حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)﴾

عن بسر بن جحاش القرشي قال: بزق النبي ﷺ في كفه، ثم وضع أصبعه السبابة وقال: «يقول الله عز وجل: أنى تعجزني، ابن آدم! وقد خلقتك من مثل هذه، فإذا بلغت نفسك هذه - وأشار إلى حلقه - قلتَ: أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٧٠٧) وأحمد (١٧٨٤٢) والحاكم (٢/ ٥٠٢) كلهم من طرق عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بسر بن حجاش القرشي قال: فذكره.

عن بسر بن جحاش القرشي قال: بزق النبي ﷺ في كفه، ثم وضع أصبعه السبابة وقال: «يقول الله ﷿: أنى تعجزني، ابن آدم! وقد خلقتك من مثل هذه، فإذا بلغت نفسك هذه - وأشار إلى حلقه - قلتَ: أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النصي الذي يحمل في طياته موعظة بليغة وتذكيرًا قويًا بمصير الإنسان وعظمة الخالق:

الحديث:


عن بُسْرِ بنِ جَحَّاشٍ القُرَشِيِّ قال: بَزَقَ النَّبِيُّ ﷺ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ وَضَعَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَقَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ ﷻ: أَنَّى تُعْجِزُنِي، ابْنَ آدَمَ! وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ، فَإِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - قُلْتَ: أَتَصَدَّقُ، وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ؟».


1. شرح المفردات:


● بَزَقَ: أي بصق، والبُزاق هو اللعاب الخارج من الفم.
● في كفه: أي في راحة يده.
● السَّبَّابَة: الإصبع التي تلي الإبهام، ويُشار بها عادة.
● أَنَّى تُعْجِزُنِي: كيف تستعصي عليّ أو تعجزني؟ (استفهام إنكاري بمعنى التعجب والتهديد).
● مِنْ مِثْلِ هَذِهِ: أي من شيء تافه مثل هذه النطفة أو البصقة (إشارة إلى أصل خلق الإنسان من ماء مهين).
● بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ: أي وصلت روحك إلى هذه النقطة (الحلقوم) عند ساعة الموت.
● أَتَصَدَّقُ: هل أتصدق الآن؟
● أَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ: أي كيف يكون وقت الصدقة الآن وقد فات أوانها؟ (استفهام بمعنى النفي والتحسر).


2. شرح الحديث:


يصور لنا النبي ﷺ في هذا الحديث مشهدًا رمزيًا قويًا لبيان ضعف الإنسان وعظمة الله تعالى:
● البصق في الكف والإشارة إليه: كان هذا فعلًا تمهيديًا لتقريب الصورة إلى الأذهان. فكما أن البصاق شيء تافه حقير، فإن أصل خلق الإنسان من نطفة (ماء الرجل) هو أيضًا شيء ضعيف وحقير. فالله تعالى خلق الإنسان من شيء لا قيمة له في الظاهر، فكيف يجترئ الإنسان بعد ذلك على معصية الله أو يتكبر أو ييأس من رحمة ربه؟!
● قول الله تعالى: "أَنَّى تُعْجِزُنِي، ابْنَ آدَمَ!": هذا توبيخ من الله تعالى للإنسان الذي يستعصي على طاعة ربه أو يستكبر عن عبادته، مع أنه مخلوق من أصل ضعيف وحقير. فالله الذي خلقه من عدم قادر على إعادته وبعثه وحسابه.
● الإشارة إلى الحلقوم: عند ساعة الموت، عندما تبلغ الروح الحلقوم ويشرف الإنسان على الموت، يندم على ما فرط في جنب الله، ويريد أن يتصدق أو يعمل صالحًا ليفدي نفسه، ولكن قد فات الأوان.
● قوله: "أَتَصَدَّقُ، وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ؟": هذا استفهام تقريعي من الله تعالى للإنسان الذي أضاع عمره في المعاصي والتسويف، ثم يريد أن يتوب أو يتصدق عند المعاينة (عند رؤية الموت)، حيث لا تقبل التوبة ولا تنفع الصدقة.


3. الدروس المستفادة:


1- التذكير بأصل الإنسان وضعفه: خُلِق الإنسان من نطفة ضعيفة، فلا ينبغي له الكبر أو الغرور، بل يجب أن يتواضع لله ويشكر نعمته.
2- عظمة الله وقدرته: الله تعالى الذي خلق الإنسان من عدم قادر على إهلاكه وإعادته، فلا يعجزه شيء.
3- التحذير من التسويف في الطاعة: لا ينبغي للإنسان أن يؤخر التوبة والطاعة والصدقة إلى وقت لا ينفعه فيه شيء، كساعة الموت.
4- الندم يوم القيامة: الذين يضيعون أوقاتهم في المعاصي ثم يندمون عند الموت لا يفيدهم ندمهم، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾ [المؤمنون: 99-100].
5- الحث على المسارعة في الخيرات: يجب على المسلم أن يبادر إلى فعل الصالحات ويتصدق ويطيع الله في صحته وقوته قبل أن يحال بينه وبينها.


4. معلومات إضافية:


● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم.
● معنى "أَنَّى" في قوله "أَنَّى تُعْجِزُنِي": جاءت بمعنى "كيف" الاستفهامية الإنكارية، أي: كيف تجترئ على معصيتي وتستعصي على طاعتي؟!
● هذا الحديث من أحاديث الوعيد التي تحذر من التهاون بالمعاصي والتسويف في التوبة.
● يستفاد منه أيضًا: أن الصدقة من أعظم القربات، ولكنها لا تنفع إلا إذا قدمت في زمن القبول (أي في الحياة الدنيا قبل الموت).

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المسارعين إلى الخيرات، المتصدقين في حياتهم قبل الممات، وأن لا يجعلنا من الذين ي
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٧٠٧) وأحمد (١٧٨٤٢) والحاكم (٢/ ٥٠٢) كلهم من طرق عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بسر بن حجاش القرشي قال: فذكره.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي الحمصي وثَّقه ابن حبان والعجلي، وقال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات، وصحّحه ابن حجر في الإصابة (٦٤٤).
وزاد الحاكم: وتلا رسول الله ﷺ هذه الآية: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٦ - ٣٩] وقال: «صحيح الإسناد».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1699 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

  • 📜 حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب