حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)﴾
صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٠٨) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي رواه الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، يسلط الضوء على مرحلة مهمة من مراحل تشريع فريضة الصيام، ويبين كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت سمحة معتدلة، تراعي طبيعة الإنسان وتزيل عنه الحرج.
أولاً. شرح المفردات:
● "لما نزل صوم رمضان": أي عندما فُرِض صوم شهر رمضان على المسلمين.
● "كانوا لا يقربون النساء رمضان كله": كان الصحابة يمتنعون عن جماع نسائهم طوال ليالي شهر رمضان، ظنًا منهم أن هذا من مكملات الصيام ولوازمه.
● "يخونون أنفسهم": أي يرتكبون ما يضر بأنفسهم بمعصية الله، والمقصود هنا أن بعضهم واقعين في الجماع ليلاً بعد أن امتنعوا عنه ظنًا منهم أنه محرم.
● "فأنزل الله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ...}": هذه الآية الكريمة من سورة البقرة (آية: 187)، وهي التي نسخت الحكم السابق وأباحت الجماع في ليالي رمضان.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي البراء بن عازب رضي الله عنه عن حالة المسلمين بعد فرضية صوم رمضان. لقد فهم الصحابة الكرام أن الصيام يعني الامتناع عن الطعام والشراب والجماع طوال النهار والليل في شهر رمضان كله، فكانوا إذا أفطروا عند غروب الشمس امتنعوا أيضًا عن مقاربة نسائهم في الليل، ظانين أن هذا من كمال الصيام وتمامه.
لكن هذه المشقة الشديدة التي فرضوها على أنفسهم لم تكن بوحي من الله، بل كانت اجتهادًا منهم في العبادة وتشددًا في الطاعة. وكان من طبيعة البشر أن بعض الصحابة لم يستطع الصبر على هذه المشقة، فوقع في الجماع مع زوجته في بعض ليالي رمضان، فشعر بالذنب والخيانة لله ولنفسه.
فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة رحمةً بهم وتيسيرًا عليهم، بين فيها أن هذا الفعل (الجماع ليلاً) كان محرمًا عليهم باجتهادهم، لكن الله تعالى قد تاب عليهم وعفا عنهم، ثم بين الحكم الشرعي الجديد وهو إباحة الجماع في ليالي رمضان حتى يتبين الفجر من الليل، فقال تعالى بعدها: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}.
فكانت هذه الآية ناسخةً للحكم السابق، ومبيحةً للجماع والطعام والشراب من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- سماحة الإسلام ويسره: هذا الحديث من أوضح الأدلة على أن الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتعنت الناس أو لتشق عليهم، بل جاءت لترفع عنهم الحرج والمشقة. فالله تعالى لم يرضَ لهم ذلك التشدد الذي يسبب لهم المعاناة، فأنزل التيسير.
2- رفع الحرج عن الأمة: من رحمة الله تعالى أنه لم يؤاخذ أولئك الذين وقعوا في الخطأ قبل بيان الحكم، بل تاب عليهم وعفا عنهم، ثم بين لهم الحكم الجديد الميسر.
3- التدرج في التشريع: يظهر لنا كيف أن التشريع الإسلامي نزل منجمًا (على أقسام)، فكان يبدأ بالأحكام الأولية التي تهيئ النفوس، ثم يتم التشريع وينقح بما يتناسب مع استقرار أحوال المسلمين.
4- أن الاجتهاد الشخصي في العبادة إذا خالف النص فهو مردود: فهم الصحابة الأول كان اجتهادًا، لكنه خالف ما أراده الله تعالى من يسر الصيام، فجاء النص القرآني ليبين الحكم الصحيح.
5- بيان وقت الإفطار والإمساك: بينت الآية التي نزلت أن وقت الصيام يبدأ بطلوع الفجر الصادق (الخيط الأبيض من الخيط الأسود) وينتهي بغروب الشمس، وأباحت كل المفطرات في الوقت بينهما.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث هو تفسير عملي للآية 187 من سورة البقرة، وهو ما يسمى بـ "سبب النزول"، وهو مهم جدًا لفهم الآية فهمًا صحيحًا.
- القصة تدل على صدق وإخلاص الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان همهم الأول هو الامتثال لأمر الله ولو كان في ذلك مشقة عظيمة على أنفسهم.
- يستفاد منه أيضًا أن المشقة التي لم ينص عليها الشرع لا يجوز للإنسان أن يلتزمها ويحمل نفسه عليها، لأن الدين يسر.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 100 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 75 الله عند ظن عبده به ومع الذاكرين إن ذكرني في...
- 76 ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه...
- 77 معنى من يرد الله به خيرا يصب منه
- 78 ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب إلا كفر الله...
- 79 إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 80 سبب نزول: إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 81 أبدأ بما بدأ الله به من الصفا والمروة
- 82 من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار
- 83 من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة
- 84 إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين
- 85 أحلت لنا ميتتان ودمان: الجراد والحيتان، والكبد والطحال.
- 86 لا تمهل حتى إذا بلذت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان...
- 87 من يتقي به الناس عند احمرار البأس
- 88 من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره
- 89 إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين
- 90 العفو أن يقبل الدية في العمد
- 91 ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة
- 92 يرحم الله ابن عفراء والثلث والثلث كثير
- 93 أمر بصيام يوم عاشوراء فلما فرض رمضان.
- 94 من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها
- 95 الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام فليطعما
- 96 الصائم والمفطر لا يعيب بعضهم على بعض
- 97 بداية الصوم والفطر برؤية الهلال
- 98 بداية صوم رمضان ونهايته برؤية الهلال
- 99 إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم
- 100 علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
- 101 إذا نام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه
- 102 كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
- 103 أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
- 104 من نام قبل أن يفطر في رمضان حرم عليه الطعام...
- 105 الآن باشروهن وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من...
- 106 عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتها تحت وسادتي
- 107 الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
- 108 إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس فقد أفطر الصائم
- 109 إني لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه
- 110 من قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ
- 111 نزلت: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها
- 112 إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام
- 113 اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله
- 114 قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله
- 115 وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
- 116 حمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم
- 117 الأنصار يتصدقون ويعطون ما شاء الله
- 118 الرجل يصيب الذنوب فيلقي بيده إلى التهلكة يقول: لا توبة...
- 119 سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
- 120 صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين واحلق رأسك
- 121 أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله
- 122 الرفث الإعرابة والتعرض للنساء بالجماع في الحج
- 123 وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
- 124 أسواق الجاهلية عكاظ ومجنة وذو المجاز
معلومات عن حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
📜 حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








