حديث: قصة عداس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

خروج النبي ﷺ إلى الطائف للدعوة في السنة العاشرة من البعثة وما لقي من أهلها من الأذى

عن عروة أن عائشة حَدَّثَتْهُ، أنَّها قالت لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ فقال «لقد لقيت من قومك. وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة. إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال. فلم يجبني إلى ما أردت. فانطلقت وأنا مهموم على وجهي. فلم أستفق إلا بقرن الثعالب. فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني. فنظرت فإذا فيها جبريل. فناداني. فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك. وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم: قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي. ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك لك. وأنا ملك الجبال. وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك. فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين». فقال له رسول الله ﷺ «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا».

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٣١)، ومسلم في الجهاد (١٧٩٥) كلاهما من حديث ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة حدثته فذكر الحديث.

عن عروة أن عائشة حَدَّثَتْهُ، أنَّها قالت لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ فقال «لقد لقيت من قومك. وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة. إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال. فلم يجبني إلى ما أردت. فانطلقت وأنا مهموم على وجهي. فلم أستفق إلا بقرن الثعالب. فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني. فنظرت فإذا فيها جبريل. فناداني. فقال: إن الله ﷿ قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك. وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم: قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي. ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك لك. وأنا ملك الجبال. وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك. فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين». فقال له رسول الله ﷺ «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن عروة أن عائشة حَدَّثَتْهُ، أنَّها قالت لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ فقال: «لقد لقيت من قومك. وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة. إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال. فلم يجبني إلى ما أردت. فانطلقت وأنا مهموم على وجهي. فلم أستفق إلا بقرن الثعالب. فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني. فنظرت فإذا فيها جبريل. فناداني. فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك. وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي. ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك لك. وأنا ملك الجبال. وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك. فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين». فقال له رسول الله ﷺ: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا».


1. شرح المفردات:


● يوم أحد: اليوم الذي وقعت فيه غزوة أحد، والتي أصيب فيها النبي ﷺ وكسرت رباعيته، وشُجَّ رأسه، وقتل عدد من أصحابه.
● يوم العقبة: ليس المقصود بيعة العقبة، بل مكان يسمى "عقبة الطائف" حيث ذهب النبي ﷺ إلى الطائف لعرض الإسلام على ثقيف.
● ابن عبد يا ليل بن عبد كلال: هو أحد زعماء وأشراف ثقيف في الطائف.
● مهموم: مغموم، حزين، كئيب.
● قرن الثعالب: مكان قرب مكة، ويقال له الآن "قرن المنازل".
● أظلتني: غطَّتني بظلها.
● ملك الجبال: هو ملك موكل بالجبال كما وكّل الله ملائكة بأمور أخرى.
● الأخشبين: جبلان عظيمان يحيطان بمكة، هما: جبل "أبي قبيس" وجبل "قعيقعان".


2. شرح الحديث:


السياق والقصة:
سألت السيدة عائشة رسول الله ﷺ عن أصعب الأيام التي مرت عليه، متوقعة أن يكون يوم أحد بسبب ما لاقاه فيه من أذى، فأخبرها النبي ﷺ أن يوم الطائف كان أشد عليه.
أحداث يوم الطائف:
بعد أن اشتد أذى قريش على النبي ﷺ في مكة، خرج إلى الطائف hoping أن يستجيبوا لدعوته أو يؤوه، لكنهم قابلوه بالرد القاسي والسخرية، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين. وكان أشد ما آلمه رفض زعيمهم "ابن عبد يا ليل" حتى مجرد السماع منه.
الهم والكرب:
انطلق النبي ﷺ من الطائف حزينًا مهمومًا، غارقًا في التفكير والأسى، حتى وصل إلى مكان "قرن الثعالب" دون أن يشعر بسبب شدة هَمِّه.
البلاء والفرج:
وهنا جاءت البشرى والفرج من الله تعالى، حيث ظلله سحاب، ونزل عليه جبريل عليه السلام يخبره أن الله قد سمع ما قاله قومه وكيف ردوا عليه، وأنه قد أرسل إليه ملك الجبال ليأمره بما يشاء في عقابهم.
عرض العقاب الإلهي:
عرض ملك الجبال على النبي ﷺ أن يطبق الجبلين على أهل مكة (قريش) فيدمرهم تمامًا، وهي قوة إلهية هائلة جعلها الله بين يدي نبيه في تلك اللحظة الصعبة.
الرد النبوي العظيم:
بدلاً من اختيار الانتقام والهلاك لهم، اختار النبي ﷺ الرحمة والشفقة، ودعا بأن يخرج الله من أصلاب هؤلاء المعاندين من يوحد الله ويعبده ولا يشرك به شيئًا. وهذا منتهى الحكمة والرحمة والنظر البعيد.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الصبر على الأذى في سبيل الدعوة: يوضح الحديث أعلى درجات الصبر التي تحلى بها النبي ﷺ، حيث تحمل من الأذى والصد ما يتجاوز الوصف.
2- اليأس من الناس لا من رحمة الله: حتى في أقسى لحظات اليأس من استجابة الناس، كان النبي ﷺ موصولاً بربه، فجاء الفرج من حيث لا يحتسب.
3- عناية الله تعالى بنبيه: لا يترك الله عباده المؤمنين، وخاصة أنبياءه، ففي ساعة الشدة يأتي النصر والتدخل الإلهي. {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}.
4- الرحمة والشفقة مقام عالٍ: اختيار النبي ﷺ للرحمة على الانتقام هو درس عظيم في العفو عند المقدرة، والنظر إلى المصلحة المستقبلية للإسلام والمسلمين، لا إلى الانتقام الشخصي.
5- ثمرة الصبر والرحمة: كان رد فعل النبي ﷺ سببًا في هداية الكثيرين من أولئك القوم لاحقًا، حيث دخل معظم قريش وأهل الطائف بعد ذلك في الإسلام، وتحقق رجاؤه ﷺ.
6- قوة الإيمان والثقة بالله: كان رده "بل أرجو..." تعبيرًا عن إيمانه العميق بنصر الله ووعده، وثقته بأن الخير آتٍ لا محالة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه الحادثة وقعت في السنة الع
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٣١)، ومسلم في الجهاد (١٧٩٥) كلاهما من حديث ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة حدثته فذكر الحديث. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري نحوه.
قوله: «الأخشبين» هما جبلان بمكة أبو قبيس والذي يقابله، والمراد بإطباقهما أن يلتقيا على أهل مكة، وبه قال ابن القيم وابن حجر. انظر: زاد المعاد (٣/ ٣٢)، وفتح الباري (٦/ ٣١٦).
وابن عبد ياليل من أكابر أهل الطائف من ثقيف.
وكان ذلك في شهر شوال سنة عشر من المبعث بعد موت أبي طالب وخديجة.
وذكر موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب أنه ﷺ لما مات أبو طالب توجه إلى الطائف رجاء أن يؤووه. فعمد إلى ثلاثة نفر من ثقيف وهم سادتهم وهم إخوة: عبد ياليل وحبيب ومسعود بنو عمرو، فعرض عليهم نفسه، وشكى إليهم ما انتهك منه قومه فردوا عليه أقبح رد «الفتح» (٦/ ٣١٥).
بل أغروا به سفهائهم، فجعلوه يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه ﷺ وكان معه زيد بن حارثة مولاه يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه.
وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: كان رسول الله ﷺ في تلك السنين يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم كل شريف قوم لا يسألهم مع ذلك إلا أن يؤووه ويمنعوه ويقول: «لا أكره أحدًا منكم على شيء، من رضي منكم بالذي أدعوه إليه فذلك، ومن كره لم أكرهه، إنما أريد أن تحرزوني مما يراد بي من القتل حتى أبلغ رسالات ربي وحتى يقضي الله عز وجل لي ولمن صحبني بما شاء الله» فلم يقبله أحد منهم، ولم يأت أحد من تلك القبائل إلا قال: قوم الرجل أعلم به أترون أن رجلًا يصلحنا وقد فسدَ قومه ولفظوه، فكان ذلك مما ذخر الله عز وجل للأنصار وأكرمهم به.
فلما توفي أبو طالب ارتدَّ البلاء على رسول الله ﷺ أشد ما كان، فعمد لثقيف بالطائف رجاء أن يؤووه، فوجد ثلاثة نفر منهم سادة ثقيف يومئذ وهم إخوة: عبد يا ليل بن عمرو، وحبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه، وشكا إليهم البلاء وما انتهك منه قومه.
فقال أحدهم: أنا أمرق أستار الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط.
وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك.
وقال الآخر: والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا أبدًا، والله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفًا وحقًا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب على الله لأنت أشر من أن أكلمك. وتهزأوا به وأفشوا في قومهم الذي راجعوه به وقعدوا له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله ﷺ بين صفيهم جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة، وكان أعدوها حتى أدموا رجليه.
فخلص منهم وهما يسيلان الدماء، فعمد إلى حائط من حوائطهم، واستظل في ظل حبلة منه، وهو مكروب موجع تسيل رجلاه دمًا فإذا في الحائط: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما الله ورسوله، فلما رأيا أرسلا إليه غلاما لهما يدعى عداسًا وهو نصراني من أهل نينوى معه عنب، فلما جاءه عداس، قال له رسول الله ﷺ: «من أي أرض أنت يا عداس!» قال له عداس: أنا من نينوى، فقال له النبي ﷺ: «من مدينة الرجل الصالح يونس بن متى» فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متى؟ قال له رسول الله ﷺ وكان لا يحقر أحدًا أن يبلغه رسالة ربه - «أنا رسول الله، والله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى». فلما أخبره بما أوحى الله عز وجل من شأن يونس بن متى، خر عداس ساجدًا لرسول الله ﷺ، وجعل يقبل قدميه وهما يسيلان الدماء.
فلما أبصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكنا، فلما أتاهما، قالا: ما شأنك سجدت لمحمد، وقبّلت قدميه، ولم نرك فعلته بأحد منا؟ قال: هذا رجل صالح، أخبرني بشيء عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى: يونس بن متى، فضحكا به، وقالا: لا يفتنك عن نصرانيتك، فإنه رجل خداع فرجع رسول الله ﷺ إلى مكة.
أخرجه البيهقي في الدلائل (٢/ ٤١٤ - ٣١٦) من طريقه عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب مرسلا.
وذكر ابن إسحاق نحوه بدون إسناد. انظر سيرة ابن هشام (١/ ٤٢١) ورواه أبو نعيم في الدلائل (١/ ٣٨٩ - ٣٩٢) بإسناد آخر عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، فذكره.
وهو مرسل أيضًا كما أن فيه ابن لهيعة وفيه كلام معروف.
فانصرف راجعًا من الطائف بعد أن أقام عندهم عشرة أيام وكان ﷺ غلبه الحزن. وفي مرجعه ذلك دعا بالدعاء المشهور دعاء الطائف يشكو إلى الله عز وجل من ضعف حاله:

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 108 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قصة عداس

  • 📜 حديث: قصة عداس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قصة عداس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قصة عداس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قصة عداس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب