حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب أمرُ العالم أن يحدِّث النّاس بما يفهمون
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١٢٨)، ومسلم في الإيمان (٣٢) كلاهما عن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدّثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدّثنا أنس بن مالك، فذكر مثله.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسوله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال: «يا معاذ!» قال: لبيك رسول الله! وسعديك. قال: «يا معاذ!» قال: لبيك رسول الله! وسعديك. قال: «يا معاذ!» قال: لبيك رسول الله! وسعديك. قال: «ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله إلا حرَّمه الله على النار». قال: يا رسول الله! أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: «إذًا يتكلوا». فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا.
شرح المفردات:
* رديفه على الرحل: الرَّديف هو الراكب خلف الراكب على الدابة. والرَّحل هو الشيء الذي يوضع على ظهر الدابة للركوب، أي كان معاذ رضي الله عنه راكباً مع النبي صلى الله عليه وسلم على نفس الدابة.
* لبيك رسول الله وسعديك: "لبيك" إجابة معنوية حاضرة، وأصلها "إلباباً بعد إلباب" أي إجابة بعد إجابة، وهي تدل على الاستعداد التام والامتثال. و"سعديك" من المساعدة، أي أساعدك بكل ما أستطيع. فهي صيغة تفيد التأكيد على الطاعة والاستعداد التام.
* يستبشروا: يفرحوا ويسروا بهذا الخبر العظيم.
* يتكلوا: أي يعتمدوا على هذا الوعد ويتركوا العمل، فيقصرون في الطاعات ويتهاونون في أداء الواجبات.
* تأثمًا: خوفاً من الإثم إن كتم هذا العلم، أو خشية من أن يكون في كتمانه معصية لله تعالى.
المعنى الإجمالي للحديث:
يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن موقف مؤثر، كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم مسافراً ومعه صحابيه الجليل معاذ بن جبل راكباً خلفه. وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يلفت انتباه معاذ إلى أمر عظيم، فناداه باسمه ثلاث مرات، وكان معاذ في كل مرة يجيب بأعلى درجات الأدب والاستعداد للسمع والطاعة.
ثم بين له النبي صلى الله عليه وسلم فضلاً عظيماً من فضائل كلمة التوحيد، وهي أن أي عبد يقول "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله" إيماناً صادقاً ويقيناً خالصاً، موافقاً قلبه لسانه، فإن هذه الشهادة تكون سبباً في حرمة دخوله النار وإنقاذه منها.
فرح معاذ بهذا الخبر العظيم، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبشر الناس به ليفرحوا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك؛ خشية أن يسمع بعض الناس هذا الوعد فيتكل عليه ويترك العمل الصالح، معتقداً أن مجرد النطق بالشهادة يكفيه لدخول الجنة بغض النظر عن أفعاله. فامتثل معاذ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وكتم هذا الحديث طيلة حياته، ولكنه أخبر به عند موته؛ لأنه لم يعد هناك خوف من أن يتكل الناس، وخشي من الإثم إن هو مات وهو كاتم لهذا العلم.
الدروس المستفادة والفوائد العظيمة:
1- عظم فضل كلمة التوحيد: الحديث يبين المكانة السامية والمنزلة العظيمة لكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" عندما تؤدى بشروطها، فهي المفتاح الحقيقي للجنة والنجاة من النار.
2- اشتراط الإخلاص والصدق: النجاة من النار ليست لمجرد النطق باللسان، بل لابد أن يقترن النطق بالإيمان والتصديق الجازم في القلب، والعمل بمقتضاها. فمن نطق بها وعمل بمعناها، واجتنب ناقضاتها، فهو الذي ينال هذا الوعد.
3- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية: منع النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً من إخبار الناس بهذا الفضل العظيم حكمة بالغة، وعلماً منه بنفوس بعض الناس التي قد تتكل على الفضل الإلهي وتترك الجد والاجتهاد في العمل. فهو يعلم أن التوكل على الوعد دون عمل هو منفذ للهلاك.
4- ضرورة الجمع بين الخوف والرجاء: على المسلم أن يجمع في قلبه بين رجاء رحمة الله ووعده، وخوفه من عقابه. فلا يغلب جانب الرجاء فيتكل ويترك العمل، ولا يغلب جانب الخوف فيقنط من رحمة الله.
5- أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم: يتجلى في رد معاذ رضي الله عنه "لبيك رسول الله وسعديك" أعلى درجات الأدب والاحترام والاستعداد لسماع أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
6- حرص الصحابة على نفع الأمة: حرص معاذ على إبلاغ الناس ليفرحوا، وعند موته أخبرهم لينتفعوا، وهذا من غاية حرصه على الخير لأمته.
7- جواز كتمان العلم لمصلحة: يجوز للعالم أن يكتم بعض العلم عن العامة إذا رأى في نشره مفسدة أو فهمًا خاطئاً، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا. وهذا من فقه الدعوة ومراعاة الأحوال.
خاتمة:
هذا الحديث من أعظم البشائر للمؤمنين، وهو يزرع في القلب محبة الله وشكره على هذه النعمة العظيمة، ويحفز العبد على تجديد إيمانه وتصحيح نيته، مع الاستمرار في العمل الصالح والابتعاد عن المعاصي، حتى يلقى الله وهو على حال يحبها ويرضاها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقد ثبت عن علي بن أبي طالب أنهّ كان يقول: أيّها النّاس، أتريدون أن يُكذّب اللَّه ورسوله، حدّثوا النّاس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون.
وفي لفظ: حدِّثوا النّاس بما يعرفون، أتُحبّون أن يُكذّب اللَّه ورسولُه.
أخرجه البيهقيّ في «المدخل» (٦١٠)، واللّفظ الثاني ذكره البخاريّ في الترجمة باب العلم (١٢٧).
وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغ عقولهم إلّا كان لبعضه فتنة. رواه البيهقيّ في «المدخل» (٦١١).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 74 من أصل 207 حديثاً له شرح
- 49 نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه
- 50 نضَّر اللَّهُ امرءًا سمع مقالتي فحفظها وبلَّغها
- 51 نضر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم أدّاها
- 52 ثلاث لا يُغِل عليهن صدر مسلم
- 53 نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فحملها
- 54 نضر الله امرأ سمع مقالة فوعاها
- 55 أطلقتَ نساءَك؟ قال: «لا». فقلت: اللَّه أكبر.
- 56 كان إذا سلَّم سلَّم ثلاثًا وإذا تكلَّم بكلمة أعادها ثلاثًا
- 57 ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي
- 58 إذا تكلّم رسول الله تكلّم ثلاثًا لكي يُفهم عنه
- 59 ما من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا...
- 60 لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه
- 61 لن نكتبكم ولن نجعله قرآنا
- 62 احفظ كما حفظنا عن رسول الله ﷺ
- 63 إن الله حبس عن مكة القتل وسلط عليها رسوله والمؤمنين
- 64 ما من أصحاب النبي أحد أكثر حديثًا عنه مني
- 65 الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه
- 66 لا يقتل مسلم بكافر
- 67 إذن النبي لعبد الله بن عمرو أن يكتب عنه
- 68 اكتب كل ما تسمع مني في الرضا والغضب
- 69 على رأس مائة سنة لا يبقى على الأرض أحد
- 70 من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئًا سمعه مني
- 71 ابسط رداءك أسمع منك حديثًا كثيرًا أنساه
- 72 لو بثثته قُطع هذا البلعوم
- 73 مثل الذي يتعلم العلم ولا يتحدث به
- 74 يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا...
- 75 إذا رأت المرأة الماء فلتغتسل
- 76 نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في...
- 77 لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم
- 78 ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوا
- 79 التحديث عن بني إسرائيل
- 80 يحدِّثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح
- 81 التحديث بالاسرائيليات
- 82 حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج
- 83 أمرني رسول الله فتعلّمت كتاب يهود
- 84 سلوا الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع
- 85 اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع
- 86 يتعوذ النبي من علم لا ينفع ودعاء لا يسمع
- 87 أعوذ بك من قول لا يسمع وعمل لا يُرفع وقلب...
- 88 اللَّهم انفعني بما علمتني وعلّمني ما ينفعني
- 89 إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث
- 90 إن مما يلحق المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته
- 91 خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث ولد صالح يدعو...
- 92 يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة
- 93 ما يقعدكم؟ صلينا ثم قعدنا نتذاكر كتاب الله وسنة نبيه
- 94 لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء
- 95 لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال
- 96 لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف
- 97 لم يُقَصّ في زمن النبي ولا أبي بكر ولا عمر...
- 98 إذا سمعتم الحديث عني تعرفُه قلوبُكم وتلينُ له أشعارُكم
معلومات عن حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
📜 حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يا معاذ ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله إلا حرمه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








