله ﷺ: حضرت وأحضرت معه.
● متوكئًا على بلال: معتمدًا على ذراع بلال رضي الله عنه للاستناد.
● سِطة النساء: وسطهن في المكانة والحسب، أو جلسة متوسطة المكان بينهن.
● سعفاء الخدين: خديها ملساوان ناعمان، ليس فيهما شعر، وهي صفة جمال.
● تكثرن الشكاة: تكثرن من الشكوى والتذمر.
● تكفرن العشير: تجحدن معروف الزوج وتنكرن حقه.
● أقرطتهن: جمع قُرط، وهو الحلق الذي تعلقه المرأة في أذنها.
● خواتمهن: ما تتختم به من حلي.

ثانياً. شرح الحديث:

يصف الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كيف صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد، فبدأ بالصلاة أولاً ثم الخطبة، مخالفاً بذلك سنة صلاة الجمعة التي تبدأ بالخطبة أولاً. وصلاها بلا أذان ولا إقامة، كما هو سنة صلاة العيد.
بعد الصلاة، خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة المعتادة، حاثاً على تقوى الله وطاعته، وواعظاً الناس وذاكراً لهم.
ثم توجّه صلى الله عليه وسلم بشكل خاص إلى النساء، ليعظهن ويذكرهن، فأمرهن بالصدقة، وحذرهن من النار، مبيناً أن أكثر أهل النار من النساء. فسألته امرأة من بينهن - وكانت ذات منزلة وجمال - عن سبب ذلك، فأجابها صلى الله عليه وسلم بأن السبب يرجع إلى أمرين:
1- كثرة الشكوى: أي التذمر الدائم والتشكي الكثير من أتفه الأسباب.
2- كفران العشير: وهو نكران معروف الزوج وجحود حقه وعدم شكره على ما يبذله من خير.
فلما سمع النساء هذا الوعيد البليغ، بادرن إلى التصدق فوراً تطييباً لقلوبهن وتكفيراً لذنوبهن، فأخذن يلقين بحليهن من أقرطة وخواتم في ثوب بلال رضي الله عنه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- مشروعية صلاة العيد وخطبتها: وأنها تصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ويبدأ فيها بالصلاة قبل الخطبة.
2- اهتمام الإسلام بالمرأة: حيث خصص النبي صلى الله عليه وسلم لهن موعظة بعد الخطبة العامة، مما يدل على عناية الشريعة بهن وتعليمهن.
3- الحث على الصدقة: وهي من أعظم القربات التي تكفر السيئات وتقي من النار.
4- تحذير النساء من صفتين ذميمتين:
● كثرة الشكوى والتذمر: الذي ينشر السلبية ويُفْسِد الحياة الزوجية.
● كفران العشير وجحود حق الزوج: وهو من كبائر الذنوب، فالزوج الذي ينفق ويحسن العشرة deserves الشكر والاعتراف بفضله.
5- سرعة استجابة الصحابيات: فبمجرد سماع الموعظة بادرن إلى التطبيق الفوري، وهذا دليل على إيمانهن القوي وحرصهن على الخير.
6- جواز صدقة المرأة من مالها وحليها بدون إذن زوجها: إذا كان الحلي مملوكاً لها، ولم يكن للزوج حق فيه.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل في خطبة الاستسقاء والعيدين التي تلقى بعد الصلاة.
- فيه دليل على حكمة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية، حيث خاطب النساء بلطف ورقة، وبيّن السبب لما أمر بهن، مما أدى إلى استجابتهن الفورية.
● كفران العشير لا يعني الكفر بالله، بل هو كفران النعمة وجحود المعروف، وهو من صفات النفاق.
نسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين الذاكرين، وأن يقينا وإياكم عذاب النار.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صلاة العيدين (٤: ٨٨٥) عن محمد بن عبد اللَّه بن نمير، حدثنا أبي، حدّثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، فذكره.
ورواه البخاري في العيدين (٩٧٨) من طريق عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج، قال أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكر بنحوه وليس فيه قوله: «تصدقن» إلى قوله «وتكفرن العشير».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 153 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

📜 حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: جعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية