فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

كتاب تفسير القرآن العظيم

باب قوله: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)﴾

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ في حديث رؤية الرب يوم القيامة - وجاء فيه: «ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ؟، فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك ليُعذِر من نفسه. وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه».

صحيح: رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٦٨) عن محمد بن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه، يتناول مشهدًا من مشاهد القيامة المهيبة، حين يحاسب الله تعالى العبد على أعماله، وخاصة المنافق الذي أخفى كفره وأظهر الإيمان.

أولاً. شرح المفردات:

● نبعث شاهدنا عليك: نُقيم ونُحضر الشاهد الذي يشهد عليك بأعمالك.
● يتفكر في نفسه: يحاول أن يتذكر ويتدبر من الذي يمكن أن يشهد عليه.
● يختم على فيه: يُطبق على فمه فلا يستطيع الكلام أو الاعتذار.
● فخذه ولحمه وعظامه: جوارحه وأعضاء جسمه كلها.
● تنطق: تتكلم وتُخبر وتشهد.
● ليعذر من نفسه: حتى لا يكون له عذر أو حجة يتعلل بها يوم القيامة.
● المنافق: الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر.
● يسخط الله عليه: الذي يستحق غضب الله وعقابه.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مشهدًا من مشاهد الحساب يوم القيامة، حيث يقف العبد بين يدي الله تعالى، فيُناقش في أعماله ويُحاسب عليها.
فيقول الله تعالى للعبد: "الآن نبعث شاهدنا عليك"، أي أننا سنحضر الشاهد الذي سيشهد عليك بما عملت في الدنيا.
فيظل العبد "يتفكر في نفسه"، متعجبًا ومتسائلًا: من الذي يمكن أن يشهد علي؟ فقد كان يظن أنه أخذ حذره وأخفى أعماله، ولم يطلع عليها أحد.
عندها "يختم على فيه"، أي يُمنع من الكلام والاعتذار، حتى لا يتملص من الحق أو يكذب، وتُؤتى بشهود آخرين لم يكن يتوقعهم.
فيُقال "لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي"، فتستجيب هذه الجوارح فتبدأ في الكلام وتشهد عليه بما عمل، وتُخبر عن كل صغيرة وكبيرة فعلها، لا تُخطئ ولا تنسى شيئًا.
وهذا الموقف بالذات يكون "لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ"، أي أن شهادة الجوارح هذه تقطع حجته تمامًا، فلا يستطيع أن يقول: "نسيت" أو "لم أفعل" أو "ما شهد عليَّ أحد"، فقد شهدت عليه أجزاء جسده التي كانت أداة لمعاصيه.
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المشهد يتجلى بشكل أخص مع "المنافق"، الذي أخفى كفره وادعى الإيمان، وهو "الذي يسخط الله عليه" لعظم جرمه وخداعه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات عقيدة الحساب والجزاء: الحديث يؤكد حقيقة الحساب يوم القيامة، وأن كل إنسان سيُسأل عن عمله، وهذا من أصول الإيمان.
2- العدالة المطلقة في المحاسبة: لا يُظلم أحد عند الله مثقال ذرة، والله سيأتي بالشهود الذين لا يستطيع العبد إنكارهم أو تكذيبهم، مما يقطع طريق الجدال والمكابرة.
3- عظمة قدرة الله تعالى: من مظاهر قدرته سبحانه أن يجعل الجماد واللحم والعظام تتكلم وتشهد، فليس شيء عليه عزيز.
4- خطر النفاق وعاقبته الوخيمة: الحديث يسلط الضوء على عذاب وعقوبة المنافقين، الذين هم في الدرك الأسفل من النار، لأنهم غشوا وخدعوا وأضلوا غيرهم.
5- حفظ الأعمال وعدم ضياعها: كل عمل يعمله الإنسان مُسجل عليه، والجوارح شاهدة، فلا يضيع عند الله شيء. {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}.
6- الحث على مراقبة الله في السر والعلن:既然 الجوارح ستشهد، فالعبد مطالب بأن يستحي من الله حق الحياء، ويستحضر أن كل حركة وسكنة من جوارحه مُسجلة عليه، فيُحسن استخدامها في طاعة الله.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من حديث طويل عن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وهو من أحاديث الصفات التي نؤمن بها كما جاءت بدون تحريف أو تكييف.
- شهادة الجوارح مذكورة في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24].
- هذا المشهد عام للجميع، ولكنَّه يكون أشد وأفظع على الكفار والمنافقين؛ لأن أعمالهم كلها سيئة، بخلاف المؤمن الذي س تشهد جوارحه أيضًا ولكن ببعض الحسنات التي قد تنفعه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين تنطق جوارحهم بشهادة ترفع درجاتهم في جنات النعيم، وأن يُعيذنا من النفاق وسخطه وعذابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد والرقائق (٢٩٦٨) عن محمد بن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1000 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

📜 حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فخذه ولحمه وعظامه تنطق بعمله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية