إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: ١] قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ. قَالَ أَصحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥] قَال شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: أَمَّا: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ﴾ [الفتح: ١] فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤١٧٢) عن أحمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنته.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يتعلق بتفسير سورة الفتح وأسباب نزولها، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:

● فَتْحًا مُبِينًا: فتحًا واضحًا بينًا، وهو صلح الحديبية.
● الْحُدَيْبِيَةُ: مكان قرب مكة، وسمي الصلح الذي تم هناك بصلح الحديبية.
● هَنِيئًا مَرِيئًا: كلمة تقال للتهنئة بالخير الذي يصيب الإنسان دون مشقة أو تعب، أي طيبًا سهلًا غير متكلف.
● فَمَا لَنَا؟: سؤال الصحابة رضي الله عنهم عما سيعود عليهم من هذا الفتح.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا هذا الحديث عن قصة نزول أوائل سورة الفتح، وذلك بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من صلح الحديبية.
1- السياق التاريخي: كان صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة، حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأداء العمرة، فمنعهم المشركون، وتفاوضوا حتى تم عقد صلحٍ اشتمل على شروطٍ رأى بعض الصحابة أنها مجحفة، مثل عدم دخول مكة ذلك العام، ورد من يأتي مسلمًا من قريش، وإرجاع من يأتي من المسلمين إلى قريش.
2- نزول الآية: عندما نزل قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، تعجب بعض الصحابة وقالوا: أي فتح هذا؟! وقد منعنا من دخول البيت، واشترطت علينا شروطًا قاسية؟ ففسر النبي صلى الله عليه وسلم أو فسر الصحابة أن الفتح هنا هو صلح الحديبية.
3- رد فعل الصحابة: فهم الصحابة أن هذا الصلح هو فتح عظيم، فهنؤوا النبي صلى الله عليه وسلم قائلين: "هنيئًا مريئًا"، ثم سألوا عن نصيبهم من هذا الخير، فأنزل الله تعالى: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، أي أن هذا الفتح هو سبب لدخولكم الجنة.
4- رواية شعبة: ثم يذكر الراوي (شعبة) أنه حدث بهذا في الكوفة عن قتادة، ثم رجع فاستدرك أن جزءًا من الحديث (وهو قول "هنيئًا مريئًا") إنما هو عن عكرمة وليس عن أنس، وهذا من دقة المحدثين في نقل الأسانيد.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- حكمة الله تعالى: قد يرى الإنسان أمرًا في ظاهره شرًا أو خسارة، وهو في حقيقة الأمر خيرٌ عظيم، كما كان صلح الحديبية الذي كان تمهيدًا لفتح مكة.
2- ثقة الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم: رغم أنه كان في الصلح شروطٌ ظاهرها القسوة، إلا أنهم سلموا لأمر الله ورسوله.
3- البشرى للمؤمنين: أن الأعمال الصالحة والصبر على الطاعة سبب لدخول الجنة.
4- دقة المحدثين: في نقل الأحاديث وتمييز الأسانيد والحفاظ على دقة الرواية.

رابعًا. معلومات إضافية:

- يعتبر صلح الحديبية من أعظم أحداث السيرة النبوية، وكان بداية لانتشار الإسلام في الجزيرة العربية.
- نزلت سورة الفتح كاملة في طريق العودة من الحديبية.
- كان هذا الصلح مقدمة لفتح مكة الذي تم بعد عامين.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا فهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤١٧٢) عن أحمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: فذكره.
ورواه مسلم في الجهاد (٩٧: ١٧٨٦) من وجه آخر عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: لما نزلت: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ إلى قوله: ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: ١ - ٥] مرجعه من الحديبية وهم يخالطون الحزن والكآبة وقد نحر الهدي بالحديبية فقال: «لقد أنزلت عليّ آية هي أحب إلي من الدُّنيا جميعًا».
وكان صلح الحديبية سببًا لفتح مكة لأن هذا الصلح لم يستمر أكثر من سبعة أو ثمانية عشر شهرًا حيث أعانت قريش حلفاءها بني بكر ضد خزاعة حلفاء المسلمين كما سيأتي في فتح مكة. انظر: «البداية والنهاية» (٦/ ٥٠٨).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 523 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

📜 حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية