عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ خرج معتمرا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يحمل سلاحًا عليهم إِلَّا سيوفًا، ولا يقيم بها إِلَّا ما أحبوا، فاعتمر من العام المقبل، فدخلها كما كان صالحهم، فلمّا أقام بها ثلاثًا، أمروه أن يخرج فخرج.

صحيح: رواه البخاريّ في الصلح (٢٧٠١) عن محمد بن رافع، حَدَّثَنَا سريج بن النعمان، حَدَّثَنَا فليح، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث العظيم الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يروي لنا قصة من أهم قصص السيرة النبوية، وهي حادثة صلح الحديبية، التي كانت في سنة 6 للهجرة. وشرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● خَرَجَ مُعْتَمِرًا: خرج رسول الله ﷺ من المدينة المنورة قاصدًا أداء مناسك العمرة.
● حَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْت: منعته قبيلة قريش (التي كانت تسيطر على مكة) من الوصول إلى الكعبة لأداء العمرة.
● نَحَرَ هَدْيَهُ: ذبح الهدي (الإبل والبقر والغنم) الذي كان قد ساقه معه ليُقَرِّبَ به إلى الله تعالى.
● حَلَقَ رَأْسَهُ: حلق شعر رأسه، وهذا من مناسك الإحرام، ويشير إلى أنه أحل من إحرامه.
● بِالْحُدَيْبِيَةِ: اسم مكان قريب من مكة، خارج الحرم.
● قَاضَاهُمْ: صالحهم وعقد معهم معاهدة أو صلحاً.
● لَا يَحْمِلُ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إِلَّا سُيُوفًا: اشترطت قريش ألا يدخل المسلمون مكة بالسلاح الثقيل (كالدروع والرماح)، بل مسلحين فقط بسيوفهم في أغمادها للدفاع عن النفس.
● وَلَا يُقِيمُ بِهَا إِلَّا مَا أَحَبُّوا: وألا يبقى المسلمون في مكة أكثر من المدة التي ترضاها قريش.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف لنا الحديث موقفًا عصيبًا واختبارًا عظيمًا للإيمان والصبر. خرج النبي ﷺ وأصحابه (قرابة 1400 صحابي) لأداء العمرة في ذي القعدة (وهو شهر حرام لا قتال فيه)، ليُظهِرُوا للعرب جميعًا أنهم جاءوا زائرين للبيت الحرام معتمرين، لا محاربين.
1- المنع والموقف المتأزم: لما وصلوا إلى الحديبية، منعتهم قريش من دخول مكة بالقوة، على الرغم من كونهم محرمين وغير مسلحين إلا بسيوف المسافر. أراد بعض الصحابة القتال، لكن النبي ﷺ، الحكيم القائد، رفض وأصر على السلم وعدم سفك الدماء.
2- الامتثال لأمر الله ورسوله: بدلاً من الدخول في مواجهة دموية، أمر النبي ﷺ أصحابه بنحر الهدي وحلق الرأس (وهي أفعال تخرج الإنسان من إحرامه)، في إشارة واضحة إلى أنه لن يدخل مكة هذا العام. كان هذا القرار صعبًا على بعض الصحابة في البداية، لكنهم امتثلوا طاعة لله ورسوله.
3- عقد الصلح (صلح الحديبية): بعد مفاوضات، تم عقد معاهدة بين المسلمين وقريش، وكانت بنودها تبدو في ظاهرها مجحفة بحق المسلمين، منها:
- يعود المسلمون من غير عمرة هذا العام.
- يأتون للعمرة في العام القادم، على أن لا يقيموا في مكة أكثر من ثلاثة أيام.
- يدخلونها بسيوف في أغمادها فقط (لا دروع ولا رماح).
- أي شخص يأتي من قريش إلى المسلمين مسلمًا يجب أن يُرَدَّ إليهم، أما من يأتي من المسلمين إلى قريش فلا يردوه.
4- الوفاء بالعهد (العمرة القاضية): في العام المقبل (سنة 7 هـ)، وفى النبي ﷺ بعهده، فخرج مع أصحابه لأداء العمرة، ودخلوا مكة كما تم الاتفاق: بسيوف في أغمادها، وأقاموا فيها ثلاثة أيام exactly كما اشترطت قريش. وعندما انتهت المدة، طلبت قريش منهم الخروج، فخرج النبي ﷺ وأصحابه دون تردد، ملتزمين ببنود العهد الذي وقّعوه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر العظيمة:

1- حكمة القيادة وضرورة السلم: يعلّمنا النبي ﷺ أن السلم والصلح خيار استراتيجي عندما تكون المصلحة فيه، حتى لو بدت شروطه قاسية. وقد نزل قرآن يُثني على هذا الصلح ويسميه "فتحًا مبينًا" فقال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [الفتح: 1]. فقد كان هذا الصلح سببًا في دخول الكثيرين في الإسلام، وتفرغ المسلمين للدعوة في其他地方.
2- الطاعة المطلقة لله ورسوله ﷺ: موقف الصحابة، بعد تردد inicial من بعضهم، هو نموذج للطاعة العمياء للقائد في حال الحرب والسلم، حتى لو خالفت هوى النفس.
3- الوفاء بالعهود: الوفاء بالوعد صفة أساسية للمؤمن. لقد قدّم النبي ﷺ أروع مثال في الالتزام بالعهد والمواثيق، حتى مع العدو.
4- الصبر على الأذى وتحويل الهزيمة الظاهرية إلى نصر: ما بدا لهجرة وانسحابًا كان في حقيقته أعظم انتصار سياسي ودعوي للإسلام، حيث اعترفت قريش للمرة الأولى بالدولة الإسلامية ككيان سياسي متساوٍ معها في المفاوضة.
5- التضحية والامتثال لأمر الله: نحر الهدي وحلق الرأس كانا اختبارًا لمدى استعداد الصحابة للتضحية وتنفيذ أوامر القيادة حتى لو لم تكن

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الصلح (٢٧٠١) عن محمد بن رافع، حَدَّثَنَا سريج بن النعمان، حَدَّثَنَا فليح، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 507 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

📜 حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عنوان الحديث: خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية