حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٦٠)﴾

عن المستورد بن شدّاد قال: قال رسول الله ﷺ: «والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه - وأشار يحيى بالسبابة - في اليم، فلينظر بمَ ترجع».

صحيح: رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٨) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس، قال: سمعت المستورد بن شداد يقول: فذكره.

عن المستورد بن شدّاد قال: قال رسول الله ﷺ: «والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه - وأشار يحيى بالسبابة - في اليم، فلينظر بمَ ترجع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين حقيقة الدنيا الفانية وزهرتها بالنسبة للآخرة الباقية ونعيمها، وسأشرحه لك مفصلاً إن شاء الله.
الراوي والمصدر:
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب "الزهد والرقائق"، برقم (2858)، من رواية المستورد بن شداد القرشي الفهري رضي الله عنه، وهو صحابي جليل.
شرح المفردات:
* الدنيا: الحياة الأرضية بكل ما فيها من مال، وجاه، ومتاع.
* في الآخرة: بالمقارنة مع الآخرة وليس مكانياً.
* أصبعه: إصبعه، أي إصبعه السبابة.
* في اليم: في البحر أو النهر العظيم.
* فلينظر بم ترجع: فلينظر بأي شيء ترجع، أي ما الذي علق بها من ماء البحر.
شرح الحديث:
يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قيمة الدنيا ومتاعها الزائل بالنسبة لعظمة الآخرة ونعيمها الدائم بتشبيل بليغ ومؤثر جداً، فيقول:
"والله" – وهذا قسم من النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد به على حقيقة ما يخبر به – "ما الدنيا في الآخرة" – أي ما قيمتها ومقدارها إذا قورنت بالآخرة – "إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم" – أي مثل أن يغمس أحدكم إصبعه السبابة في بحر عظيم واسع – "فلينظر بم ترجع" – ثم يخرجها، فلينظر ما هو الشيء الذي اكتسبته وأصابها من ذلك البحر العظيم؟.
فالإصبع التي غُمست في البحر represent الدنيا بأكملها، والبحر العظيم الواسع يمثل الآخرة ونعيمها. فما الذي علق بالإصبع من ماء البحر؟ إنه قطرة واحدة صغيرة لا تكاد تُذكر مقارنة ببحر زاخر لا ينفد. وهكذا الدنيا بكل ما فيها، هي كتلك القطرة الضئيلة مقارنة بنعيم الآخرة الذي لا يفنى ولا ينقطع.
الدروس المستفادة والعبر:
1- تفاهة الدنيا وزوالها: الحديث يهوّن من شأن الدنيا ويبين حقيقتها Temporary ومقدارها الضئيل، حتى لا ينخدع الإنسان بزينتها ويغتر بها.
2- عظمة الآخرة ودوامها: في المقابل، يبين الحديث عظمة نعيم الآخرة، وأنه لا يقاس بنعيم الدنيا أبداً، فهو أعظم وأبقى. قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].
3- الحث على الاستعداد للآخرة: إذا كانت الدنيا بهذه التفاهة مقارنة بالآخرة، فالحكيم هو من يجعلها وسيلة للفوز بالآخرة، لا أن يجعلها غاية في نفسه.
4- عدم الاغترار بالمال والجاه: لا ينبغي للإنسان أن يتفاخر أو يتكبر بما لديه من متاع دنيوي، فهو قليل زائل، والأولى التفاخر بالإيمان والعمل الصالح.
5- التذكير بلقاء الله: الحديث يذكر باليوم الآخر ويحث على العمل له، فهو اليوم الحقيقي الذي توزن فيه الأعمال وتُجزى فيه النفوس.
معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من أبلغ ما جاء في ذم الدنيا وبيان حقارتها، وقد وردت أحاديث أخرى بنفس المعنى، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمِثْلِ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ) وفي رواية: (إصبعيه) أي السبابة والتي تليها.
* ليس معنى هذا التحقير للدنيا أن يترك الإنسان العمل فيها أو إعمارها، بل المقصود أن لا تكون هي أكبر همّه ولا مبلغ علمه، بل يعمل لها بقدر ضرورتها وحاجته، ويجعل همه الأكبر هو العمل للآخرة. فالمؤمن يعمل في الدنيا كما يعيش فيها، لكن قلبه معلق بالآخرة.
نسأل الله أن يرزقنا القناعة بما في أيدينا، وأن يجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٨) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس، قال: سمعت المستورد بن شداد يقول: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1100 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

  • 📜 حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الدنيا في الآخرة مثل إصبع في اليم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب