صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي ﷺ قال: «صُمْ من الشهر ثلاثة أيام» قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: «صُمْ يومًا وأَفْطرْ يومًا» فقال: «اقرأ القرآن في كل شهر» قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: «في ثلاث».

صحيح: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٧٨) عن محمد بن بشار، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن مغيرة، قال: سمعت مجاهدًا، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 1978) عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهو من الأحاديث التي تُظهر رحمة النبي ﷺ وتيسيره على أمته، وحكمته في التعامل مع مختلف الطبائع والهمم.

أولاً. شرح المفردات:

● صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: أي تناول صيام ثلاثة أيام في كل شهر.
● أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ: أي لديّ القدرة والهمة على صيام أكثر من ذلك.
● فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: استمر النبي ﷺ في النزول به إلى ما هو أيسر حتى وصل إلى الحد الأعلى المناسب.
● صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا: وهو صوم يوم وإفطار يوم، ويُعرف بصوم النبي داود عليه السلام.
● اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ: أي ختم القرآن كاملاً مرة واحدة في كل شهر.
● فِي ثَلَاثٍ: أي اختم القرآن في كل ثلاثة أيام (أي عشرين يوماً تقريباً في الشهر).

ثانياً. شرح الحديث:

يحكي عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قصته مع النبي ﷺ، حيث جاءه طالباً للعبادة بجد ونشاط، فأرشده النبي ﷺ أولاً إلى صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهي صيام البيض (13، 14، 15) أو أي ثلاثة أيام، وهي عبادة مستحبة. لكن عبد الله بن عمرو كان شاباً قوياً نشيطاً فأخبر النبي أنه يطيق أكثر من ذلك. فاستمر النبي ﷺ ينزل به gradually إلى أن وصل إلى صوم يوم وإفطار يوم، وهو أفضل الصيام بعد صوم رمضان، كما في حديث آخر: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ؛ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» (متفق عليه).
ثم انتقل النبي ﷺ إلى موضوع آخر وهو ختم القرآن، فأمره أن يختم القرآن في كل شهر (أي مرة واحدة)، فقال عبد الله: إني أطيق أكثر. فما زال النبي ﷺ ينزل به حتى قال: في كل ثلاثٍ (أي يختم كل ثلاثة أيام). وهذا أقصى ما أذن به النبي ﷺ في ختم القرآن، وقد نَهى عن ختمه في أقل من ثلاث كما في حديث: «لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» (رواه أبو داود والترمذي).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- حكمة النبي ﷺ ومراعاته للفروق الفردية: لم يزجر عبد الله بن عمرو على حماسه، بل قابله بالتدرج والتيسير، مما يعلّم الدعاة والمعلمين كيفية التعامل مع مختلف الناس.
2- خير العمل أدومه وإن قل: النبي ﷺ كان يريد لعبد الله أن يداوم على العبادة دون ملل أو كلل، فالأفضل العمل القليل الدائم من الكثير المنقطع.
3- النهي عن التشدد في العبادة: التشدد والغلو في العبادة قد يؤدي إلى الملل أو العجز، فينقطع الإنسان عنها بالكلية.
4- الجمع بين الصيام وتلاوة القرآن: في الحديث إشارة إلى أهمية الجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين، فهما من أعظم القربات.
5- ضرورة التفقه في القرآن وعدم هذره: تحديد ختم القرآن في ثلاث يمنع من هذره بلا تدبر أو فهم، تحقيقاً لقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29].

رابعاً. معلومات إضافية:

● موقف النبي ﷺ النهائي: في رواية أخرى في الصحيحين، لما بلغ النبي ﷺ تشدد عبد الله بن عمرو في الصيام قال له: «صم من كل عشرة أيام يوماً» فقال: إني أجد بي قوة. قال: «فصم صوم داود». ثم قال: «إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر». فكان كما قال النبي ﷺ، حيث ندم عبد الله في كبره على كثرة صيامه وشقّه على نفسه، وقال: "يا ليتني قبلت رخصة رسول الله ﷺ".
● فضل صوم داود: هو صوم نصف الدهر، وهو من أفضل النوافل، وقد مدحه النبي ﷺ كما سبق.
● ختم القرآن في ثلاث: هو أسرع ما ورد به الشرع في ختم القرآن، والأفضل أن لا ينقص عن ذلك حتى لا يفوّت التدبر.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الصوم (١٩٧٨) عن محمد بن بشار، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن مغيرة، قال: سمعت مجاهدًا، عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
وقوله: «في سبع» ثم «في ثلاث» يحمل على وقتين مختلفين، ثم استقر الأمر على ثلاث لأن
من قرأ القرآن في أقل من ثلاثة أيام لم يفقه كما في الحديث الآتي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 56 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

📜 حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صم يومًا وأفطر يومًا واقرأ القرآن في كل شهر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية