حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جمعُ عثمان الناسَ على مصحف واحد

عن أنس أن عثمان دعا زيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاص،
وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا ذلك.

صحيح: رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٠٦) عن عبد العزيز بن عبد اللَّه، حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس، فذكره.

عن أنس أن عثمان دعا زيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاص،
وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا ذلك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا حدثًا عظيمًا من أحداث جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو حدث له دلالاته وعظاته الكبيرة.

أولاً. شرح المفردات:


* عثمان: هو أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين.
* دعا: استدعى وطلب الحضور.
* زيد بن ثابت: هو الصحابي الجليل، كاتب الوحي، وهو من الأنصار.
* عبد الله بن الزبير: الصحابي الجليل، ابن أسماء بنت أبي بكر والزبير بن العوام.
* سعيد بن العاص: الصحابي الجليل، من سادات قريش.
* عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: الصحابي الجليل، من المهاجرين.
* نسخوها: كتبوها واستنسخوها من الصحف التي كانت محفوظة عند حفصة بنت عمر رضي الله عنها، والتي جمعها أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
* المصاحف: جمع مصحف، وهو الكتاب الذي جمع بين دفتيه القرآن الكريم.
* الرهط القرشيين الثلاثة: هم عبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
* بلسان قريش: بلغتهم ولهجتهم العربية الفصيحة.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الخليفة عثمان بن عفان، لما رأى اختلاف الناس في القراءة بسبب دخول الأعاجم في الإسلام وانتشار الإسلام في أقطار شتى، جمع لجنة من كبار الصحابة لنسخ المصاحف وإرسالها إلى الأمصار.
* تشكيل اللجنة: اختار عثمان رضي الله عنه أربعة من كبار الصحاة وهم:
1- زيد بن ثابت الأنصاري: وكان شابًا فطنًا، كاتب الوحي، وهو حافظ للقرآن ومتقن له، وقد شارك في جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق. وكان اختياره لكونه من أكثر الناس حفظًا وضبطًا للقرآن.
2- ثلاثة من قريش: وهم عبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وهم من فصحاء قريش وبلغائها.
* التكليف والشرط: أوصى عثمان الرهط القرشيين الثلاثة قائلاً: إذا اختلفتم مع زيد بن ثابت في كتابة كلمة من القرآن، فاكتبوها بلسان قريش (أي على اللهجة القرشية الفصيحة)، لأن القرآن نزل بلغتهم. وهذا شرط حكيم جدًا، فهو يجمع بين أمرين:
1- الضبط والحفظ: ممثلاً في زيد بن ثابت الذي كان مرجعًا في حفظ القرآن.
2- الفصاحة واللغة: ممثلاً في فصحاء قريش الذين هم أعلم الناس بلهجة القرآن الأصلية التي نزل بها.
وهذا يدل على حرص عثمان رضي الله عنه على الدقة المتناهية، فلم يكتف بحافظ واحد، بل جعل الأمر قائمًا على التشاور والتراجع إلى الأصل اللغوي للقرآن.
* النتيجة: "ففعلوا ذلك"، أي أنهم نسخوا المصاحف وفق هذه القاعدة الذهبية، ثم أرسلها عثمان إلى الأمصار (مكة، الشام، اليمن، البحرين، البصرة، الكوفة) وأمر بإحراق كل مصحف يخالفها، فحفظ الله تعالى القرآن من التحريف والاختلاف.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عناية الأمة بالقرآن الكريم: يظهر هذا الحديث مدى العناية الفائقة التي أولها الصحابة رضوان الله عليهم لكتاب الله حفظًا وكتابة وتوحيدًا للنسخ.
2- الحكمة والروية في حل المشكلات: لم ينتظر عثمان رضي الله عنه حتى ينتشر الاختلاف، بل بادر بحل جذري وحكيم لمنع الفرقة بين المسلمين.
3- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله: جمع عثمان بين اختيار أكفأ الناس (السبب البشري) والتوجيه بمراعاة أصل نزول القرآن (السبب الشرعي) ثم نفذوا الأمر متوكلين على الله.
4- احترام التخصص: فقد جمع اللجنة بين متخصص في الحفظ والضبط (زيد) ومتخصصين في اللغة والفصاحة (فصحاء قريش).
5- وحدة الأمة: كان الهدف الأسمى من هذا العمل هو الحفاظ على وحدة الأمة ومنع التفرق في كتاب الله، وهو درس عظيم في تقديم المصلحة العامة.
6- إجماع الأمة على صحة مصحف عثمان: إن المصاحف التي بين أيدينا اليوم هي نسخة من تلك المصاحف العثمانية التي تم نسخها بهذه الدقة، وقد أجمعت الأمة على صحتها وقبولها.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا العمل يسمى "جمع عثمان للمصحف" أو "توحيد المصاحف"، ويميزه عن "جمع أبي بكر" الذي كان بهدف جمع القرآن في مكان واحد بعد استشهاد الكثير من الحفاظ في حروب الردة.
* لم يكن الاختلاف الذي خشيه عثمان اختلافًا في النص نفسه، بل كان اختلافًا في اللهجات وطرق الأداء (القراءات) التي كانت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فخشي أن يتحول هذا الاختلاف المشروع إلى فرقة وضلال.
* بقيت القراءات المتواترة الصحيحة التي نزل بها القرآن معروفة ومحفوظة عن طريق الرواية والعلم، ولكن الكتابة في المصحف كانت بالرسم العثماني الذي يتسع لهذه القراءات جميعًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٠٦) عن عبد العزيز بن عبد اللَّه، حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أنس، فذكره.
ورواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٨٤) من طريق آخر عن أنس، وفيه: «قال لهم عثمان: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش».
وكان سعيد بن العاص بن أمية الأموي أعرب الناس وأشبههم بلهجة رسول اللَّه ﷺ، فأمر عثمان زيد بن ثابت أن يستعين به في الإملاء، ولم يختلف زيد وسعيد في شيء إلا في حرف واحد في سورة البقرة فقال أحدهما: «التابوت» وقال الآخر: «التابوة»، فاختير قراءة زيد لأنه كان كاتب الوحي.
خلاصة القول: إن تدوين القرآن مرَّ بثلاث مراحل:
الأوّلى: لقد تمت كتابة القرآن الكريم في حياة النبي ﷺ في أجزاء متفرقة وفق القراءة العامة التي كان يعلّمها النبي ﷺ أصحابه دون الأحرف الأخرى التي رخّص اللَّه فيها قراءة القرآن تيسيرا على الناس؛ فإن من البدهي أن النبي ﷺ كان يملي على كُتّاب الوحي ما نزل عليه من القرآن على حرف واحد معروف لدى أصحابه الذين كانوا قريبين منه، بخلاف التعليم، فإنه ﷺ كان يُعلّم من جاء إلى المدينة من قبائل مختلفة بحرف معروف عندهم من الأحرف السبعة (اللهجات السبع) المعروفة بجزيرة العرب، وقد يحضر هذا المجلس من هو من أهل المدينة، فيكون عنده أيضًا حرف آخر، ومن ثم كتب بعض الصحابة ما كان عنده من القرآن على أحرف أخرى، ولم يفارق النبي ﷺ دنياه إلا بعد ما اطمأنّ على أن ما في صدور الناس هو مثل ما في صدره وما في الألواح المكتوبة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 53 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

  • 📜 حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اكتبوا القرآن بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب