حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
مرور النبي ﷺ بالحجر منازل ثمود
الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء».
حسن: رواه أحمد (١٨٠٢٩) والطبراني (٣٤٠/ ٢٢ - ٣٤١) والطحاوي في مشكله (٣٧٤١) كلهم من حديث المسعودي، عن إسماعيل بن أوسط، عن محمد بن أبي كبشة، فذكره، واللفظ لأحمد.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم له قصة وموقف، ودروس مستفادة كثيرة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم. وإسناده فيه كلام، لكن معناه صحيح ومشهور، وفيه عظة كبيرة.
### ثانياً. شرح المفردات
● غزوة تبوك: هي الغزوة التي خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك لقتال الروم.
● أهل الحجر: هم قوم صالح عليه السلام، وهم ثمود الذين كذبوا نبيهم، وعقرُوا الناقة، فمسخهم الله وجعل ديارهم عبرة.
● تسارع الناس: أي أسرعوا واجتمعوا لدخول ديارهم.
● الصلاة جامعة: نداء يجمع الناس للخطبة أو لأمر مهم.
● ممسك بعيره: أي ماسك ناقته.
● غضب الله عليهم: أي استحقوا غضب الله بعصيانهم.
● سددوا: من التَّسديد، وهو القصد في الأمور وعدم المغالاة، أو بمعنى استقاموا.
● لا يدفعون عن أنفسهم شيئاً: أي لا يستطيعون دفع العذاب أو البلاء.
### ثالثاً. شرح الحديث
كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، ومرّ الصحابة على ديار قوم ثمود (أهل الحجر) - وهي منازلهم القديمة - فدخلوا فيها يتفرجون ويتعجبون من آثارهم. فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، غضب ونادى بالصلاة جامعة ليجمع الناس وينهاهم عن ذلك.
وقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره (ناقته) ليخطب في الناس، وقال لهم: "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم؟"، أي كيف تدخلون على هؤلاء القوم الذين استحقوا غضب الله بعصيانهم وكفرهم؟!
فنادى أحد الصحابة متعجباً: "نعجب منهم يا رسول الله!"، أي أننا ندخل لنعجب من آثارهم وعقوبتهم.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك؟"، أي شيء أعجب من تعجبكم من هؤلاء؟ ثم بين لهم الأعجب وهو: "رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم"، وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، فهو من قريش وهو بشر مثلهم، لكن الله أوحى إليه فأخبره بأخبار الأمم السابقة، وأخبار المستقبل حتى قيام الساعة.
ثم أمرهم بأمرين عظيمين:
1- "فاستقيموا": أي الزموا الطاعة، واثبتوا على الدين.
2- "وسددوا": أي اقصدوا الطريق المستقيم، واعملوا العمل الصالح المتقن.
ثم حذرهم من التهاون بالطاعة فقال: "فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً"، أي أن الله لا يبالي بعذابكم إذا عصيتموه، لأنه قادر على أن يستبدل قوماً غيركم.
ثم أخبرهم بعلامة من علامات ضعف الإيمان في المستقبل، فقال: "وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئاً"، أي سيأتي أناس لا يستطيعون دفع البلاء أو العذاب عن أنفسهم بالطاعة أو الدعاء، لضعف إيمانهم وبعدهم عن الله.
### رابعاً. الدروس المستفادة من الحديث
1- تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من مجالسة العصاة أو الدخول على أماكن المعصية: حتى لو كانوا أمواتاً، فالدخول على أماكن الهلاك والعذاب قد يكون فيه تشبه بالكافرين أو استخفاف بعقوبة الله.
2- عظمة النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته: فهو يخبر عن الماضي والمستقبل بوحي من الله، وهذا من أعظم الأدلة على نبوته.
3- أهمية الاستقامة والتسديد في الدين: فالاستقامة على طاعة الله، والتسديد في العمل (أي عدم الغلو أو التفريط) هما سبيل النجاة.
4- التحذير من الغرور وكثرة الذنوب: فإن الله لا يبالي بعذاب العاصي إذا أصر على معصيته، وقد يعاقبه في الدنيا قبل الآخرة.
5- الإيمان بالغيب وأخبار المستقبل: فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور ستحدث، ومنها ضعف الإيمان في آخر الزمان حتى يصبح الناس عاجزين عن دفع البلاء.
خامساً:
معلومات إضافية مفيدة● أهل الحجر (ثمود): هم قوم صالح عليه السلام، وكانوا يسكنون الحِجْر (مكان بين المدينة وتبوك)، وقد أهلكهم الله بسبب كفرهم وعقرهم للناقة.
● الاستقامة والتسديد: هما من أعظم ما يُطلب من المسلم، كما في قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا" (رواه البخاري ومسلم).
● الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخبر بأمور الغيب: وهذا من خصائصه، وقد أخبر بأشياء كثيرة وقعت كما قال، مما يزيد المؤمنين يقيناً بنبوته.
أسأل الله أن يجعلنا من المستقمين على دينه، المتسددين في أقوالهم وأعمالهم، وأن يعيذنا من الغفلة والضلال.
والله أعلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل محمد بن أبي كبشة، ذكر ابن حبان بعض أوصافه، فالظاهر أنه عرفه، وذكر له من الرواة اثنين.
وقد حسّن إسناده أيضًا ابن كثير في البداية والنهاية (٧/ ١٦٥).
وأما المسعودي فهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة الكوفي اختلط في آخره، ولكن روى عنه جماعة منهم من روى عنه قبل الاختلاط.
وفي الباب أحاديث أخرى، انظر: أخبار نبي الله صالح عليه السلام.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 766 من أصل 1279 حديثاً له شرح
- 741 أعطاني رسول الله حتى صار أحب الناس إلي
- 742 أعطى رسول الله ﷺ أبا سفيان وصفوان وعيينة والأقرع مائة...
- 743 إن إخوانكم قد جاءونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد...
- 744 من تمسك بشيء من الفيء فله ستة فرائض
- 745 عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَهْوَ نَازِلٌ...
- 746 منع الله النبي ﷺ من سراقة بن مالك
- 747 اعتمر النبي أربع عمر كلهن في ذي القعدة
- 748 من جهز جيش العسرة فله الجنة
- 749 كان رسول الله قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها
- 750 ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم
- 751 وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ
- 752 ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا...
- 753 خروج النبي ﷺ يوم الخميس في غزوة تبوك
- 754 من يحمل رجلاً له سهمه
- 755 تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقُ أَعْمَالِي عِنْدِي
- 756 خذوا في أوعيتكم حتى ملؤوها وفضلت فضلة
- 757 كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء، قال: فدعا عليها، حتى ملأ...
- 758 اللهم احمل عليها في سبيلك القوي والضعيف والرطب واليابس
- 759 خرجوا إلى تبوك في قيظ شديد فأصابهم عطش حتى ظنوا...
- 760 أصحاب العقبة أربعة عشر ومنهم حرب لله ورسوله
- 761 أقبل عمار يضرب وجوه الرواحل
- 762 من سبقني إلى الماء لعنه الله
- 763 النبي ﷺ يدل على ناقته بعد أن أنكر المنافق نبوته
- 764 لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم
- 765 من اعتجن من هذه بئرهم شيئا فليلقه
- 766 لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
- 767 خير دور الأنصار دار بني النجار
- 768 خطب رسول الله يوم تبوك فقال: ما في الناس مثل...
- 769 تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك وصدقه مع النبي
- 770 أقام رسول الله بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة
- 771 هذا أحد جبل يحبنا ونحبه
- 772 إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا إلا كانوا معكم
- 773 تلقينا النبي ﷺ عند ثنية الوداع
- 774 لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين
- 775 كان ينهى عن الحرير فقال: لمناديل سعد بن معاذ في...
- 776 من يلبس ثياب الذهب في الدنيا يحرمها في الآخرة
- 777 لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان
- 778 اذهب فإن الله تعالى سيثبت لسانك ويهدي قلبك
- 779 من أحق بالخمس علي أم خالد؟
- 780 أفضل من وصيفة نصيب آل علي في الخمس
- 781 إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجر
- 782 من شاء أن يعقب مع علي فليعقب ومن شاء فليقفل
- 783 يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا
- 784 لا تنزل حتى يقتل
- 785 بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا
- 786 حرمة كل مسكر في الاسلام
- 787 ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن...
- 788 أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا
- 789 تدمير ذي الخلصة
- 790 كان بيت في الجاهلية يقال له: ذو الخلصة، والكعبة اليمانية،...
معلومات عن حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
📜 حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تدخلوا على قوم غضب الله عليهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








