حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)﴾

عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة فقال: أرأيت قول اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ فواللَّه ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يا ابن اختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوّف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول اللَّه ﷺ عن ذلك، قالوا يا رسول اللَّه، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل اللَّه تعالى: الآية. قالت عائشة ﵂: وقد سن رسول اللَّه ﷺ الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم، يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر اللَّه تعالى الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول اللَّه كنا
نطوف بالصفا والمروة، وإن اللَّه أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الآية. قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن اللَّه تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٤٣) ومسلم في الحج (٢٦١: ١٢٧٧) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهري، يحدث عن عروة بن الزبير، يقول: سألت عائشة فقلت لها فذكرته.

عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة فقال: أرأيت قول اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ فواللَّه ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئس ما قلت يا ابن اختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوّف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول اللَّه ﷺ عن ذلك، قالوا يا رسول اللَّه، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل اللَّه تعالى: الآية. قالت عائشة ﵂: وقد سن رسول اللَّه ﷺ الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم، يذكرون أن الناس -إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة- كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر اللَّه تعالى الطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول اللَّه كنا
نطوف بالصفا والمروة، وإن اللَّه أنزل الطواف بالبيت، فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل اللَّه تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ الآية. قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما: في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن اللَّه تعالى أمر بالطواف بالبيت، ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يوضح لنا جانبًا من جوانب حكمة التشريع الإسلامي، وبيانًا لسبب نزول آية من آيات الله تعالى. وسأشرحه لكم وفق النقاط المطلوبة:

1. شرح المفردات:


● الصفا والمروة: جبلان صغيران داخل المسجد الحرام بمكة المكرمة، وهما من شعائر الله تعالى في الحج والعمرة.
● شعائر الله: معالم دينه الظاهرة التي تعبد الله بها.
● لا جناح عليه: لا إثم ولا حرج.
● يهلون: يلبون للتلبية في النسك (الحج أو العمرة).
● مناة الطاغية: صنم كان يعبده المشركون في الجاهلية.
● يتحرج: يخاف الإثم أو يستنكف عن الفعل.
● سن رسول الله ﷺ: شرعه وأقامه عمليًا ليكون سنة متبعة.

2. شرح الحديث:


يروي الحديث أن عروة بن الزبير - وهو من فقهاء التابعين وأبناء أخت السيدة عائشة - استشكل معنى الآية الكريمة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. حيث فهم من ظاهر الآية أن الطواف بين الصفا والمروة ليس واجبًا، بل هو أمر مباح لا جناح في تركه.
فردت عليه السيدة عائشة رضي الله عنها بأن هذا الفهم غير صحيح، وبيَّنت أن الآية نزلت في فئة من الأنصار الذين كانوا في الجاهلية يهلون (يلبون) لصنم "مناة" الذي كان عند "المشلل" (موضع قريب من مكة)، وكانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة لأنهم كانوا يعتبرونه من بقايا عبادة الأصنام. فلما أسلموا، استمر هذا التحرج في نفوسهم، فسألوا النبي ﷺ: "يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة"، فأنزل الله تعالى هذه الآية لتبين أن الطواف بينهما من شعائر الله، فلا حرج في فعله بل هو مشروع.
ثم أكدت السيدة عائشة أن رسول الله ﷺ سن الطواف بين الصفا والمروة عمليًا، فصارت سنة مؤكدة بل هي ركن من أركان الحج والعمرة، وليس لأحد أن يتركه.
ثم ينتقل الحديث إلى رواية أبي بكر بن عبد الرحمن الذي أضاف رواية أخرى لسبب النزول: وهي أن بعض الناس -ممن كانوا يطوفون بين الصفا والمروة في الجاهلية- تحرجوا في الإسلام عندما أنزل الله تعالى أمر الطواف حول الكعبة ولم يذكر الصفا والمروة، فظنوا أن الطواف بينهما قد ألغي، فسألوا النبي ﷺ، فأنزل الله الآية لتبين أن الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله.
فالآية نزلت لرفع الحرج عن الفريقين:
- الفريق الأول: الذين كانوا يتحرجون من الطواف بينهما في الجاهلية فاستمروا في التحرج في الإسلام.
- الفريق الثاني: الذين كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية فتحرجوا من الطواف في الإسلام خوفًا من أن يكون من أمر الجاهلية.

3. الدروس المستفادة منه:


● بيان سبب النزول: فهم سبب نزول الآية يساعد في فهم المعنى الصحيح لها، ويدفع الإشكالات.
● رفع الحرج: الشريعة الإسلامية جاءت لرفع الحرج والمشقة عن الناس، وتيسير العبادة لهم.
● اتباع السنة: لا يكفي فهم القرآن بمجرد الظاهر، بل يجب الرجوع إلى سنة النبي ﷺ التي تبين المجمل وتفصل المطلق.
● التدرج في التشريع: الشريعة الإسلامية راعت أحوال الناس النفسية والعقلية، فنزلت الآيات لمعالجة ما في نفوسهم من إشكالات.
● الطواف بين الصفا والمروة سنة مؤكدة: فهو ركن من أركان الحج والعمرة، لا يصحان بدونه.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- الطواف بين الصفا والمروة يسمى "السعي"، وهو من أركان الحج والعمرة بالإجماع.
- عدد أشواط السعي سبعة، يبدأ من الصفا وينتهي عند المروة.
- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين أهمية رواية السنة وسبب نزول الآيات، وفهمها في إطارها الصحيح.
- السيدة عائشة رضي الله عنها كانت من أعلم الناس بالشريعة، وخاصة بما يتعلق بأسباب النزول وسيرة النبي ﷺ.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٤٣) ومسلم في الحج (٢٦١: ١٢٧٧) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهري، يحدث عن عروة بن الزبير، يقول: سألت عائشة فقلت لها فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 79 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

  • 📜 حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الصفا والمروة من شعائر الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب