شرح لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما نسمع ونعلم.
هذا حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي لها تطبيقات كبيرة في واقع الأمة. وإليك الشرح المفصل له:
### أولاً. ترجمة الراوي ومتن الحديث
● الراوي: هو نفيع بن الحارث الثقفي، المشهور بكنيته أبي بكرة رضي الله عنه. كان من الصحابة الكرام، وقد أسلم عام فتح مكة.
● المناسبة: وقعت حادثة "الجمل" في زين خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بين فريق من المسلمين بقيادة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وطلحة والزبير رضي الله عنهما، من جهة، وبين فريق علي رضي الله عنه من جهة أخرى. وكانت فتنة عظيمة، تحير فيها الكثير من الصحابة في معرفة الموقف الصحيح.
● قوله: "لقد نفعني الله بكلمة...": يشير أبو بكرة إلى أن تذكره لهذا الحديث النبوي منعه من المشاركة في القتال في تلك الفتنة، فنجا بفضل الله ثم بهذه الكلمة النبوية.

---

ثانياً. شرح المفردات:

● أيام الجمل: هي الأيام التي وقعت فيها معركة الجمل بين الصحابة.
● كدت أن ألحق: كاد يقترب وهمّ بالانضمام.
● أصحاب الجمل: هم جيش السيدة عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم.
● أهل فارس: أي الفرس (الإمبراطورية الفارسية المجوسية).
● ملكوا عليهم بنت كسرى: جعلوا ابنة ملك الفرس (كسرى) حاكمةً وملكة عليهم.
● لن يفلح: لن ينجح أو ينجو أو يظفر بالخير والنجاح.
● ولوا أمرهم امرأة: جعلوا المرأة قائدةً لهم وحاكمةً عليهم، تتولى شؤون الحكم والقيادة العامة.

---

ثالثاً. شرح الحديث ومعناه:

1- المناسبة التاريخية للحديث:
بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن مجوس فارس -وهم كفار- قد عينوا ابنة كسرى (آخر ملوك الفرس) ملكة عليهم بعد موته. فعلق النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل بقوله: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة». وهذا تعليق على فعل الكفار، ولكنه يحمل حكماً شرعياً عاماً.
2- معنى "الفلاح":
الفلاح هو الفوز والنجاح والنجاة في الدنيا والآخرة. وهو يشمل النجاح في التدبير، والظفر في الأمور، والعاقبة الحميدة.
3- معنى "ولاية الأمر":
المقصود بـ "أمرهم" هنا هو الولاية العامة على الأمة، وهي أعلى منصب قيادي يتعلق بالحكم والسياسة الشرعية، وإدارة شؤون الدولة، وقيادة الجيوش، وإقامة الحدود، ونحو ذلك. وهي ما تسمى بـ "الإمامة الكبرى" أو "الخلافة".
4- الحكم الشرعي المستفاد:
هذا الحديث أصل من أصول أهل السنة والجماعة في منع المرأة من تولي منصب القضاء الأعلى (الخلافة أو الرئاسة العامة) للدولة الإسلامية. وهذا بإجماع العلماء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن القوم الذين يفعلون ذلك لن يفلحوا، والخبر النبوي لا يكون إلا حقاً.
5- هل هذا يعني انتقاصاً من قدر المرأة؟
كلا،绝对不是. فالمسألة ليست نقصاً في عقل المرأة أو دينها، ولكنها مسألة تكليف وتخصص. فالشريعة الإسلامية قسمت الأدوار بين الرجل وال woman بما يحقق مصلحة المجتمع. فكما أن الرجل لا يصلح لأن يكون حاملاً ووالداً، فإن المرأة – بحكم تكوينها النفسي والجسدي – لا تصلح لهذه المهمة الشاقة التي تحتاج إلى خشونة وقوة واختلاط دائم بالرجال، مما قد يعرضها للمفاسد وينقص من حيائها. وقد كرم الإسلام المرأة في أدوارها العظيمة كأم ومربية وزوجة، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات.

---

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب التمسك بالسنة النبوية: فقد نجا أبو بكرة رضي الله عنه من الفتنة بفضل تمسكه بكلمة سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم. فالسنة هي النور والنجاة.
2- تحريم تولي المرأة للرئاسة العامة: وهذا حكم شرعي مجمع عليه، ومن خالف فيه فقد خرج عن إجماع الأمة.
3- الفرق بين الولاية العامة والولايات الأخرى: الحديث خاص بالولاية العظمى (رئاسة الدولة). أما ولاية المرأة في مجالات أخرى كالتجارة، أو التعليم، أو إدارة المؤسسات الخاصة، أو حتى توليها ministerial منصباً وزارياً (تحت إمرة ولي أمر رجل) فقد اختلف العلماء فيها، والأكثر جوازاً بشروط.
4- ذم تقليد أعداء الله: فإن الفرس كانوا مجوساً، وقد علق النبي على فعلهم هذا بالذم، فكيف بمن يقلدهم من المسلمين؟!
5- الحكمة من المنع: لحماية المرأة وصونها، ولتحقيق المصلحة العامة للأمة التي تحتاج في قيادتها إلى صفات تتناسب مع طبيعة الرجل.

---

خامساً:

تنبيه مهم:
- هذا الحديث لا يعني منع المرأة من المشاركة في الحياة العامة، أو منعها من العمل، أو الاستفادة من رأيها ومشورتها. فقد كانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يشهدن الجماعة والجمعة، ويخرجن للجهاد لمداواة الجرحى، ويسألن عن أمور دينهن، بل甚至 خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها لقيادة جيش في فتنة الجمل بدافع التأويل وطلب الإصل