حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الصلح بين النَّبِيّ ﷺ وبين سهيل بن عمرو يوم الحديبية، وذكر الأحداث التي وقعت بعد الصلح
حتَّى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل». ثمّ قال: «والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». ثمّ زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتَّى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، يتبرضه الناس تبرضًا، فلم يلبثه الناس حتَّى نزحوه، وشكي إلى رسول الله ﷺ العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثمّ أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتَّى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله ﷺ من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله ﷺ: «إنَّا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر: فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلَّا فقد جموا، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتَّى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره». فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، قال: فانطلق حتَّى أتى قريشًا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرّجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النَّبِيّ ﷺ، فقام عروة بن مشعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلمّا بلَّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فقال النَّبِيّ ﷺ نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى، فإني والله لأرى وجوها، وإني لأرى أشوابًا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال:
وجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النَّبِيّ ﷺ، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النَّبِيّ ﷺ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله ﷺ، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟، وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهليّة فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال النَّبِيّ ﷺ: «أما الإسلام فأقبل، وأمّا المال فلست منه في شيء». ثمّ إن عروة جعل يرمق أصحاب النَّبِيّ ﷺ بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله ﷺ نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قطّ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد ﷺ محمدًا، والله إن تنخم نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف على النَّبِيّ ﷺ وأصحابه، قال رسول الله ﷺ: «هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له». فبعثت له، وأستقبله الناس يلبون، فلمّا رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلمّا رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم، يقال له مكرز بن حفص، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف عليهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «هذا مكرز، وهو رجل فاجر». فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب، عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو: قال النَّبِيّ ﷺ: «لقد سهل لكم من أمركم». قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النَّبِيّ ﷺ الكاتب، فقال النبي ﷺ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «اكتب
باسمك اللهم». ثمّ قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النَّبِيّ ﷺ: «والله إني لرسول الله وإن كذبتمونيّ، اكتب: محمد بن عبد الله». قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». فقال له النَّبِيّ ﷺ: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به». فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إِلَّا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلمًا، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتَّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «إنا لم نقض الكتاب بعد». قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا، قال النَّبِيّ ﷺ: «فأجزه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: «بلى فافعل». قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله. قال: فقال عمر بن الخطّاب: فأتيت نبي الله ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقًّا؟ قال: «بلى». قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى». قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: «إنِّي رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري». قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟». قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به». قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقًّا؟، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرّجل، إنه لرسول الله ﷺ، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال. فلمّا فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله ﷺ لأصحابه: «قوموا فانحروا ثمّ احلقوا». قال: فوالله ما قام منهم رجل حتَّى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر
لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتَّى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتَّى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتَّى كاد بعضهم يقتل غمًّا، ثمّ جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ حتَّى بلغ: ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]. فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثمّ رجع النَّبِيّ ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتَّى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثمّ جربت به، ثمّ جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتَّى برد، وفر الآخر حتَّى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرًا». فلمّا انتهى إلى النَّبِيّ ﷺ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثمّ نجاني الله منهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد». فلمّا سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتَّى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بأبي بصير، حتَّى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إِلَّا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ ﷺ تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النَّبِيّ ﷺ إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ ﴿الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ حَتَّى بَلَغَ: [الفتح: ٢٤ - ٢٦]. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَهُ فأخبرتني عَائِشَةُ، أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أن يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزواجهم، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ
طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ [الممتحنة: ١١] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أنْفَقَ مِنْ صدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها. وَبَلَغَنَا أن أبا بَصِيرِ بْنَ أسيد الثّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ يسأله أبا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
صحيح: رواه البخاري في الشروط (٢٧٣١، ٢٧٣٣، ٢٧٣٢) عن عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزّهريّ، قال: أخبرني عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان - يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: فذكرا الحديث.
![عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية، حتَّى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النَّبِيّ ﷺ: «إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين». فوالله ما شعر بهم خالد حتَّى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النَّبِيّ ﷺ
حتَّى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل». ثمّ قال: «والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». ثمّ زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتَّى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، يتبرضه الناس تبرضًا، فلم يلبثه الناس حتَّى نزحوه، وشكي إلى رسول الله ﷺ العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثمّ أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتَّى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله ﷺ من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله ﷺ: «إنَّا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر: فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلَّا فقد جموا، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتَّى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره». فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، قال: فانطلق حتَّى أتى قريشًا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرّجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النَّبِيّ ﷺ، فقام عروة بن مشعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلمّا بلَّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فقال النَّبِيّ ﷺ نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى، فإني والله لأرى وجوها، وإني لأرى أشوابًا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال:
وجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النَّبِيّ ﷺ، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النَّبِيّ ﷺ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله ﷺ، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟، وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهليّة فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال النَّبِيّ ﷺ: «أما الإسلام فأقبل، وأمّا المال فلست منه في شيء». ثمّ إن عروة جعل يرمق أصحاب النَّبِيّ ﷺ بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله ﷺ نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قطّ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد ﷺ محمدًا، والله إن تنخم نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف على النَّبِيّ ﷺ وأصحابه، قال رسول الله ﷺ: «هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له». فبعثت له، وأستقبله الناس يلبون، فلمّا رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلمّا رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم، يقال له مكرز بن حفص، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف عليهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «هذا مكرز، وهو رجل فاجر». فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب، عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو: قال النَّبِيّ ﷺ: «لقد سهل لكم من أمركم». قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النَّبِيّ ﷺ الكاتب، فقال النبي ﷺ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «اكتب
باسمك اللهم». ثمّ قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النَّبِيّ ﷺ: «والله إني لرسول الله وإن كذبتمونيّ، اكتب: محمد بن عبد الله». قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». فقال له النَّبِيّ ﷺ: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به». فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إِلَّا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلمًا، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتَّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «إنا لم نقض الكتاب بعد». قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا، قال النَّبِيّ ﷺ: «فأجزه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: «بلى فافعل». قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله. قال: فقال عمر بن الخطّاب: فأتيت نبي الله ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقًّا؟ قال: «بلى». قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى». قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: «إنِّي رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري». قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟». قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به». قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقًّا؟، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرّجل، إنه لرسول الله ﷺ، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال. فلمّا فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله ﷺ لأصحابه: «قوموا فانحروا ثمّ احلقوا». قال: فوالله ما قام منهم رجل حتَّى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر
لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتَّى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتَّى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتَّى كاد بعضهم يقتل غمًّا، ثمّ جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ حتَّى بلغ: ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]. فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثمّ رجع النَّبِيّ ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتَّى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثمّ جربت به، ثمّ جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتَّى برد، وفر الآخر حتَّى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرًا». فلمّا انتهى إلى النَّبِيّ ﷺ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثمّ نجاني الله منهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد». فلمّا سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتَّى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بأبي بصير، حتَّى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إِلَّا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ ﷺ تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النَّبِيّ ﷺ إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ ﴿الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ حَتَّى بَلَغَ: [الفتح: ٢٤ - ٢٦]. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَهُ فأخبرتني عَائِشَةُ، أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أن يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزواجهم، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ
طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ [الممتحنة: ١١] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أنْفَقَ مِنْ صدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها. وَبَلَغَنَا أن أبا بَصِيرِ بْنَ أسيد الثّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ يسأله أبا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا: خرج رسول الله ﷺ زمن الحديبية، حتَّى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النَّبِيّ ﷺ: «إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين». فوالله ما شعر بهم خالد حتَّى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النَّبِيّ ﷺ
حتَّى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، فقال النَّبِيّ ﷺ: «ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل». ثمّ قال: «والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». ثمّ زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتَّى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، يتبرضه الناس تبرضًا، فلم يلبثه الناس حتَّى نزحوه، وشكي إلى رسول الله ﷺ العطش، فانتزع سهمًا من كنانته، ثمّ أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتَّى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله ﷺ من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله ﷺ: «إنَّا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر: فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلَّا فقد جموا، وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتَّى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره». فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، قال: فانطلق حتَّى أتى قريشًا، قال: إنا قد جئناكم من هذا الرّجل، وسمعناه يقول قولًا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول، قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النَّبِيّ ﷺ، فقام عروة بن مشعود فقال: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلمّا بلَّحوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فقال النَّبِيّ ﷺ نحوًا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد! أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى، فإني والله لأرى وجوها، وإني لأرى أشوابًا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، قال:
وجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النَّبِيّ ﷺ، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النَّبِيّ ﷺ ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله ﷺ، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟، وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهليّة فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال النَّبِيّ ﷺ: «أما الإسلام فأقبل، وأمّا المال فلست منه في شيء». ثمّ إن عروة جعل يرمق أصحاب النَّبِيّ ﷺ بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله ﷺ نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قطّ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد ﷺ محمدًا، والله إن تنخم نخامة إِلَّا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف على النَّبِيّ ﷺ وأصحابه، قال رسول الله ﷺ: «هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له». فبعثت له، وأستقبله الناس يلبون، فلمّا رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلمّا رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم، يقال له مكرز بن حفص، فقال: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلمّا أشرف عليهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «هذا مكرز، وهو رجل فاجر». فجعل يكلم النَّبِيّ ﷺ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو. قال معمر: فأخبرني أيوب، عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو: قال النَّبِيّ ﷺ: «لقد سهل لكم من أمركم». قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتابًا، فدعا النَّبِيّ ﷺ الكاتب، فقال النبي ﷺ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «اكتب
باسمك اللهم». ثمّ قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله». فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النَّبِيّ ﷺ: «والله إني لرسول الله وإن كذبتمونيّ، اكتب: محمد بن عبد الله». قال الزهري: وذلك لقوله: «لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إِلَّا أعطيتهم إياها». فقال له النَّبِيّ ﷺ: «على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به». فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إِلَّا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلمًا، فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتَّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ، فقال النَّبِيّ ﷺ: «إنا لم نقض الكتاب بعد». قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا، قال النَّبِيّ ﷺ: «فأجزه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: «بلى فافعل». قال: ما أنا بفاعل، قال مكرز: بل قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا، ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله. قال: فقال عمر بن الخطّاب: فأتيت نبي الله ﷺ فقلت: ألست نبي الله حقًّا؟ قال: «بلى». قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: «بلى». قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: «إنِّي رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري». قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟». قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوف به». قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقًّا؟، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟ قال: أيها الرّجل، إنه لرسول الله ﷺ، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، قال. فلمّا فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله ﷺ لأصحابه: «قوموا فانحروا ثمّ احلقوا». قال: فوالله ما قام منهم رجل حتَّى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر
لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك، اخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة، حتَّى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتَّى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلمّا رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتَّى كاد بعضهم يقتل غمًّا، ثمّ جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ حتَّى بلغ: ﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]. فطلق عمر يومئذ امرأتين، كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثمّ رجع النَّبِيّ ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتَّى إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله! إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثمّ جربت به، ثمّ جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتَّى برد، وفر الآخر حتَّى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرًا». فلمّا انتهى إلى النَّبِيّ ﷺ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله! قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثمّ نجاني الله منهم، قال النَّبِيّ ﷺ: «ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد». فلمّا سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتَّى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بأبي بصير، حتَّى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إِلَّا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ ﷺ تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النَّبِيّ ﷺ إليهم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ ﴿الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ حَتَّى بَلَغَ: [الفتح: ٢٤ - ٢٦]. وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
وَقَالَ عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَهُ فأخبرتني عَائِشَةُ، أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أن يَرُدُّوا إلى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أزواجهم، وَحَكَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ لَا يُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ، أَنَّ عُمَرَ
طَلَّقَ امرأتين قَرِيبَةَ بِنْتَ أبي أمية، وَابْنَةَ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيِّ، فَتَزَوَّجَ قَرِيبَةَ مُعَاوِيَةُ، وَتَزَوَّجَ الأُخْرَى أَبُو جَهْمٍ، فَلَمَّا أبى الْكُفَّارُ أن يُقِرُّوا بأداء مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أزواجهم، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾ [الممتحنة: ١١] وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّي الْمُسْلِمُونَ إلى مَنْ هَاجَرَتِ امرأته مِنَ الْكُفَّارِ، فأمر أن يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أنْفَقَ مِنْ صدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللَّائِي هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أحدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إيمانها. وَبَلَغَنَا أن أبا بَصِيرِ بْنَ أسيد الثّقَفِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ يسأله أبا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.](img/Hadith/hadith_9003.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.أما بعد، فإن حديث صلح الحديبية من الأحاديث العظيمة التي تحوي دروسًا جليلة وعبرًا عظيمة، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.
أولاً. شرح المفردات:
● الغميم: مكان قرب مكة.
● طليعة: جماعة تتقدم الجيش للاستكشاف.
● قترة الجيش: غبار الجيش عند سيره.
● بركت به راحلته: جلست وأبت المسير.
● خلأت: عصت وأبت السير.
● حابس الفيل: الذي منع أبرهة وجيشه من دخول مكة.
● ثمد: بئر قليلة الماء.
● يتبرضه الناس: يستقون الماء بسرعة.
● العوذ المطافيل: النساء والأطفال.
● سالفتي: رقبتي.
● يرسف في قيوده: يمشي مغلولاً بالحديد.
● أعطينا الدنية: التنازل عن بعض الحق ظاهريًا.
ثانيًا. شرح الحديث:
يصف الحديث أحداث صلح الحديبية الذي حدث في السنة السادسة للهجرة، عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأداء العمرة، فمنعتهم قريش وحدث الصلح المشهور.
1- خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأخذ طريق آخر: حين علم صلى الله عليه وسلم أن خالد بن الوليد في كمين له، تجنب المواجهة وأمر بأخذ طريق آخر.
2- بروك ناقته صلى الله عليه وسلم: عندما توقفت ناقته في مكان، فهم الصحابة أنها تعنت، لكن النبي بين أن الله هو الذي أوقفها كما أوقف الفيل عن مكة.
3- بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بالنصر: وعده صلى الله عليه وسلم بأنه سيعطي قريشًا أي شرط يعظمون فيه حرمات الله.
4- معجزة الماء: عندما شكوا العطش، وضع صلى الله عليه وسلم سهمًا في البئر ففار الماء.
5- مجيء الوفود: جاء بديل بن ورقاء ثم عروة بن مسعود ثم مكرز بن حفص ثم سهيل بن عمرو للتفاوض.
6- كتابة الصلح: اشترطت قريش شروطًا ظاهرها القسوة، لكن النبي قبلها لحكمة عظيمة.
7- حادثة أبي جندل: عندما جاء مسلمًا مقيدًا، طالبته قريش بردّه، فامتثل النبي للصلح.
8- امتحان النساء المهاجرات: نزلت آيات في امتحان النساء اللاتي هاجرن.
9- قصة أبي بصير: الذي هرب من قريش وأسس مجموعة أضرت بتجارة قريش، forcing them to cancel شرط الرد.
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- الحكمة في القيادة: تجنب النبي المواجهة مع خالد بن الوليد مع القدرة عليها.
2- التسليم لأمر الله: عندما بركت الناقة، لم يغضب صلى الله عليه وسلم بل أيقن أن وراء ذلك حكمة.
3- الصبر على الشدائد: تحمل الصحابة العطش وامتثلوا لأمر النبي رغم قسوة الشروط.
4- الثقة بوعد الله: حيث تحقق نصر الإسلام بعد الصلح كما وعد النبي.
5- احترام العهود: حتى مع ظلم الطرف الآخر، يظل المسلمون ملتزمين بعهودهم.
6- التضحية في سبيل الله: كما فعل الصحابة عندما أمروا بالنحر والحلق فامتثلوا بعد تردد.
7- حسن الظن بالله: حيث كان الصلح في ظاهره هزيمة، لكنه كان أعظم الفتوح.
رابعًا. معلومات إضافية:
- كان صلح الحديبية مقدمة لفتح مكة.
- من الشروط أن من أتى المسلمين من قريش يرد، ومن أتى قريشًا من المسلمين لا يرد.
- نزلت سورة الفتح بعد العودة من الحديبية.
- كان عدد المسلمين في الحديبية حوالي 1400 صحابي.
وهكذا يتجلى لنا أن هذا الحديث يعد من أعظم أحداث السيرة النبوية، يظهر كيف أن التنازل الظاهري عن بعض الحقوق يمكن أن يكون بابًا لأعظم الانتصارات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 509 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 484 ناد في الناس فيأتون بفضل أزوادهم
- 485 أنتم خير أهل الأرض
- 486 أصحاب الشجرة لا يدخلون النار
- 487 على أي شيء بايعتم رسول الله يوم الحديبية؟
- 488 لا أبايع على الموت أحدًا بعد رسول الله ﷺ
- 489 ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك
- 490 الناس محدقون بالنبي ﷺ يبايعون
- 491 رجل يسأل ابن عمر عن فرار عثمان يوم أحد وتخلفه...
- 492 بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْحُدَيْبِيَةِ
- 493 بايعنا رسول الله تحت الشجرة وكانوا أربع عشرة مائة
- 494 الشجرة، حيث بايع رسول الله ﷺ بيعة الرضوان
- 495 أخبرني أبي وكان شهد الشجرة
- 496 عن عمر بن الخطاب قطع شجرة الرضوان.
- 497 ألف وأربعمائة مع رسول الله يوم الحديبية
- 498 أفضل عنوان للحديث: "رسول الله ﷺ على جبا الركية فدعا...
- 499 النبي ﷺ يفور الماء من بين أصابعه يوم الحديبية
- 500 كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي ﷺ
- 501 أصحاب الشجرة ألف وثلاثمائة
- 502 خرج رسول الله ﷺ عام الحديبية يريد زيارة البيت لا...
- 503 خَرَجَ عُبْدَانٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ
- 504 وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم
- 505 بسم الله الرحمن الرحيم ما نعرف الرحمن الرحيم
- 506 محمد رسول الله امحه
- 507 عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت
- 508 النبي يرد أبا جندل على أبيه سُهيل بن عمرو
- 509 خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
- 510 خروج رسول الله إلى الحديبية يريد زيارة البيت لا قتالًا
- 511 من هذا؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة
- 512 فتح خيبر
- 513 اكتب باسمك اللهم واسم أبيك
- 514 محا رسول الله ﷺ اسمه من النبوة وكتب محمد بن...
- 515 يا رسول الله! ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال:...
- 516 اتهموا الرأي فوالله لقد رأيتني يوم أبي جندل
- 517 اتهموا رأيكم والله لقد رأيتني يوم أبي جندل
- 518 رد رسول الله ﷺ أبا جندل إلى أبيه سُهيل بن...
- 519 أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟
- 520 أبو بصير يقتل الرجلين ويلحق بسيف البحر.
- 521 رسول الله يسير في سفر وعمر يسأله فلا يجيبه
- 522 علام نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا...
- 523 إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية
- 524 خروج سلمة بن الأكوع قبل الأذان ونجاته اللقاح
- 525 انصرف رسول الله عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح
- 526 أبو هريرة يسمع الإمام يقرأ في الصبح كهيعص وويل للمطففين.
- 527 صلى النبي المغرب بعد الأكل ولم يتوضأ
- 528 خروج النبي إلى خيبر مع الصحابة
- 529 قال رسول الله ﷺ لعبد الله بن رواحة: لو حركت...
- 530 من رمى بجراب فيه شحم
- 531 خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
- 532 خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذر
- 533 الله أكبر خربت خيبر
معلومات عن حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
📜 حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: خروج النبي ﷺ زمن الحديبية وبروك ناقته
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








