حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)﴾

عن الأشعث بن قيس قال: وُلِد لي غلامٌ، فبُشِّرْتُ به وأنا عند النبي ﷺ فقلت: وددت لكم مكانه قصعة من خبز ولحم، فقال رسول الله ﷺ: «إن قلت ذاك، إنهم لَمَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ، وإنهم لَثمرة القلوب وقرة العين».

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ٢٣٩) عن الحسن بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق - هو الصغاني -، ثنا أبو عاصم، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأشعث بن قيس، قال: فذكره.

عن الأشعث بن قيس قال: وُلِد لي غلامٌ، فبُشِّرْتُ به وأنا عند النبي ﷺ فقلت: وددت لكم مكانه قصعة من خبز ولحم، فقال رسول الله ﷺ: «إن قلت ذاك، إنهم لَمَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ، وإنهم لَثمرة القلوب وقرة العين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن، وفيه دروس وعبر عظيمة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● وُلِد لي غلامٌ: أي رُزقت بمولود ذكر.
● فبُشِّرْتُ به: أُخبرت به بخبر سار.
● وَدِدْتُ لَكُمْ مَكَانَهُ: تمنيت لو أني أهديتُه لكم بدلاً منه.
● قَصْعَةً مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ: طبقاً كبيراً مملوءاً بالخبز واللحم، وهو من أفضل الطعام في ذلك الزمان.
● مَبْخَلَةٌ: تسبب البخل في قلب الأب؛ لأنه يخشى الفقر على أولاده فيبخل بالإنفاق.
● مَجْبَنَةٌ: تسبب الجبن في قلب الأب؛ لأنه يخاف عليهم من الموت أو الأذى فيجبن عن مواقف الشجاعة التي قد تعرضه للخطر.
● مَحْزَنَةٌ: تسبب الحزن؛ لخوفه عليهم مما قد يصيبهم في الدنيا، أو لحزنه عند فراقهم بالموت.
● ثَمَرَةُ الْقُلُوبِ: هم ثمرة القلب ونتيجة حبه وفرحه، كما أن الشجرة تثمر ثمراً طيباً.
● قُرَّةُ الْعَيْنِ: هم ما تقر به عين الأب وتَسُرُّه، ويجد بهم الراحة والطمأنينة.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل الأشعث بن قيس رضي الله عنه أنه بينما كان جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، أُخبر بمولودة غلام (ولد) له، فرحاً وسروراً. وفي لحظة فرحه وتقديره للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال لهم متمنياً: "وددت لو أن هذا المولود تحول إلى قصعة من طعام (خبز ولحم) أطعمكم إياها بدلاً منه"، تعبيراً عن حبه لهم وحرصه على إكرامهم.
فنبهه النبي صلى الله عليه وسلم برفق ولطف إلى خطأ هذه الأمنية، حتى لو كانت نابعة من حسنة، وهي إكرام الضيف والصاحب، فقال: «إِنْ قُلْتَ ذَاكَ، إِنَّهُمْ لَمَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ، وَإِنَّهُمْ لَثَمَرَةُ الْقُلُوبِ وَقُرَّةُ الْأَعْيُنِ».
معنى توجيه النبي صلى الله عليه وسلم:
1- النهي عن تمني زوال النعمة: حتى لو كان البديل نعمة أخرى (كالطعام للإكرام)، فإن الأولاد نعمة عظيمة لا ينبغي تمني زوالها.
2- بيان حقيقة المشاعر التي يثيرها الأولاد: وصفهم بأنهم:
* مَبْخَلَةٌ: لأن الأب يخشى الفقر على أولاده، فيدفعه ذلك أحياناً إلى البخل في الإنفاق على الآخرين أو على نفسه.
* مَجْبَنَةٌ: لأن الأب يخاف على أولاده من أن يصيبهم مكروه إذا غاب أو قُتِل، فيضعف عزمه عن بعض الأمور التي تتطلب شجاعة، كالجهاد في سبيل الله.
* مَحْزَنَةٌ: لأنهم سبب للحزن؛ إما بسبب مخاوف عليهم، أو إذا مرضوا، أو إذا ماتوا.
3- ثم بيان جانب النعمة والفرح: على الرغم من هذه المشاعر الطبيعية، فإنهم في الحقيقة:
* ثَمَرَةُ الْقُلُوبِ: هم غاية ما يتمناه القلب وثمرة حبه وزواجه، يجد بهم اللذة والفرح.
* قُرَّةُ الْعَيْنِ: هم مصدر السعادة والراحة والبهجة التي تقر بها العين. وهذا الوصف أعظم ثناء على نعمة الأولاد.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن إكرام الضيف، بل نبهه إلى أن هذه النعمة (الولد) أعظم من أن يتمنى زوالها لأجل نعمة أخرى أدنى منها، معترفاً في نفس الوقت بصحة المشاعر الإنسانية التي تنتاب الأب تجاه أولاده.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عظمة نعمة الأولاد: فهم من أعظم النعم التي ينبغي شكر الله عليها وحفظها، وعدم تمني زوالها لأي سبب كان.
2- الحذر من الدعاء أو التمني بزوال النعمة: حتى لو كان بدافع الكرم وحسن الضيافة، فإن زوال النعمة شر.
3- اعتراف الإسلام بالمشاعر الإنسانية: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الأشعث مشاعر الخوف والحزن الطبيعية التي يجلبها الولد، بل اعترف بها وذكرها، ثم ذكّر بالجانب المشرق والنعمة الحقيقية.
4- تقدير النعم وعدم مقارنتها بما دونها: لا تقارن النعمة الكبيرة (كالولد) بنعمة صغيرة (كطبق طعام) ولو كان للهبة والإكرام.
5- أدب الصحابة وحبهم للنبي ﷺ: حيث إن الأشعث قال ذلك بدافع الحب والإكرام لرسول الله وأصحابه.
6- حكمة النبي ﷺ ورفقه في التعليم: حيث نبهه برفق قائلاً: «إِنْ قُلْتَ ذَاكَ...» ولم يزجره أو يوبخه بشدة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الاشعث بن قيس: هو صحابي جليل، من أمراء كندة، أسلم عام الوفود، وكان من شجعان الصحابة وفضلائهم.
● الحديث يدل على جواز التبشير بالمولود
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٤/ ٢٣٩) عن الحسن بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق - هو الصغاني -، ثنا أبو عاصم، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأشعث بن قيس، قال: فذكره. وإسناده صحيح. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».
تنبيه: وقع في مطبوعة المستدرك: «الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا أبو عاصم»، وصَوَّبْتُه من إتحاف المهرة (١/ ٣٨١).
قوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ أي من امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة، فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما عجز عنه.
وليس بين هذه الآية والآية التي في سورة آل عمران [١٠٢]: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) مخالفة فإن حق التقوى هو أن يأتي العبد ما قدر عليه، ولا يتهاون فيه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1702 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

  • 📜 حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ثمرة القلوب وقرة العين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب