كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

عن عائشة قالت: كان النَّبِيّ ﷺ إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحوَ الحِلاب، فأخذ بِكفِّه فبدأَ بشِقِّ رأسِه الأيمن، ثم الأيسر، فقال بهما على رأسه.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الغسل (٢٥٨) ومسلم في الحيض (٣١٨) كلاهما عن محمد بن المثنَّى، ثنا أبو عاصم، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن القاسم، عن عائشة فذكرت الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتمدين لدى أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النَّبِيّ ﷺ إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحوَ الحِلاب، فأخذ بِكفِّه فبدأَ بشِقِّ رأسِه الأيمن، ثم الأيسر، فقال بهما على رأسه."

1. شرح المفردات:

* دعا بشيء: طلب شيئًا.
* نحو الحلاب: الحلاب (بكسر الحاء) هو الإناء الذي يُحلب فيه اللبن، وهو وعاء صغير. وقيل هو إناء صغير له عروتان. والمقصود أنه طلب إناءً يشبه الحلاب في حجمه.
* فأخذ بكفه: أي أخذ الماء بيده.
* بدأ بشق رأسه الأيمن: بدأ بناحية الرأس اليمنى.
* ثم الأيسر: ثم الناحية اليسرى.
* فقال بهما على رأسه: أي صب الماء على رأسه باستخدام كفيه هاتين.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف هذا الحديث هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاغتسال من الجنابة، وتحديدًا في كيفية غسل رأسه. فكان عليه الصلاة والسلام إذا أراد الاغتسال، يطلب إناءً صغيرًا (مثل الحلاب) مملوءًا بالماء، ليستخدمه في غسل رأسه بشكل منفصل. فيأخذ الماء بكفه من ذلك الإناء، ويبدأ بغسل الشق الأيمن من رأسه أولاً، ثم يتبعه بالشق الأيسر، ويحرص على أن يصب الماء على جميع رأسه باستخدام كفيه ليتأكد من وصول الماء إلى جميع أجزاء الرأس.
وهذا الفعل منه ﷺ كان قبل أن يفيض الماء على سائر جسده، كما هو مبين في روايات أخرى للغسل الكامل.

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- بيان هدي النبي في الغسل من الجنابة: الحديث يوضح جزءًا من صفة الغسل الكامل، وهو العناية بغسل الرأس وتخليله بالماء، وهو فرض من فروض الغسل عند الجمهور.
2- التيمن في الأفعال المباحة: استحباب البدء باليمين في الأمور الحسنة، حتى في غسل أجزاء البدن أثناء الاغتسال، اقتداءً بالنبي ﷺ الذي كان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي جميع شؤونه.
3- الاقتصاد في الماء وعدم الإسراف: طلبه ﷺ إناءً صغيرًا لغسل رأسه يدل على الحرص على عدم الإسراف في استعمال الماء، حتى في العبادات التي تتطلب طهارة، فالحكمة والاعتدال مطلوبان في كل شيء.
4- الاهتمام بإيصال الماء إلى البشرة: حرصه ﷺ على أخذ الماء بكفه وصبه على رأسه يدل على العناية بإيصال الماء إلى جميع أجزاء الرأس والشعر، وعدم الاكتفاء بمجرد مرور الماء عليه.
5- التدرج والترتيب في الأفعال: كان فعله ﷺ مرتبًا ومنظمًا، يبدأ باليمين ثم اليسار، مما يعلم الأمة النظام والترتيب في جميع أمورها.
6- أن غسل الرأس في الجنابة يكون بصب الماء عليه: وليس من الضروري أن يغسل كل شعرة على حدة، بل يكفي تعميم الرأس بالماء مع التدليك والتخليل للتأكد من وصوله إلى البشرة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الفعل من النبي ﷺ (غسل الرأس بالإناء) هو هيئة من هيئات الغسل، وليست هي الوحيدة. فمن السنة أن يغسل المسلم رأسه ثلاث مرات، وقد يكون هذا الفعل هو لإحدى هذه المرات.
* يستحب للمسلم عند الاغتسال من الجنابة أن يتبع الهيئة الكاملة للغسل، والتي تشمل: النية، غسل الكفين، غسل الفرج، الوضوء وضوءًا كاملاً للصلاة، ثم إفاضة الماء على الرأس ثلاث مرات مع تخليل الشعر، ثم غسل سائر الجسد.
* الحديث دليل على أن أفعال العبادات توقيفية، نأخذها كما جاءت عن النبي ﷺ، ونحرص على الاقتداء به في هيئتها وترتيبها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الغسل (٢٥٨) ومسلم في الحيض (٣١٨) كلاهما عن محمد بن المثنَّى، ثنا أبو عاصم، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن القاسم، عن عائشة فذكرت الحديث. واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلمٍ نحوه، إِلَّا أنه قال بعد قوله «ثم الأيسر»: «ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه».
والحِلاب - بكسر الحاء المهملة - قال الخطّابي: هو إناء يسع قدر حلب ناقة، وقال: وقد ذكره محمد بن إسماعيل في كتابه «الجامع الصحيح»، وتأوله على استعمال الطيب في الطهور، وأحسبه توهم أنّه يريد به المحلب الذي يستعمل في غسل الأيديّ، وليس هذا من الطيب في شيء. انتهى.
وقال الإسماعيلي أيضًا في مستخرجه: رحم الله أبا عبد الله - يعني البخاريّ - من ذا يسلم من الغلط، سبق إلى قلبه أنَّ الحِلابَ طيب، وأي معنى للطيب عند الاغتسال قبل الغُسْلِ، إنّما الحِلاب إناءٌ، وهو ما يحلب فيه، يسمى حِلابًا ومحلبًا. «الفتح» (١/ ٣٦٩).
قال الأعظمي: لأنَّ البخاريّ رحمه الله تعالى بوَّب في صحيحه بقوله: «باب من بدأ بالحِلاب أو الطيب عند الغُسْل» ظنًّا منه أنَّ الحِلابَ نوعٌ من الطيب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 24 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

📜 حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كان النبي إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية