أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «بينا أيوب يَغْتَسِلُ عريانًا فخرّ عليه جرادٌ من ذهب، فجعل أيوب يَحْتَثي في ثوبه، فناداه ربُّه: يا أيوب! ألم أكن أغْنيتُك عما ترى؟ قال: بلى وعزتِك! ولكن لا غني بي عن بركتك».

صحيح: رواه البخاريّ في الغسل (٢٧٩) بالإسناد السابق.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُظهر جانباً من قصة نبي الله أيوب عليه السلام، وتجسد تواضعه وافتقاره إلى ربه عز وجل. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

● بينا أيوب يغتسل عريانًا: أي بينما كان نبي الله أيوب عليه السلام يستحم، وكان خاليًا من الثياب (والعري هنا ليس مقصوداً لذاته، بل هو وصف لحال الاغتسال المعتادة).
● فَخِرَّ عليه جراد من ذهب: سقط عليه فجأة وابلاً من الجراد، ولكن هذا الجراد كان مصنوعاً من الذهب الخالص.
● فجعل أيوب يَحْتَثِي في ثوبه: أسرع أيوب عليه السلام بجمع ذلك الجراد الذهبي وضمه في طرف ثوبه ليحفظه.
● ناداه ربه: خاطبه الله تعالى بوحي أو نداء.
● ألم أكن أغنيتك عما ترى؟: ألم أجعلك غنياً مستغنيًا عن هذا الذهب الذي تسارع إلى جمعه؟
● بلى وعزتك!: أجاب أيوب بالإثبات مقروناً بتعظيم الله تعالى (نعم، وحياتك وقدرتك يا رب).
● ولكن لا غنى بي عن بركتك: لكن حاجتي إلى بركتك وخيرك دائمة، فلا غنى لي عنها أبداً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يصور لنا النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً من مشاهد نبي الله أيوب بعد أن عافاه الله من البلاء ورد عليه صحته وماله. فبينما هو يغتسل، أمطر الله عليه جراداً من ذهب كرامة له وإظهاراً لنعمته عليه. فبادَر أيوب بجمعه في ثوبه، فعاتبه ربه بسؤال تلطف واختبار: ألم أجعلك غنياً حتى تستغني عن هذا؟ فأجاب أيوب إجابة العبد الشكور الذليل الذي يعلم أن الغنى الحقيقي هو غنى القلب بالله، وأن البركة الإلهية هي الأصل، فذكَّر نفسه وربه بأنه لا يزال محتاجاً إلى بركة الله وخيره، حتى وإن كثر ماله، لأن البركة هي التي تحفظ النعمة وتديمها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الافتقار الدائم إلى الله: يعلمنا أيوب عليه السلام أن الغنى المادي لا يعني الاستغناء عن الله طرفة عين، فالعبد يجب أن يكون قلبه متعلقاً بربه، فقيراً إليه في كل حال، في غناه وفقره.
2- حب البركة والخير من الله: ليس المقصود من جمع أيوب للذهب حب الذهب لذاته، بل حب بركة الله وخيره، لأنه يعلم أن المال وسيلة للخير والطاعة، وبركة الله فيه هي التي تعطيه قيمته الحقيقية.
3- التواضع وعدم الاغترار بالنعمة: حتى بعد أن رد الله على أيوب ماله وصحته، لم يتبدل حاله ولم يغتر، بل بقي شاكراً ذليلاً بين يدي ربه.
4- أن الله يكرم أولياءه: إرسال الجراد الذهب هو إكرام إلهي لنبي صبر على البلاء، فجزاه الله أحسن الجزاء.
5- الحكمة من العتاب الإلهي: كان عتاب الله لأيوب عليه السلام من باب التعليم للأمة والتلطف به، لا من باب التأنيب، ليعلمنا أن القلب يجب أن يكون أعز على العبد من الدنيا وما فيها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● أيوب عليه السلام: هو نبي الله الذي ضرب به المثل في الصبر على البلاء، فقد ابتلي في جسده وماله وأهله، فصبر واحتسب، فنجاه الله ورد عليه كل شيء مضاعفاً.
● البركة vs الكثرة: الحديث يفرق بين «الكثرة» المادية و«البركة» المعنوية. فالكثرة قد تكون بلا بركة فلا تنفع، والقليل المبارك خير من الكثير غير المبارك.
● الحديث قدسي: هذا الحديث من الأحاديث القدسية، لأنه يحكي كلاماً بين الله تعالى ونبيه أيوب، بلغنا به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله أن يرزقنا قلوباً لا تفتقر إلا إليه، وألا يحرمنا بركته في أرزاقنا وأعمالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الغسل (٢٧٩) بالإسناد السابق.
قال النوويّ: «وأمّا كشف الرّجل عورته في حال الخلوة لا يراه آدميّ، فإن كان لحاجة جاز، وإن كان لغير حاجة ففيه خلاف العلماء في كراهته وتحريمه، والأصح عندنا أنه حرام».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 45 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

📜 حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أيوب يغتسل عريانًا فخر عليه جراد من ذهب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية