حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

رد النبي ﷺ أبا جندل بن سهيل بن عمرو إلى أبيه سهيل

عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: فبينا رسول الله ﷺ يكتب الكتاب، إذا جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قد انفلت إلى رسول الله ﷺ قال: وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ خرجوا وهم لا يشكون في الفتح، لرؤيا رآها رسول الله ﷺ فلمّا رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل رسول الله ﷺ على نفسه، دخل الناس من ذلك أمر عظيم، حتَّى كادوا أن يهلكوا. فلمّا رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وقال: يا محمد! قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا. قال: «صدقت». فقام إليه فأخذ بتلابيبه. قال: وصرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟ قال: فزاد الناس شرًا إلى ما بهم، فقال رسول الله ﷺ: «يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهدًا، وإنا لن نغدر بهم».

حسن: رواه أحمد (١٨٩١٠) عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار، عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا فذكر الحديث بطوله.

عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: فبينا رسول الله ﷺ يكتب الكتاب، إذا جاءه أبو جندل بن سهيل بن عمرو في الحديد قد انفلت إلى رسول الله ﷺ قال: وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ خرجوا وهم لا يشكون في الفتح، لرؤيا رآها رسول الله ﷺ فلمّا رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل رسول الله ﷺ على نفسه، دخل الناس من ذلك أمر عظيم، حتَّى كادوا أن يهلكوا. فلمّا رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وقال: يا محمد! قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا. قال: «صدقت». فقام إليه فأخذ بتلابيبه. قال: وصرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟ قال: فزاد الناس شرًا إلى ما بهم، فقال رسول الله ﷺ: «يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا فأعطيناهم على ذلك وأعطونا عليه عهدًا، وإنا لن نغدر بهم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في قصة صلح الحديبية، الذي كان من أعظم الأحداث في السيرة النبوية، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحول الله وقوته.

أولاً. شرح المفردات:


● يَكْتُبُ الْكِتَابَ: أي يُملي شروط الصلح بينه وبين قريش.
● أَبُو جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: شاب مسلم كان أسيرًا عند قريش، وهو ابن سهيل بن عمرو الذي كان ممثل قريش في الصلح.
● فِي الْحَدِيدِ: يعني مقيدًا بالسلاسل والأغلال، لأنه هرب من الأسر.
● انْفَلَتَ: هرب وخرج خفية.
● لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ: اكتملت وتمت المسألة وحُسمت.
● تَلَابِيبِهِ: جمع تِلْباب، وهو مجمع ثيابه عند صدره أو رقبته، أي أمسك بثيابه بشدة.
● احْتَسِبْ: اطلب الأجر من الله على صبرك.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا هذا الحديث عن موقف مؤثر خلال توقيع صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة. فقد خرج النبي ﷺ وأصحابه لأداء العمرة، ولكن قريشًا منعتهم، فدخلوا في مفاوضات انتهت بصلح الحديبية.
وفي لحظة كتابة بنود الصلح، هرب أبو جندل بن سهيل - وكان مسلمًا مأسورًا عند قريش - مقيدًا بالحديد، وجاء إلى معسكر المسلمين ليحتمي بهم. وكان أبوه سهيل بن عمرو هو ممثل قريش في الصلح.
فلما رآه أبوه، غضب وقال للنبي ﷺ: "يا محمد، قد تم الصلح بيننا قبل أن يأتيك هذا!" فأقرَّه النبي ﷺ على ذلك قائلاً: "صَدَقْتَ"، فقام الأب وأمسك بابنه بشدة.
وهنا صرخ أبو جندل بأعلى صوته: "يا معشر المسلمين، أتردونني إلى المشركين بعد أن نجوت؟ أتسلمونني ليفتنوني عن ديني؟"
فازداد حزن الصحابة ﷺ الذين كانوا قد خرجوا متيقنين من النصر بفضل رؤيا النبي ﷺ (وهي رؤيا دخول المسجد الحرام آمنين)، فلما رأوا الصلح وبنوده التي فيها بعض الشروط التي ظاهرها الجور، مثل إعادة من يأتيهم من قريش مسلمًا، وعدم إعادة من يأتي المسلمين من قريش، دخلهم حزن شديد وكادوا ييأسون.
فنظر النبي ﷺ إلى أبي جندل وقال له كلمات تسلية وتصبير: "يا أبا جندل، اصبر واطلب الأجر من الله، فإن الله سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا. إنا قد عقدنا مع القوم صلحًا، وأعطيناهم عهدًا، ولا نغدر بهم".


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الوفاء بالعهد: النبي ﷺ يعلّمنا أن المسلم لا يغدر حتى لو كان في الظاهر مصلحة، فالعهود يجب أن تحترم.
2- الصبر على البلاء: sometimes تكون المصالح العامة مقدمة على المصالح الشخصية، وصبر أبي جندل كان سببًا في فتح كبير فيما بعد.
3- حكمة القيادة: النبي ﷺ كان يرى بعين النبوة ما لا يراه الصحابة، فكان الصلح في ظاهره مرًا ولكن عواقبه كانت خيرًا، مثل انتشار الإسلام واعتراف قريش بالدولة الإسلامية.
4- التأسّي بالأنبياء: النبي ﷺ ضحى بشروط ظاهرها قاسٍ من أجل مصلحة أعلى، وهذا من حكمته ﷺ.
5- الثقة بوعد الله: قوله ﷺ: "إن الله جاعل لك فرجًا ومخرجًا" يعلمنا أن بعد العسر يسرًا.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الصلح كان سببًا مباشرًا في فتح مكة لاحقاً، لأنه أعطى المسلمين فرصة لنشر الدعوة في فترة الهدنة.
- أبو جندل رضي الله عنه صبر، وبعد فترة تم تحريره، وكان من الشجعان.
- الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن.
نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين المحتسبين، وأن يفقهنا في سنن نبيه ﷺ.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٨٩١٠) عن يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار، عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا فذكر الحديث بطوله.
وذكره ابن هشام في سيرته (٢/ ٣٠٨) وفيه تصريح ابن إسحاق. وهذا دليل على أن الرواة تصرفوا في صيغ الأداء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 519 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

  • 📜 حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب