حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)﴾

عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله ﷺ قال ذات يوم في خطبته: «إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد».

صحيح: رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها (٢٨٦٥: ٦٤) عن أبي عمار حسين بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين، عن مطر، حدثني قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار فذكره.

عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله ﷺ قال ذات يوم في خطبته: «إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل قاعدة أخلاقية كبرى في بناء المجتمعات الإسلامية. وها هو الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه كاملاً:


عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: «أَلا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا... وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».
(رواه مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


* أوحى إليَّ: أوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم إما بالوحي الجلي (القرآن) أو بالوحي الخفي (الإلهام أو الحديث القدسي).
* تواضعوا: التَّواضُع هو خفض الجناح ولين الجانب وعدم الترفع على الخلق. هو إظهار التنزل عن المرتبة لمن دونك في الدين أو الدنيا، وخفض الجناح، ولين الجانب.
* لا يفخر أحد على أحد: الفخر هو التفاخر بالأنساب والأحساب والأموال والمناصب، والاعتداد بها واحتقار الآخرين.
* لا يبغي أحد على أحد: البغي هو التعدي والظلم والطغيان والتجاوز عن الحد بالقول أو الفعل.


2. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن هذا الأمر (التواضع) ليس مجرد خُلُقٍ كريم ينصح به، بل هو وصية إلهية مباشرة أوحى الله بها إليه ليبلغها للأمة.
ويربط النبي صلى الله عليه وسلم بين التواضع كسبب، وبين نتيجتين عظيمتين هما:
* نتيجة اجتماعية أخلاقية: "حتى لا يفخر أحد على أحد": عندما يتحلى الجميع بالتواضع، يزول من النفوس داء العجب والكبر، فلا يجد الإنسان في نفسه سبباً لأن يتعالى على أخيه، سواء كان غنياً على فقير، أو ذا منصب على مواطن عادي، أو قوياً على ضعيف. التواضع يمحو أسباب التفاخر المذموم من القلوب.
* نتيجة اجتماعية عملية: "ولا يبغي أحد على أحد": البغي والظلم والتعدي على حقوق الآخرين ينشأ غالباً من شعور الظالم بتفوقه واستحقاقه لأن يأخذ أكثر من حقه. فإذا ساد التواضع، زال هذا الشعور الكاذب، وعلم كل إنسان حدوده، فامتنع عن الاعتداء على حقوق الآخرين وممتلكاتهم وأعراضهم.
فالحديث يربط بين سلامة القلب (بالتواضع) وسلامة المجتمع (بزوال الفخر والبغي).


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- التواضع شريعة إلهية: ليس خلقاً ثانوياً، بل هو أمر رباني أوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على عظم مكانته.
2- العلاج الجذري للمشاكل الاجتماعية: يقدم النبي صلى الله عليه وسلم علاجاً لأمراض المجتمع من جذورها، وهي النفوس. فبدلاً من معالجة الظواهر (كالتفاخر والبغي) فقط، يعالج السبب الرئيسي وهو الكبر وعدم التواضع.
3- التواضع من أسباب الأمن المجتمعي: مجتمع المتواضعين هو مجتمع آمن، قليل الظلم، خالٍ من الصراعات الطبقية والاستعلاء بالمال أو النسب.
4- التواضع لا يعني الذل أو المهانة: بل هو قوة وشرف، إذ يتواضع القوي للضعيف، والغني للفقير، والعالم للجاهل، تنفيذاً لأمر الله وطلباً لمرضاته. أعظم الخلق وأقواهم -وهم الأنبياء- كانوا هم الأكثر تواضعاً.
5- التحذير من ضد التواضع: وهو الكبر والعجب، والذي هو من المهلكات. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ».


4. معلومات إضافية:


* الفرق بين الفخر والبغي: الفخر هو الاعتداد بالنفس واحتقار الآخرين (ظاهرة قلبية وقولية)، أما البغي فهو التطاول العملي بالظلم والتعدي على الحقوق.
* التواضع مع الله: أصل التواضع أن يكون العبد متواضعاً مع خالقه، يعترف بعبوديته وضعفه وفقره إليه سبحانه، وهذا ينعكس على تعامله مع الخلق.
* من صور التواضع العملية: مصافحة الفقير، وإجابة الدعوة، ومجالسة المساكين، ومشورة الناس، وعدم الامتناع عن عمل يقوم به عادة الناس.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتواضعين له ولخلقه، وأن يصرف عنا الكبر والبغي والتفاخر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها (٢٨٦٥: ٦٤) عن أبي عمار حسين بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين، عن مطر، حدثني قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1104 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

  • 📜 حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب