حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)﴾
حسن: رواه أبو داود (٢٣١٣) عن أحمد بن محمد بن شبوية، حدثني علي بن حسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما حول تشريع الصيام ونزول الآيات الكريمة المتعلقة به:
نص الحديث:
عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ فكان الناس على عهد رسول الله ﷺ إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء، وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه، فجامع امرأته وقد صلى العشاء، ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك يسرًا لمن بقي، ورخصة ومنفعة، فقال سبحانه: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ وكان هذا مما نفع الله به الناس، ورخّص لهم ويسّر.
شرح المفردات:
● العتمة: هي صلاة العشاء، وسُميت بذلك لأنها تُصلى بعد سواد الليل وعتمته.
● إلى القابلة: أي إلى الليلة التالية (اليوم التالي).
● اختان رجل نفسه: أي خان نفسه بمعصيته، من الخيانة، والمراد هنا: أقدم على معصية الله بجماع زوجته في نهار رمضان.
● يُسرًا: تيسيرًا وتسهيلًا.
● رخصة: تخفيفًا في الحكم.
شرح الحديث:
يبيّن ابن عباس رضي الله عنهما المراحل التي مر بها تشريع الصيام في الإسلام، حيث كان الصيام في بداية فرضه على المسلمين يشبه ما كان عليه الأمم السابقة، وكان من أبرز أحكامه:
1- الحكم الأولي للصيام:
- كان الصيام مفروضًا من بعد صلاة العشاء (العتمة) مباشرة، فإذا صلى المسلم العشاء حَرُم عليه الطعام والشراب والجماع حتى الليلة التالية (أي غروب شمس اليوم التالي).
- هذا يعني أن المسلم كان يمتنع عن المفطرات من بعد العشاء إلى غروب الشمس في اليوم التالي، مما يجعل فترة الصيام أطول.
2- وقوع المخالفة:
- حدث أن رجلاً من الصحابة جامع زوجته بعد أن صلى صلاة العشاء، ولكنه لم يكن قد أفطر (أي كان يعتقد أن التحريم يبدأ من النوم أو من وقت معين غير العشاء)، فوقع في المحظور.
3- نزول التيسير:
- أراد الله تعالى أن يخفف عن الأمة وييسر عليها، فنزلت الآيات التالية من سورة البقرة لتعديل وقت الإمساك والإفطار:
- ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187].
- فصار الإمساك يبدأ من طلوع الفجر الصادق، والإفطار عند غروب الشمس.
4- معنى قوله تعالى: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾:
- أي أن الله تعالى علم ضعف البشر وحاجتهم إلى التيسير، فخفف عنهم رحمة بهم.
- والمراد بالخيانة هنا: ما كان يقع من بعض الناس من مخالفة الحكم السابق قبل نزول الرخصة.
الدروس المستفادة:
1- مرونة التشريع الإسلامي:
- يظهر الحديث كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتدرج في التشريع، ومراعاة ظروف الناس وقدراتهم.
2- رحمة الله تعالى بالأمة:
- أن الله تعالى لم يشأ أن يبقى الحكم على مشقته الأولى، بل يسّر وخفف رحمة بعباده.
3- العبرة من وقوع الخطأ:
- أن وقوع المخالفة من بعض الناس كان سببًا في نزول التيسير، مما يدل على أن الله تعالى يجعل الخير حتى في الأخطاء إذا استُعتبِر منها.
4- فضل الله تعالى على الأمة:
- أن الله تعالى لم يعاقب الأمة على ما وقع منها قبل نزول الرخصة، بل غفر لهم ويسر عليهم.
5- الحكمة من تغيير الأحكام:
- أن الأحكام الشرعية قد تتغير حسب المصالح والظروف، وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية.
معلومات إضافية:
- هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بأسباب النزول.
- الآيات التي نزلت في هذا الشأن هي من قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ إلى آخر الآيات في سورة البقرة.
- القصة المذكورة في الحديث تدل على أن التشريع الإسلامي يراعي التدرج واليسر، ولا يأتي بالتشديد في البداية.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل علي بن حسين بن واقد وأبيه فإنهما حسنا الحديث.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 102 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 77 معنى من يرد الله به خيرا يصب منه
- 78 ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب إلا كفر الله...
- 79 إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 80 سبب نزول: إن الصفا والمروة من شعائر الله
- 81 أبدأ بما بدأ الله به من الصفا والمروة
- 82 من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار
- 83 من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة
- 84 إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين
- 85 أحلت لنا ميتتان ودمان: الجراد والحيتان، والكبد والطحال.
- 86 لا تمهل حتى إذا بلذت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان...
- 87 من يتقي به الناس عند احمرار البأس
- 88 من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره
- 89 إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين
- 90 العفو أن يقبل الدية في العمد
- 91 ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة
- 92 يرحم الله ابن عفراء والثلث والثلث كثير
- 93 أمر بصيام يوم عاشوراء فلما فرض رمضان.
- 94 من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها
- 95 الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام فليطعما
- 96 الصائم والمفطر لا يعيب بعضهم على بعض
- 97 بداية الصوم والفطر برؤية الهلال
- 98 بداية صوم رمضان ونهايته برؤية الهلال
- 99 إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم
- 100 علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم
- 101 إذا نام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه
- 102 كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
- 103 أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
- 104 من نام قبل أن يفطر في رمضان حرم عليه الطعام...
- 105 الآن باشروهن وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من...
- 106 عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتها تحت وسادتي
- 107 الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
- 108 إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس فقد أفطر الصائم
- 109 إني لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه
- 110 من قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ
- 111 نزلت: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها
- 112 إني أحمسي فخرجت من الباب في الإحرام
- 113 اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله
- 114 قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله
- 115 وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
- 116 حمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم
- 117 الأنصار يتصدقون ويعطون ما شاء الله
- 118 الرجل يصيب الذنوب فيلقي بيده إلى التهلكة يقول: لا توبة...
- 119 سبب نزول: لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
- 120 صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين واحلق رأسك
- 121 أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله
- 122 الرفث الإعرابة والتعرض للنساء بالجماع في الحج
- 123 وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
- 124 أسواق الجاهلية عكاظ ومجنة وذو المجاز
- 125 سبب نزول: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
- 126 كانت قريش يقفون بالمزدلفة وسائر العرب بعرفات
معلومات عن حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
📜 حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








