حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما يوجب الغسلَ ونسخ أنَّ الماء مِن الماءِ

عن أُبَي بن كعب قال: إنَّ رسول الله ﷺ إنما جَعَلَ ذلك رخصةً للناس في أولِ الإسلام
لقلةِ الثياب، ثم أمر بالغُسْلِ، ونهى عن ذلك. قال أبو داود: يعني الماءَ من الماءِ.

صحيح: أخرجه أبو داود (٢١٤) من حديث عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب الزّهريّ، قال: حَدَّثَنِي بعض من أرضى، أنَّ سهل بن سعد الساعدي أخبره أنَّ أُبَي بن كعب أخبره، فذكر الحديث.

عن أُبَي بن كعب قال: إنَّ رسول الله ﷺ إنما جَعَلَ ذلك رخصةً للناس في أولِ الإسلام
لقلةِ الثياب، ثم أمر بالغُسْلِ، ونهى عن ذلك. قال أبو داود: يعني الماءَ من الماءِ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث ومصدره:
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه (رقم 216)، عن الصحابي الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه.
شرح المفردات:
* جعل ذلك رخصة: أي أباح وأذن في ذلك الأمر (الذي سيأتي ذكره) تخفيفًا على الناس.
* في أول الإسلام: في المرحلة الأولى من الدعوة الإسلامية في مكة أو بداية الهجرة.
* لقلة الثياب: بسبب فقر الناس وقلة ما يملكون من الملابس التي يسترون بها أجسادهم عند الاغتسال.
* ثم أمر بالغسل: أي بعد ذلك، أوجب الله تعالى على رسوله ﷺ أن يأمر الناس بالاغتسال الكامل.
* ونهى عن ذلك: أي حرم ومنع ذلك الرخصة السابقة.
* الماء من الماء: هذه العبارة من كلام الإمام أبي داود شارحًا ما المقصود بـ "ذلك" في الحديث. والمقصود بها: "إنزال المني (الماء الدافق) من مسببه، وهو الجماع (الماء الذي هو المني أيضًا)". أي أن الرخصة كانت في عدم وجوب الاغتسال على من جامع زوجته وأنزل.
المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الصحابي أُبي بن كعب رضي الله عنه أن التشريع الإسلامي يتدرج في فرض الأحكام مراعاةً لأحوال الناس. ففي بداية الإسلام، وكان الناس في فقر وحاجة، رخَّص النبي ﷺ للرجل إذا جامع زوجته وأنزل (أي خرج منه المني) أن لا يغتسل غسل الجنابة الكامل، بل كان يكفيه أن يتوضأ وضوءه للصلاة فقط، تخفيفًا عليهم؛ لأن الاغتسال الكامل كان يشق عليهم due to قلة الملابس وبرودة الطقس وصعوبة الحصول على الماء الدافئ.
ثم بعد أن قويت شوكة المسلمين وتوفرت أسباب الحياة، نُسخت تلك الرخصة، فأمر الله تعالى رسوله ﷺ أن يأمر الناس بالاغتسال الكامل من الجنابة (أي من الجماع وإنزال المني) ونهى عن الاكتفاء بالوضوء فقط. فأصبح الغسل فرضًا واجبًا على من أنزل، سواء كان بالجماع أو بالاحتلام أو غير ذلك.
الدروس المستفادة والعبر:
1- رحمة الإسلام ويسره: يظهر هذا الحديث مدى مراعاة الإسلام لأحوال الناس ورفع الحرج عنهم، خاصة في فترات الضعف والمشقة. فالشريعة جاءت لتيسير الحياة على العباد، لا لتتعسيرها.
2- تدرج التشريع: من حكمة الله تعالى أن شرع الأحكام بشكل تدريجي، حتى تتهيأ النفوس لقبولها وتطبيقها، وهذا أبلغ في التعليم وأرسخ في التثبيت.
3- نسخ الأحكام: من سنن الله في التشريع أن ينسخ بعض الأحكام الأولى بأحكام لاحقة تكون أنسب للعباد، وذلك كمال للشريعة وليس نقصًا فيها، لأن النسخ يكون لحكمة بالغة يعلمها الله.
4- وجوب الغسل من الجنابة: الحكم الثابت الذي استقر عليه الأمر هو وجوب الغسل الكامل على الرجل والمرأة من إنزال المني، سواء كان بالجماع أو بغيره. وهذا الغسل شرط لصحة الصلاة وقراءة القرآن وغيرها من العبادات التي يشترط لها الطهارة الكبرى.
5- فقه الصحابة ودقتهم: يدل الحديث على глуби فهم الصحابة رضي الله عنهم لأسباب التشريع ونزول الأحكام، حيث حفظوا لنا الحكم الأول والثاني وسبب التغيير بينهما.
معلومات إضافية مفيدة:
* الحديث دليل على أن الوضوء كان يجزي عن الغسل في أول الإسلام، ثم نُسخ هذا الحكم.
* هذا النسخ ثابت بأحاديث صحيحة أخرى، منها قول النبي ﷺ: «إِنَّمَا كَانَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ، ثُمَّ أُمِرْنَا بِالاغتِسَالِ بَعْدُ» رواه الطبراني وهو حسن.
* حكم الغسل من الجنابة ثابت بالقرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه أبو داود (٢١٤) من حديث عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب الزّهريّ، قال: حَدَّثَنِي بعض من أرضى، أنَّ سهل بن سعد الساعدي أخبره أنَّ أُبَي بن كعب أخبره، فذكر الحديث.
إسناده متصل غير أنَّ فيه رجلًا مُبْهمًا لم يُسمْ.
وقال ابن خزيمة (١/ ١١٤): وهذا الرّجل الذي لم يسمه عمرو بن الحارث بشبه أن يكون أبا حازم سلمة بن دينار؛ لأنَّ مُبَشِّر بن إسماعيل روي هذا الخبر عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد.
وهذا الذي ذكره ابن خزيمة رواه أبو داود (٢١٥) قال: حَدَّثَنَا محمد بن مهران البزّار الرازيّ، حَدَّثَنَا مُبشِّر الحلبي به مثله.
قال البيهقيّ - بعد أن رواه من جهة أبي داود من طريق عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب قال: حَدَّثَنِي بعض من أرضى -: «وقد رُوِينا بإسناد آخر موصولًا صحيحًا عن سهل بن سعده. وهو ما رواه من حديث موسى بن هارون، ثنا محمد بن مهران الجمال، ومن طريق أبي داود، ثنا محمد بن مهران الرازيّ، ثنا مُبشِّر الحلبيّ، عن محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: حَدَّثَنِي أُبَي بن كعب، أنَّ الفُتيا التي كانوا يفتون أنَّ الماء من الماء كانتْ رخصةً رخَّصها رسول الله ﷺ في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بَعدُ.
وفي حديث موسى بن هارون: ثم أُمِرنا بالاغتسال بعد.
«السنن الكبري» (١/ ١٦٥ - ١٦٦).
قال الأعظمي: ورجال هذا الإسناد ثقات غير مُبشِّر بن إسماعيل الحلبي؛ فهو صدوق.
فيحتمل أن يكون الزهري سمعه عن أبي حازم، ثم تردد أو شك في اسمه فقال: حَدَّثَنِي من أرضى، ثم تيسر له أن يسمع من سهل نفسه؛ فقد روي يونس عن الزهري أنه قال: حَدَّثَنِي سهل، وفي رواية قال: قال سهل بن سعد الساعديّ، أنبأنا أُبَي بن كعب، فذكر الحديث.
وهذا الأخير أخرجه ابن ماجة (٦٠٩) قال: عن محمد بن بشار، ثنا عثمان بن عمر، أنبأنا يونس به.
وأخرجه الترمذيّ (١١٠) حَدَّثَنَا أحمد بن منيع، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزّهريّ، عن سهل بن سعد، فذكر مثله. قال الترمذيّ: وأخبرنا معمر، عن الزهري بهذا الإسناد مثله. وقال: «حديث حسن صحيح».
فقد روي يونس بن يزيد ومعمر، عن الزّهريّ، عن سهل بن سعد بدون واسطة بينهما. وفي جميع الحالات يكون الإسناد صحيحًا.
وبهذا ثبت نسخ حديث «الماء من الماء» قال الترمذيّ: إنّما كان الماءُ من الماء في أول
الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك؛ هكذا روى غير واحد من أصحاب النَّبِيّ ﷺ منهم أُبَي بن كعب ورافع بن خديج، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم على أنه إذا جامع امرأته في الفرج وجب عليهما الغسل وإن لم يُنزلا. انتهى.
قال الأعظمي: أما حديث أُبَي بن كعب فقد سبق تخريجه. وأمّا حديث رافع بن خديج فهو ضعيف، أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١٧٢٨٨) قال: حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا رِشْدين بن سعد، عن موسى بن أيوب الغافقيّ، عن بعض ولد رافع بن خديج، عن رافع بن خديج، قال: ناداني رسولُ الله ﷺ، وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أُنزل، فاغتسلت وخرجت إلى رسول الله، ﷺ فأخبرته أنك دعوتني وأنا على بطن امرأتيّ، فقمت ولم أنزل فاغتسلت، فقال رسول الله ﷺ: «لا عليك، الماء من الماء». قال رافع: ثم أمرنا رسولُ الله بعد ذلك بالغسل. انتهي.
ورِشْدين بن سعد - بكسر الراء وسكون المعجمة - المَهريّ، أبو الحجاج المصريّ، قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال النسائيّ: متروك الحديث. وضعّفه أيضًا أبو داود والدارقطني وغيرهم.
كما أن في الإسناد جهالة بعض ولد رافع. وموسى بن أيوب قال فيه ابن معين: منكر الحديث.
وأورده الهيثميّ في مجمع الزوائد (١/ ٢٦٤ - ٢٦٥) وعزاه إلى أحمد والطَّبرانيّ في الكبير وقال: «فيه رِشدين بن سعد، وهو ضعيف».
قال الأعظمي: أخرجه الطبرانيّ في الكبير (٤٣٤٧) والأوسط (٦٥٠٩)، وسمِّي ولد رافع بن خديج بأنه سهل، وقال: لم يرو عن سهل إِلَّا موسى بن أيوب الغافقيّ، تفرّد به رِشدين. وسهل بن رافع بن خديج لم نجد له ترجمة.
قال الأعظمي: وفي الباب أيضًا ما رواه أبو هريرة وبلال، ولم يثبت منه شيء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 10 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

  • 📜 حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الماء من الماء رخصة في أول الإسلام لقلة الثياب.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب