بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

عن أبي موسى أن النبي ﷺ بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا».

متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٨) ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٣: ٧) كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي موسى أن النبي ﷺ بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله، وأن يرزقنا الفهم في دينه.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي ﷺ: «يسروا ولا تعسروا») ومسلم (كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير)، عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● بعثه ومعاذًا: أرسلهما رسول الله ﷺ قاضيين وداعيتين إلى اليمن.
● إلى اليمن: منطقة في جنوب الجزيرة العربية.
● يسرا: من التيسير، وهو ضد التعسير، ومعناه: سهلّا الأمور على الناس.
● ولا تعسرا: لا تصعبّا الأمور عليهم، ولا تشددّا.
● بشرا: أخبرا الناس بما يسرهم من بشارات الله وثوابه.
● ولا تنفرا: لا تسببّا نفور الناس من الدين بالوعيد الشديد والتهويل.
● وتطاوعا: تعاونا وتوافقا في الرأي والعمل.
● ولا تختلفا: لا تتعارضا ولا تتفرقا في الأمر.

ثانيًا. شرح الحديث:

يوجه النبي ﷺ في هذا الحديث توجيهاً خالداً لكل داعية ومعلم وقاضٍ ومسؤول، حيث يأمرهما بأمور أساسية في الدعوة والتعليم والحكم:
1- «يسرا ولا تعسرا»: هذا أمر بالتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم، وعدم التشديد في الأمور بما يجاوز حدود الشرع. وهو تطبيق لقاعدة الإسلام العظيمة {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. فيجب على الداعية أن يكون حريصاً على تيسير طريق الخير على الناس، لا أن يجعله شاقاً ومثقلًا فينفروا منه.
2- «بشرا ولا تنفرا»: هذا أسلوب حكيم في الدعوة، يقوم على الترغيب أكثر من الترهيب. فيبدأ الداعية ببشارة المؤمن بما أعده الله له من الثواب العظيم، ويذكر فضائل الأعمال وحلاوة الإيمان، ثم يذكر الوعيد للعاصي بعد ذلك بأسلوب حكيم يرغبه في التوبة، لا بأسلوب ينفره من الدين كله. فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها وكراهية من أساء إليها.
3- «وتطاوعا ولا تختلفا»: هذا أمر بالوحدة والائتلاف والتعاون على البر والتقوى، ونهي عن الاختلاف والفرقة. فاختلاف الداعيين أو الحاكمين أمام الناس يضعف هيبتهما ويشكك الناس في صدق دعوتهما ويؤدي إلى التفرق. والتعاون يزيد في القوة ويؤتي ثماره الطيبة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- التيسير ورفع الحرج من أصول الشريعة الإسلامية: وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، وعلى الدعاة والعلماء أن يكونوا mirrors reflects لهذه الرحمة.
2- الحكمة في الدعوة إلى الله: وهي من أعظم أسباب قبول الناس للحق، وذلك باستعمال أسلوب الترغيب والتبشير قبل الترهيب والإنذار.
3- أهمية الوحدة وعدم الاختلاف: خاصة بين العلماء والدعاة والعاملين في مجال الدعوة، لأن اختلافهم يشوه صورة الدين ويضعف تأثيره.
4- القدوة الحسنة في التعامل: فالداعية لا يدعو بقوله فقط، بل بسيرته وتعاونه مع زملائه ورفقته، فهذا من أقوى أسباب قبول دعوته.
5- الحديث قاعدة ذهبية في التربية والتعليم والإدارة: فهو ليس مقصوراً على الدعوة فقط، بل ينطبق على كل من يتولى أمراً من أمور الناس، كالمعلم والمدير والوالد.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يجمع جوامع الكلم، فقد أوصى النبي ﷺ بهاتين الشخصيتين الجليلتين (أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما) بوصية جامعة مانعة.
- كان النبي ﷺ القدوة في تطبيق هذا المبدأ، فما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.
- اليمن التي بُعثا إليها كانت فيها طوائف مختلفة من أهل الكتاب وغيرهم، فكانت وصيته ﷺ تناسب هذه البيئة المتنوعة.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الحكمة والرفق في الأمر كله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٨) ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٣: ٧) كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 785 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

📜 حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية