حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كتاب النبي ﷺ إلى المقوقس حاكم مصر

عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن رسول الله ﷺ بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، يعني بكتابه معه إليه، فقَبَّلَ كتابه وأكرم حاطبا، وأحسن نزله، ثم سرحه إلى رسول الله ﷺ، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة شهباء بسرجها وجاريتين، إحداهما أم إبراهيم، وأما الأخرى فوهبها لجهم بن قيس العبدري، وهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر.

صحيح: رواه الطحاوي في شرح المشكل (٢٥٧٠، ٤٣٤٩)، وابن عبد الحكم في الفتوح (ص ٦٤) كلاهما من حديث عبد الله بن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: حدثني
عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، فذكره.

عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن رسول الله ﷺ بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، يعني بكتابه معه إليه، فقَبَّلَ كتابه وأكرم حاطبا، وأحسن نزله، ثم سرحه إلى رسول الله ﷺ، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة شهباء بسرجها وجاريتين، إحداهما أم إبراهيم، وأما الأخرى فوهبها لجهم بن قيس العبدري، وهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الحديث الذي رواه عبد الرحمن بن عبد القاري -رضي الله عنه- يروي قصة بعث النبي ﷺ لحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس عظيم القبط في مصر، وهو من الأحاديث التي تُظهر جانبًا من الدبلوماسية النبوية والحكمة في الدعوة إلى الإسلام.

أولاً. شرح المفردات:


● بعث: أرسل.
● المقوقس: هو جورج بن مينا، وكان عظيم القبط (المسيحيين) في مصر تحت حكم الروم.
● الإسكندرية: مدينة في شمال مصر.
● قَبَّلَ كتابه: قبل الكتاب احترامًا وتعظيمًا لشأن المرسِل.
● أكرم حاطبًا: أحسن استقباله وضيافته.
● أحسن نزله: هيأ له مكان إقامة جيد.
● سرحه: أطلق سراحه وأعاده.
● كسوة: ثياب فاخرة هدية.
● بغلة شهباء: بغلة بيضاء اللون.
● جاريتين: أمتين.


ثانيًا. شرح الحديث:


1- السياق التاريخي:
كان النبي ﷺ يرسل الرسل والكتب إلى ملوك العالم وزعمائه يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم المقوقس حاكم مصر.
2- قبول الكتاب وإكرام المبعوث:
قبل المقوقس كتاب النبي ﷺ احترامًا، وأكرم حاطبًا، مما يدل على تقديره لشخصية الرسول ﷺ ورسالته، وإن لم يسلم.
3- الهدايا الرمزية:
أهدى المقوقس لرسول الله ﷺ هدايا ثمينة، منها:
● كسوة: كعلامة على التبجيل.
● بغلة شهباء: وهي من المركبات النفيسة في ذلك الوقت.
● جاريتان: إحداهما مارية القبطية -أم إبراهيم ابن النبي ﷺ- التي أصبحت من أمهات المؤمنين، والأخرى وهبها النبي ﷺ لأحد أصحابه.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- حكمة النبي ﷺ في الدعوة:
إرسال الرسل إلى الزعماء يدل على عالمية الدعوة الإسلامية وشمولها لكل الناس.
2- أهمية الدبلوماسية في الإسلام:
تعامله ﷺ مع غير المسلمين بالحكمة واللباقة، وإرسال المبعوثين يدل على مشروعية التواصل السلمي مع غير المسلمين.
3- قبول الهدايا من غير المسلمين:
قبول النبي ﷺ هدية المقوقس يدل على جواز قبول هدايا غير المسلمين إذا لم تكن محرمة.
4- مكانة المرأة في الإسلام:
مارية القبطية -رضي الله عنها- أصبحت من أمهات المؤمنين، مما يدل على تكريم الإسلام للمرأة regardless من أصلها أو دينها السابق.
5- بركة الدعوة الإسلامية:
من بركات هذه البعثة أن دخلت مارية -رضي الله عنها- في الإسلام وأنجبت إبراهيم ابن النبي ﷺ.


رابعًا. فوائد إضافية:


● حاطب بن أبي بلتعة من الصحابة الكرام، وكان من كتاب النبي ﷺ.
● مارية القبطية -رضي الله عنها- كانت من أسباب انتشار الإسلام في مصر.
- المقوقس لم يسلم، لكنه قابل الدعوة باحترام، وهو نموذج للتعايش السلمي.


الخلاصة:


هذا الحديث يظهر جانبًا من سيرة النبي ﷺ الدعوية والدبلوماسية، ويؤكد على أهمية الحكمة واللباقة في التعامل مع الآخر، حتى لو اختلفت العقيدة. وفيه أيضًا إشارة إلى تكريم الإسلام للمرأة وقبول الهدايا من غير المسلمين إذا خلت من المحذور الشرعي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطحاوي في شرح المشكل (٢٥٧٠، ٤٣٤٩)، وابن عبد الحكم في الفتوح (ص ٦٤) كلاهما من حديث عبد الله بن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: حدثني
عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، فذكره. واللفظ للطحاوي.
ورواه البيهقي في دلائل النبوة (٤/ ٣٩٥) من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا الزهري به.
وإسناده صحيح إلى عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، وهو مختلف في صحبته، وقد ذكر ابن حجر في الإصابة أنه أتي به إلى النبي ﷺ، وهو صغير فمسح على رأسه.
وقال الطحاوي عقب الحديث: «وإنما أدخلنا هذا الحديث في هذا الباب؛ لأن عبد الرحمن ابن عبد القاري ممن ولد في زمن النبي ﷺ، ويقال: إنه قد رآه، فدخل بذلك في صحابته ﷺ» أهـ.
وأما نص الرسالة فهو كما يلي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بداعية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم القبط، ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٦٤].
أخرجه الزبير بن بكار كما في منتخب كتاب أزواج النبي ﷺ، قال: ثني محمد بن حسن، عن محمد بن طلحة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه، وعن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن حارثة بن النعمان، أن رسول الله صلى الله عليه لما رجع من الحديبية سنة ست بعث ستة نفر، ثلاثة مصطحبين، حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، وشجاع بن وهب إلى الحارث ابن أبي شمر، ودحية الكلبي إلى قيصر، فخرجوا حتى انتهوا إلى وادي القرى، فسلك حاطب إلى المقوقس بكتاب من رسول الله ﷺ فيه.
وذكره أيضا الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٤٢١ - ٤٢٢) عن الواقدي نحوه وقال:
خرج به حاطب حتى قدم الإسكندرية، فلما دخل عليه، قال: اعلم أنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به، ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك، اعلم أن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه، وهو الإسلام، الكافي به الله ما سواه، إن هذا النبي ﷺ دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له يهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى، إلا كبشارة عيسى بمحمد ﷺ، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكل نبي أدرك قوما، فهم من أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدركه هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، بل نأمرك به.
فقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فرأيته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب عنه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبأ، والإخبار بالنجوى، وسأنظر في ذلك، وأخذ كتاب النبي ﷺ فجعله في حق من عاج،
وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية، فكتب إلى النبي ﷺ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وبغلة لتركبها، والسلام عليك.
ودفع الكتاب إلى حاطب، وأمر له بمائة دينار، وخمسة أثواب، وقال له: ارجع إلى صاحبك، ولا تسمع منك القبط حرفا واحدًا، فإن القبط لا يطاوعوني في اتباعه، وأنا أضن بملكي أن أفارقه، وسيظهر صاحبك على البلاد، وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده، فارحل من عندي. قال: فرحلت من عنده، ولم أقم عنده إلا خمسة أيام، فلما قدمت على رسول الله ﷺ، ذكرت له ما قاله لي، فقال: «ضن الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه». وفي بعض فقراته غرابة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1277 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

  • 📜 حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بعث رسول الله ﷺ حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب