حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الوفاء بالعهد

عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجي أن أباه أخبر أن سراقة بن مالك رضي الله عنه أخبره أنه لما خرج النبي ﷺ مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش لمن رده مائة ناقة قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي جاء رجل فقال: والله لقد رأيت ثلاثة ركبة مروا علي آنفا والله إني لأظنه محمدا عليه السلام، قال: فأومأت إليه بعيني أن اسكت. قلت: إنما هم بنو فلان يبغون ضالة لهم، فقال: لعله وسكت، قال: فمكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي فأمرت بفرس فقيد إلى بطن الوادي وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي وأخذت سهامي التي أستقسم بها ثم لبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت فخرج سهم الذي أكره أن لا أضره وقد كنت أرجو أن أرده فآخذ المائة، قال: فركبت على أثره، قال: فبينا فرسي تشتد بي عثرت وسقطت عنها فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره أن لا أضره فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فلما بدا لي القوم ونظرت إليهم عثر بي فرسي وذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه فاستخرج يداه، وأتبعها دخان مثل الغبار، فعرفت أنه قد منع مني، وأنه ظاهر فناديتهم فقلت: انظروني فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال النبي ﷺ: «قل له ما تبغي؟» فقلت له: اكتب لي كتابا فكتبه ثم ألقاه إلي فسكت فلم أذكر شيئا مما كان فلما فتح رسول الله ﷺ مكة وفرغ من حنين خرج إليه ومعه الكتاب الذي كتبه له قال: فبينما أنا عامد له دخلت بين ظهراني كتيبة من كتائب الأنصار قال: فطفقوا يقرعوني بالرماح ويقولون: إليك إليك حتى دنوت إلى رسول الله ﷺ وهو على ناقة أنظر إلى ساقه في غرزة كأنها جمارة فرفعت يدي بالكتاب فقال النبي ﷺ: «اليوم يوم وفاء وبرادنه» قال: فأسلمت ثم انصرفت فسقت إلى النبي ﷺ صدقتي.

صحيح: رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١٠٢٩، ١٠٣٠) وابن أبي عمر العدني في مسنده - المطالب العالية (٩/ ٤٦٧) والطبراني في الكبير (٧/ ١٣٥، ١٣٤) كلهم من حديث عبد الرحمن بن مالك وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم، أن أباه أخبره، أنه سمع سراقة بن مالك فذكره.

عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجي أن أباه أخبر أن سراقة بن مالك ﵁ أخبره أنه لما خرج النبي ﷺ مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش لمن رده مائة ناقة قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي جاء رجل فقال: والله لقد رأيت ثلاثة ركبة مروا علي آنفا والله إني لأظنه محمدا ﵇، قال: فأومأت إليه بعيني أن اسكت. قلت: إنما هم بنو فلان يبغون ضالة لهم، فقال: لعله وسكت، قال: فمكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي فأمرت بفرس فقيد إلى بطن الوادي وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي وأخذت سهامي التي أستقسم بها ثم لبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت فخرج سهم الذي أكره أن لا أضره وقد كنت أرجو أن أرده فآخذ المائة، قال: فركبت على أثره، قال: فبينا فرسي تشتد بي عثرت وسقطت عنها فأخرجت قداحي فاستقسمت فخرج السهم الذي أكره أن لا أضره فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فلما بدا لي القوم ونظرت إليهم عثر بي فرسي وذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه فاستخرج يداه، وأتبعها دخان مثل الغبار، فعرفت أنه قد منع مني، وأنه ظاهر فناديتهم فقلت: انظروني فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال النبي ﷺ: «قل له ما تبغي؟» فقلت له: اكتب لي كتابا فكتبه ثم ألقاه إلي فسكت فلم أذكر شيئا مما كان فلما فتح رسول الله ﷺ مكة وفرغ من حنين خرج إليه ومعه الكتاب الذي كتبه له قال: فبينما أنا عامد له دخلت بين ظهراني كتيبة من كتائب الأنصار قال: فطفقوا يقرعوني بالرماح ويقولون: إليك إليك حتى دنوت إلى رسول الله ﷺ وهو على ناقة أنظر إلى ساقه في غرزة كأنها جمارة فرفعت يدي بالكتاب فقال النبي ﷺ: «اليوم يوم وفاء وبرادنه» قال: فأسلمت ثم انصرفت فسقت إلى النبي ﷺ صدقتي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث السيرة النبوية، يرويه الصحابي الجليل سراقة بن مالك رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي في دلائل النبوة، وغيرهما.

شرح المفردات:


● مهاجرًا: أي خارجًا من مكة إلى المدينة هربًا بدينه.
● نادي قومي: مجلسهم ومحل اجتماعهم.
● أومأت إليه بعيني: أشرت إليه بإشارة خفية.
● ضالة: ما ضاع من إبل أو غيرها.
● فرس فقيد: أي ربطته واستعدت به.
● بطن الوادي: وسط الوادي.
● لأمتي: دروعي وسلاحي.
● قداحي: سهام كانت تستخدم للاستقسام، أي لمعرفة الحظ أو القضاء والقدر.
● سهم الذي أكره: أي السهم الذي يدل على عدم النجاح في الأمر.
● عثرت: تعثرت وسقطت.
● يداه في الأرض: يدي الفرس غاصتا في الأرض.
● دخان مثل الغبار: غبار كثير ارتفع من مكان غوص يدي الفرس.
● منع مني: حمي الله النبي صلى الله عليه وسلم مني.
● ظاهر: أي منتصر بحماية الله.
● لا أريبكم: لا أخونكم ولا أسيء إليكم.
● كتابا: ورقة مكتوبة تكون له أمانًا.
● فرغ من حنين: بعد انتهاء غزوة حنين.
● كتيبة: جماعة من الجيش.
● يقرعوني بالرماح: يضربونني بها.
● غرزة كأنها جمارة: الغرز هي موضع ركوب الراكب، وشبهها بجمارة النخل لبياضها ونضارتها.
● وفاء وبر: أي يوم وفاء بالعهد وإحسان.

شرح الحديث:


يحكي سراقة بن مالك رضي الله عنه قصة لحاقه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وهما في طريقهما إلى المدينة مهاجرين، وذلك عندما جعلت قريش جائزة قدرها مائة ناقة لمن يرد النبي صلى الله عليه وسلم أو يقتله.
بدأ سراقة رضي الله عنه بمحاولة اللحاق بهم بعد أن أخبره أحد القوم برؤيتهما، فاستخدم سهام الاستقسام (وهي عادة جاهلية كانوا يستشيرون بها الأقدار) فخرج السهم الذي يدل على الفشل، لكنه أصر على اللحاق بهم طمعًا في الجائزة.
فلما اقترب منهم، عثر به فرسه وسقط، ثم عاد فكرَّ على أثره، فلما بدا له القوم ونظر إليهم، عثر الفرس again وغاصت يداه في الأرض حتى الركبتين، وارتفع غبار كالدخان، فعلم سراقة أن الله قد حمى نبيه منه، وأن الأمر ليس بيده، فاستسلم وأعلن نداء الأمان.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يسأله عن مراده، فطلب سراقة كتابًا (ورقة مكتوبة) يكون له أمانًا في المستقبل، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتابًا بأمانه.
ثم يروي سراقة كيف وفى النبي صلى الله عليه وسلم بوعده بعد فتح مكة، حيث جاءه سراقة بالكتاب، فاعترضه الأنصار ظنًّا منهم أنه يريد إيذاء النبي، فلما وصل إليه ورفع الكتاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليوم يوم وفاء وبر"، أي اليوم يوم الوفاء بالعهد والإحسان، فأسلم سراقة وحسن إسلامه.

الدروس المستفادة:


1- عناية الله بنبيه صلى الله عليه وسلم: حيث حماه من كيد الكائدين، وجعل الأرض تعجز فرس سراقة عن اللحاق به.
2- صدق الوحي والنبوة: فقد تحققت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء لسراقة بعد سنوات.
3- الوفاء بالعهد: وهو خلق عظيم ظهر في فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث وفى لسراقة رغم أنه كان يريد الشر به.
4- التأييد الإلهي: فإن معجزة غوص فرس سراقة في الأرض وارتفاع الغبار دليل على نصر الله لنبيه.
5- التوبة والرجوع إلى الله: فسراقة كان طالبًا للشر، فهداه الله وأسلم وحسن إسلامه.
6- عدم اليأس من رحمة الله: فسراقة كان من الطالبين للنبي صلى الله عليه وسلم بالأذى، فغفر الله له وقبل توبته.

معلومات إضافية:


- سراقة بن مالك رضي الله عنه أصبح بعد إسلامه من الصحابة الأخيار، وشارك في الغزوات، وكان من أعلام المسلمين.
- القصة تدل على أن الله قد يكتب الخير في أمرٍ ظاهره الشر، كما حدث لسراقة حيث كان طالبًا للجائزة فهداه الله إلى الإسلام.
- الحديث من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث وقعت المعجزة بحماية الله له، وتحقق وعده بعد سنوات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١٠٢٩، ١٠٣٠) وابن أبي عمر العدني في مسنده - المطالب العالية (٩/ ٤٦٧) والطبراني في الكبير (٧/ ١٣٥، ١٣٤) كلهم من حديث عبد الرحمن بن مالك وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم، أن أباه أخبره، أنه سمع سراقة بن مالك فذكره.
واللفظ لابن أبي عاصم. وأصله في الصحيح سبق ذكره في قصة الهجرة إلا أنه لم يذكر قصة حضور سراقة بن مالك إلى حنين.
ورواه الحميدي في مسنده (٢/ ٤٠١) عن سفيان قال: سمعت الزهري يخبر عن ابن سراقة، أو
ابن أخي سراقة، عن سراقة فذكره.
قال سفيان: هذا الذي حفظت عن الزهري واختلط عليَّ من أوله شيء، فأخبرني وائل بن داود عن الزهري بعض هذا الكلام، لا أخلص ما حفظت من الزهري، وما أخبرنيه وائل، قال سراقة، فذكر نحوه. وهذا إسناد صحيح أيضا، وقوله: وما أخبرنيه وائل، قال سراقة: القائل هو ابن أخي سراقة، لا وائل بن داود.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 746 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

  • 📜 حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب