حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)﴾

عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه، قال: فقال: «لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا».

صحيح: رواه أحمد (٢٢٢٦)، وأبو يعلى (٢٦٠٤) - واللفظ له -، والبزار - كشف الأستار (٢١٨٩) مختصرا، كلهم من طرق عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فذكره.

عن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه، قال: فقال: «لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما يروي لنا قصة توضح عظمة النبي ﷺ وتأييد الله له، وكيف أن الله تعالى يحفظه من كيد الكافرين. سأشرح هذا الحديث شرحًا وافيًا وفقًا لما ورد في كتب أهل السنة والجماعة، مع بيان المفردات والدروس المستفادة.

أولاً. شرح المفردات:


● لآتينه حتى أطأ على عنقه: أي سأقترب منه وأدوس على رقبته بأقدامي تعبيرًا عن الإهانة والاستخفاف.
● لأخذته الملائكة عيانًا: أي لحضرت الملائكة وأهلكته أمام أعين الناس.
● تمنوا الموت: أي طلبوا الموت أو تمنوه.
● مقاعدهم من النار: أي أماكنهم المعدة لهم في النار.
● يباهلون: المباهلة هي الملاعنة والدعاء بأن ينزل اللعنة على الكاذب من الفريقين.

ثانيًا. شرح الحديث:


يذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا جهل (وهو من أشد أعداء الإسلام وأكثرهم حقدًا على النبي ﷺ) قال متوعدًا: إذا رأيت محمدًا ﷺ يصلي عند الكعبة، فسأذهب إليه وأدوس على رقبته ليذله ويُهينه. فرد النبي ﷺ على هذا التهديد بقوله: "لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا"، أي لو حاول أبو جهل تنفيذ تهديده، لحضرت الملائكة فورًا وأهلكته أمام الجميع، وهذا من تأييد الله لنبيه وحمايته له.
ثم أضاف النبي ﷺ قوله: "ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار"، وهذا إشارة إلى يهود المدينة الذين كانوا يعادون الإسلام ويحقدون على النبي ﷺ. فلو أنهم تمنوا الموت صدقًا -كما يدعيهم كتابهم- لاستجاب الله لهم وماتوا فورًا، ولكانوا رأوا أماكنهم في النار بسبب كفرهم وعنادهم.
ثم قال ﷺ: "ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا"، والمقصود هنا قصة مباهلة النبي ﷺ لنصارى نجران، عندما دعاهم إلى المباهلة بعد مناقشة حول عيسى عليه السلام، فخافوا ورفضوا المباهلة وعاهدوا النبي على دفع الجزية. ولو أنهم قبلوا المباهلة وخرجوا لها، لهلكوا جميعًا ولم يعودوا إلى أهليهم وأموالهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عصمة النبي ﷺ وحفظ الله له: فالله تعالى يتولى حماية نبيه من كيد الكافرين، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].
2- انتصار الحق على الباطل: فمهما بلغت قوة الباطل وتكبر أهله، فإن نصر الله آتٍ لا محالة.
3- جزاء الكفر والعناد: كما حدث مع يهود المدينة الذين كانوا يعرفون صدق النبي ﷺ ولكنهم جحدوا ذلك حسدًا وعنادًا.
4- قوة الإيمان بالله: فالنبي ﷺ كان واثقًا بنصر الله، وهذا يعلّمنا الثقة بالله والتوكل عليه في مواجهة الأعداء.
5- الوعيد الشديد للمعاندين: فمن يتحدى الله ورسوله فإن عاقبته الهلاك والخسران.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح متفق على صحته.
- قصة مباهلة النبي ﷺ لنصارى نجران مذكورة في سورة آل عمران في قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61].
- أبو جهل (عمرو بن هشام) كان من أشراف قريش وأشدهم عداوة للإسلام، وقد قتل في غزوة بدر الكبرى، وكان مصرعه تحققًا لوعد الله بنصرة نبيه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من اتباع سنة نبيه ﷺ، وأن يحفظنا من كيد الأعداء. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٢٢٦)، وأبو يعلى (٢٦٠٤) - واللفظ له -، والبزار - كشف الأستار (٢١٨٩) مختصرا، كلهم من طرق عن عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه البخاري في التفسير (٤٩٥٨) من وجه آخر عن عبد الكريم به، واقتصر على ما يتعلق بقصة أبي جهل فقط، ورواه كذلك من طريق عبيد الله عن عبد الكريم ولكن لم يسق لفظه.
هذه الوقائع وقعت في أوقات مختلفة في حياة النبي ﷺ فمنها ما وقع في مكة، ومنها ما وقع في المدينة عند مقدمه ﷺ إليها، ومنها ما وقع في آخر حياته ﷺ، فجمع ابن عباس كلها في سياق واحد مع أنه لم يدرك بعضها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1688 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

  • 📜 حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب