حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (٤)﴾

عن محمد بن سيرين قال: جلست إلى مجلس فيه عُظْم من الأنصار، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكرتُ حديث عبد الله بن عتبة في شأن سُبيعة بنت الحارث. فقال عبد الرحمن: ولكن عمّه كان لا يقول ذلك، فقلت: إني لجريء إن كذبتُ على رجل في جانب الكوفة، ورفع صوته، قال: ثم خرجتُ، فلقيتُ مالك بن عامر أو مالك بن عوف. قلت: كيف كان قول ابن مسعود في المتوفى عنها زوجُها. وهي حامل؟ فقال: قال ابن مسعود: أتجعلون عليها التغليظَ، ولا تجعلون لها الرخصة؟ لنزلتْ سورةُ النساء القصرى بعد الطولى.

صحيح: رواه البخاري في التفسير (٤٥٣٢) عن حِبَّان، حدثنا عبد الله، أخبرنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، قال: فذكره.

عن محمد بن سيرين قال: جلست إلى مجلس فيه عُظْم من الأنصار، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى، فذكرتُ حديث عبد الله بن عتبة في شأن سُبيعة بنت الحارث. فقال عبد الرحمن: ولكن عمّه كان لا يقول ذلك، فقلت: إني لجريء إن كذبتُ على رجل في جانب الكوفة، ورفع صوته، قال: ثم خرجتُ، فلقيتُ مالك بن عامر أو مالك بن عوف. قلت: كيف كان قول ابن مسعود في المتوفى عنها زوجُها. وهي حامل؟ فقال: قال ابن مسعود: أتجعلون عليها التغليظَ، ولا تجعلون لها الرخصة؟ لنزلتْ سورةُ النساء القصرى بعد الطولى.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر هو أثرٌ ينقل لنا قصةً تدور حول فهم دقيق لمسألة فقهية مهمة، وهي عدة المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها. سأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم.

أولاً. شرح المفردات:


● جلست إلى مجلس فيه عُظْم من الأنصار: أي جلست في مجلس يضم عددًا كبيرًا أو معظم أهل العلم من الأنصار.
● عبد الرحمن بن أبي ليلى: تابعي جليل، فقيه، من علماء الكوفة الثقات.
● عبد الله بن عتبة: هو عبد الله بن عتبة بن مسعود، أخو عبد الله بن مسعود لأمه، وهو من كبار التابعين.
● سُبيعة بنت الحارث: هي صحابية، توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع وهي حامل، فكانت قضيتها منطلقًا للحكم في عدة الحامل.
● التغليظ: التشديد، والمقصود هنا إلزامها بالعدة الطويلة (أربعة أشهر وعشرًا).
● الرخصة: التيسير والتخفيف، والمقصود هنا أن عدتها تنتهي بوضع الحمل.
سورة النساء القصرى: المقصود بها سورة الطلاق، وسُميت بذلك لأنها نزلت بعد سورة النساء الطولى وفيها أحكام الطلاق والعدة.

ثانيًا. شرح الحديث والقصة:


يحكي محمد بن سيرين – وهو إمام كبير من كبار التابعين – أنه كان جالسًا في مجلس علم يضم العديد من علماء الأنصار، ومن بينهم عبد الرحمن بن أبي ليلى.
في هذا المجلس، ذكر محمد بن سيرين قولَ عبد الله بن عتبة (أخو عبد الله بن مسعود) في قضية سُبيعة بنت الحارث. والمعلوم أن سبيعة هذه توفي عنها زوجها وهي حامل، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بوضع الحمل، كما في الصحيحين. فكان قول عبد الله بن عتبة موافقًا لهذا الحديث.
فرد عليه عبد الرحمن بن أبي ليلى قائلاً: "ولكن عمّه كان لا يقول ذلك". والمقصود بـ "عمه" هنا هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يظن أن ابن مسعود يخالف هذا الحكم ويوجب على الحامل المتوفى عنها زوجها أن تعتد بأطول الأجلين (أي أربعة أشهر وعشرًا أو وضع الحمل، أيهما جاء أخيرًا).
فظن محمد بن سيرين أن عبد الرحمن بن أبي ليلى يتهمه بالكذب على عبد الله بن عتبة، فغضب وقال: "إني لجريء إن كذبتُ على رجل في جانب الكوفة"، أي: إنني لشديد الجرأة وقليل الحياء إذا كذبت على رجل من أهل العلم وهو في مكان قريب مني (جانب الكوفة) يمكنني سؤاله والتحقق منه. ثم خرج من المجلس غاضبًا.
فلما خرج، قابل رجلاً (إما مالك بن عامر أو مالك بن عوف) وسأله عن قول عبد الله بن مسعود في المسألة نفسها: "كيف كان قول ابن مسعود في المتوفى عنها زوجها وهي حامل؟".
فأجابه الرجل بنقل قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي يوضح حكمته وفقهه العميق: "أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون لها الرخصة؟". أي: كيف تشددون عليها فتوجبون عليها العدة الطويلة (التغليظ) وتحرمونها من الرخصة التي شرعها الله لها (وهي انقضاء العدة بوضع الحمل)؟!
ثم استدل ابن مسعود بقوله: "لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى". والمقصود أن سورة الطلاق (التي فيها قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]) نزلت بعد سورة النساء (التي فيها آية الوفاة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]). فالحكم في سورة الطلاق هو الناسخ أو المخصص لحكم الحامل، فتعتد بوضع الحمل سواء كان ذلك في أقل من أربعة أشهر أو أكثر.

ثالثًا. الدروس المستفادة والفقه في المسألة:


1- حكم عدة الحامل المتوفى عنها زوجها: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن عدة الحامل من وفاة زوجها تنتهي بوضع الحمل، سواء وضعته بعد ساعة أو بعد أشهر، وهذا هو القول الراجح الموافق للحديث النبوي واستدلال ابن مسعود. وهو قول عبد الله بن عتبة وعبد الله بن مسعود في آخر أمره كما تبين من القصة.
2- فقه النسخ والتأويل: القصة يظهر كيف كان الصحابة والتابعون يفهمون نسخ الآيات وتأويلها. فآية سورة البقرة (234) عامة، فخصصتها آية الطلاق (4) في حال الحمل.
3- أدب الخلاف وطلب الحق: القصة تعلمنا أدبًا رفيعًا في الخلاف العلمي. محمد بن سيرين لم يصر على رأيه غاضبًا فقط، بل تحرى وسأل حتى تأكد من صحة ما عنده وتوافق الأقوال. وعبد الرحمن بن أبي ليلى كان ينقل ما بلغه عن ابن مسعود بغير قصد للتخطئة.
4- الجرأة في الحق والتحري: قول محمد بن سيرين "إني لجريء إن كذبت على رجل..." показывает حرص العالم
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٥٣٢) عن حِبَّان، حدثنا عبد الله، أخبرنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، قال: فذكره.
قوله: «القصرى بعد الطولى» أي البقرة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1710 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

  • 📜 حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المتوفى عنها زوجها وهي حامل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب