حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب القدر المستحب من الماء للغسل والوضوء

عن عائشة أنَّ النَّبِيّ ﷺ كان يغتسل بالصاع، ويتوضَّأ بالمدِّ.

صحيح: رواه أبو داود (٩٢) والنسائي (٣٤٧) وابن ماجة (٢٦٨) كلّهم من حديث قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، فذكرت الحديث.

عن عائشة أنَّ النَّبِيّ ﷺ كان يغتسل بالصاع، ويتوضَّأ بالمدِّ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
الحديث ورواته:
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 248) والإمام مسلم في صحيحه (رقم 325) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو حديث صحيح متفق عليه.
شرح المفردات:
* يغتسل: الاغتسال هو غسل جميع الجسد بالماء الطهور على صفة مخصوصة شرعاً، سواء كان غسل جنابة أو غسل جمعة أو عيدين وغيرها.
* بالصاع: الصاع مكيال معروف في زمن النبي ﷺ. والصاع يساوي أربعة أمداد. وقد اختلف الفقهاء في مقداره بالكيلوغرامات المعاصرة تقديراً، وأشهر الأقوال أنه يعادل تقريباً (2.04 كيلوغرام) أو (2.176 لتر) من القمح أو نحو ذلك. والمهم أن المقصود هو بيان مقدار التقريب الذي كان يكتفي به النبي ﷺ.
* يتوضأ: الوضوء هو غسل أعضاء مخصوصة بنية الطهارة.
* بالمد: المد هو ربع الصاع. فيكون مقدار المد تقريباً (0.5 لتر) إلى (0.6 لتر) تقريباً.
المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي ﷺ كان يكتفي في غسله الكامل (الاغتسال) من الجنابة ونحوها بمقدار صاع واحد من الماء، وكان يكتفي في وضوئه للصلاة بمقدار مد واحد فقط. وهذا يدل على القصد والاعتدال في استعمال الماء، وعدم الإسراف فيه حتى في العبادات.
الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- الاقتصاد وعدم الإسراف في الماء: هذا الحديث أصل عظيم في النهي عن الإسراف في استعمال الماء، حتى في الطهارة التي هي من أعظم العبادات. فإذا كان الإسراف ممنوعاً فيها، ففي غيرها من الأمور الدنيوية أولى وأحرى. قال الله تعالى: *{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}* [الأعراف: 31]. وهذا شامل للإسراف في المأكول والمشرب وغيرها.
2- بيان مقدار كفاية الماء للطهارة: بين الحديث مقداراً تقريبياً يكفي للوضوء والاغتسال، مما يهدي الأمة إلى التوسط في الاستعمال. فمن زاد على هذا القدر دون حاجة فهو مسرف، وقد ورد الوعيد فيمن يسرف في الماء ولو كان على نهر جار. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي ﷺ مر بسعد وهو يتوضأ فقال: "مَا هَذَا السَّرَفُ؟" فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ" (رواه ابن ماجه وهو حسن).
3- التيسير ورفع الحرج: الشرع الحكيم لم يحدد مقداراً معيناً للوضوء أو الاغتلال لا يجوز تجاوزه، بل بين النبي ﷺ ذلك بالقدوة العملية. فالمقدار المذكور (الصاع والمد) هو للاسترشاد وبيان الكفاية، وليس حداً لا يجوز الزيادة عليه. فمن احتاج إلى ماء أكثر بسبب كثافة شعر لحيته أو جسده، أو لوجود وسخ يحتاج دلكاً، فلا حرج في الزيادة بقدر الحاجة، ما دام لا يقصد الإسراف.
4- كمال نظافة النبي ﷺ مع الاقتصاد: كان النبي ﷺ أنظف الناس وأطهرهم، ومع ذلك كان يكتفي بهذا المقدار القليل، مما يدل على أن النظافة لا تستلزم الإسراف، بل يمكن الجمع بينهما بالحكمة والتدبير.
5- الفقه العملي: يستفاد من الحديث أن الوضوء لا يحتاج إلى كمية كبيرة من الماء كما يتوهم بعض الناس، بل يمكن أداؤه بمقدار كأس أو كأسين (حوالي نصف لتر) إذا أحسن الشخص توزيعه وتدليك الأعضاء.
خاتمة:
فهذا الحديث من جوامع كلم النبي ﷺ، حيث جمع بين تعليم الأمة أدباً من آداب الإسلام وهو عدم الإسراف، وبين تطبيقه العملي لهذا الأدب في عبادته الشخصية، ليكون قدوة وأسوة للمسلمين جميعاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٩٢) والنسائي (٣٤٧) وابن ماجة (٢٦٨) كلّهم من حديث قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، فذكرت الحديث.
ورجاله ثقات إِلَّا أنَّ قتادة مع إمامته في الحديث كان يُدلِّس، لكن قال أبو داود - عقب رواية
الحديث من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة -: «رواه أبان، عن قتادة، قال: سمعت صفية«فانتفتْ عنه تهمةُ التدليس.
ولحديث عائشة طرق أخرى منها: قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة نحوه. رواه النسائيّ.
ومنها: قتادة، عن معاذة، عن عائشة نحوه.
رواه أبو عبيد في الطهور (رقم ١١٢).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 26 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

  • 📜 حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب