حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)﴾

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من حلف بيمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليكفّر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير».

صحيح: رواه مالك في النذور والأيمان (١١) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من حلف بيمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليكفّر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح رحمة الإسلام ومرونته ورفقه بالمسلم، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه.

أولاً. شرح المفردات:


● حلف بيمين: أي أقسم وحلف على شيء ما.
● فرأى غيرها خيرا منها: أي بعد أن حلف، تبين له أن هناك خيارًا آخر أفضل وأكثر خيرًا من الذي حلف على فعله أو تركه.
● فليكفّر عن يمينه: أي فليؤدِ الكفارة المشرعة لليمين.
● وليَفعل الذي هو خير: أي وليقدم على الفعل الأفضل الذي رآه، دون أن يلتزم بما حلف عليه إذا كان فيه مضرة أو تفويت لمصلحة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حالة يعيشها الكثير من الناس، وهي أن يحلف الإنسان على شيء، ثم يكتشف لاحقًا أن ترك هذا الحنث (أي عدم الوفاء باليمين) وفعل الشيء الآخر هو الخير والأفضل له في دينه أو دنياه.
فالشريعة الإسلامية لم تأتِ لتُثقِل على الناس أو تُضيّق عليهم، بل جاءت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد. لذلك، شرع الله عز وجل للمسلم مخرجًا رحيمًا في هذه الحالة: أن يؤدي كفارة اليمين ثم يفعل الأمر الخير الذي راه أفضل، ولا إثم عليه في ذلك.
ومثال ذلك: أن يحلف رجل ألا يزور قريبه الذي بينهما جفاء، ثم يندم على هذا الحلف ويرى أن صلة الرحم وزيارته هي الخير والأفضل لإصلاح ذات البين وطلب الأجر من الله. فالحل هنا ليس أن يلتزم بحلفه فيقطعه، بل أن يكفر عن يمينه ثم يزوره ويصله.
والكفارة المذكورة في الحديث هي كفارة اليمين، التي بينها الله تعالى في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89].

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:


1- الرحمة والتيسير في الشريعة: فالإسلام دين يسر لا عسر، وهو يريد التخفيف عن الناس ورفع الحرج عنهم.
2- طلب الخيرية والتفضيل بين الأفعال: على المسلم أن يكون دائم البحث عن الخير والأفضل في كل أموره، ولا يتعصب لرأي أو قول حلف عليه إذا تبين له غيره أفضل.
3- التخلي عن التعصب والجمود: الحديث يعلمنا not to be stubborn and to be open to changing our decisions for a better outcome.
4- الحث على البر والخير: الأمر بفعل الذي هو خير يحث المسلم على دوام السعي نحو الأعمال الصالحة والأفضلية في السلوك.
5- التزام أحكام الشريعة حتى في المخارج: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم "فليحنث وليفعل الخير" فقط، بل أوجب مع ذلك أداء الكفارة، مما يدل على أهمية التزام الأوامر الشرعية حتى في حالات الرخصة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "حنث اليمين" وكفارته.
● شروط تطبيقه: أن يكون الحالف قد حلف على فعل شيء أو تركه، ثم رأى بعد ذلك أن مخالفة يمينه (أي عدم الوفاء بها) هو الخير. أما إذا حلف على شيء وهو يعلم أن تركه خير، ثم حلف، فهذا لا يجوز من الأصل.
- لا يجوز للمسلم أن يحلف على ترك واجب أو فعل محرم، فإن حلف على ذلك فلا يجوز له الوفاء بهذا اليمين بل必须 يحنث ويأثم على حلفه أصلاً، وعليه كفارة اليمين.
- الفقهاء يذكرون أن "رؤية الخير" تكون بالقلب، أي أن يترجح لديه بعد التفكير والتأمل أن الفعل الآخر هو الخير.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في النذور والأيمان (١١) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه مسلم في الأيمان والنذور (١٢: ١٦٥٠) من طريق مالك به مثله.
وفي هذا المعنى أحاديث أخرى، وهي مذكورة في كتاب الأيمان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 997 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

  • 📜 حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كفارة اليمين لمن رأى خيرا من حلفه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب