حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الاسْتَتار في الغُسْلِ والبَول والبَرَازِ

عن عبد الرحمن قال: انطلقتُ أنا وعمرو بن العاص إلى النَّبِيّ ﷺ، فخرج ومعه دَرَقةٌ، ثم استتر بها، ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يَبولُ كما تَبولُ المرأة، فسمع ذلك فقال: «ألم تَعلمُوا ما لقي صاحبُ بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البول منهم؛ فنهاهم فعُذِّب في قبره».

صحيح: أخرجه أبو داود (٢٢) والنسائي (٣٠) وابن ماجة (٣٤٦) كلّهم من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عنه به.

عن عبد الرحمن قال: انطلقتُ أنا وعمرو بن العاص إلى النَّبِيّ ﷺ، فخرج ومعه دَرَقةٌ، ثم استتر بها، ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يَبولُ كما تَبولُ المرأة، فسمع ذلك فقال: «ألم تَعلمُوا ما لقي صاحبُ بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البول منهم؛ فنهاهم فعُذِّب في قبره».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام النسائي، وغيرهم. وهو حديث صحيح بشواهده، وقد صححه عدد من أهل العلم.
### ثانياً. شرح المفردات
● دَرَقةٌ: هي الترس الذي يُتَّقى به في الحرب، أو شيءٌ يُستتر به عادةً.
● اسْتَتَرَ بها: أي اتخذها ستراً وحاجزاً يحجبه عن أنظار الناس أثناء قضاء حاجته.
● يَبولُ كما تَبولُ المرأة: قولهم هذا كان على سبيل التعجب والاستنكار، حيث كانوا يعتقدون أن بول الرجل لا ينجس الجسم مثل بول المرأة، أو أن طريقة تبوله مختلفة.
● صاحبُ بني إسرائيل: المقصود به نبي من أنبياء بني إسرائيل، والعبرة بعموم الوعيد لا بخصوص الشخص.
● قطعوا ما أصابه البول: أي كانوا يقطعون الجزء من ثيابهم الذي أصابه البول، ظناً منهم أن هذا هو طريق الطهارة.
● عُذِّب في قبره: أي ناله عذابٌ في قبره بسبب هذه البدعة والضلالة التي لم ينههم عنها بل سكت عليها.
### ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبر الصحابي عبد الرحمن أنه كان هو وعمرو بن العاص مع النبي ﷺ، فخرج النبي ومعه شيءٌ ليستتر به (الدَرَقة)، فبال وهو مستتر بها. فلما رآه الصحابة يتبول جالساً (كما تفعل المرأة) تعجبوا وقالوا: "انظروا إليه يبول كما تَبولُ المرأة"، أي: يَجلِسُ على الأرضِ لِيَتبوَّلَ كما تَجلِسُ المرأةُ، ويَستتِرُ ويتَوارى عن الأعيُنِ بحاجزٍ كما تَفعَلُ المرأةُ، وقد قالوا ذلك استِغرابًا وتعَجُّبًا، أو استِفْسارًا عن هذا الفِعلِ الَّذي خالَف عادَتَهم الجاهليَّةَ في تَبوُّلِ الرِّجالِ قِيامًا،
فسمع النبي ﷺ قولهم هذا. فأخبرهم ﷺ أن سبب جلوسه للتبول وحرصه على التستر والطهارة هو ما حدث لأحد بني إسرائيل، حيث كان قومه إذا أصاب بولُهم ثيابهم، قطعوا ذلك الجزء لأن هذه هي الطهارة في شريعتهم! أي: كان مِن شَريعتِهم أن يتَحرَّزوا مِن البولِ، وكان مِن التَّشْديدِ عليهم أن يَقطَعوا مِن ثِيابِهم الجزءَ الَّذي أصابَه البولُ ولا ينتَفِعوا به، "فنهاهم"، أي: هذا الرَّجلُ الذي أشار إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن هذا الفِعلِ؛ "فعُذِّب في قَبرِه"، أي: فكان جَزاؤُه العذابَ في قبرِه، فحذَّرهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من إنكارِ الاحترازِ مِن البولِ؛ لئلَّا يُصيبَهم ما أصاب اليهوديَّ.
فجاء النبي ﷺ ليبين الطريقة الصحيحة للطهارة من البول، وهي غسل ما أصابه البول أو التحرز منه، وليس قطعه، كما بين أن ترك الإنكار على المنكر يؤدي إلى العقاب.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب التستر عند قضاء الحاجة: حرص النبي ﷺ على الاستتار حتى مع وجود الصحابة، ليعلم الأمة أدب الاستتار وعدم كشف العورة.
2- شريعة من قبلنا: فعل بني إسرائيل (قطع ما أصابه البول) كان شريعة خاصة بهم، وقد خفف الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
3- وجوب إنكار المنكر: الحديث يُظهر عظم مسؤولية العالم والداعية في إنكار المنكر وعدم السكوت عنه، وإلا كان شريكاً في الإثم.
4- التيسير ورفع الحرج في الشريعة: الشريعة الإسلامية جاءت بالطهارة بالغسل أو المسح، وليس بالقطع أو الإتلاف، مما يظهر يسر الإسلام وسماحته.
5- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: حيث تعجبوا، لكن عندما بين لهم النبي الحكمة، قبلوا وامتثلوا.
6- طهارة البول تكون بالماء: الحديث يؤكد أن الطهارة من النجاسات تكون بالغسل بالماء، وليس بقطع الأعضاء أو الثياب.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث أصل في وجوب التنزه من البول واجتناب النجاسات، وهو من أهم أدلة الفقهاء على طهارة البول بالغسل.
- فيه تحذير من التشدد في الدين والغلو، الذي قد يؤدي إلى أمور لم يأذن بها الله.
- يستفاد منه أن العالم إذا رأى منكراً يجب أن يبين حكم الله فيه، ولا يسكت مخافة الناس.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بسنة نبيه ﷺ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه أبو داود (٢٢) والنسائي (٣٠) وابن ماجة (٣٤٦) كلّهم من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عنه به. واللّفظ لأبي داود.
زيد بن وهب: هو الجهني أبو سليمان الكوفيّ، أسلم في حياة النَّبِيّ ﷺ ورحل إليه مهاجرًا، فقُبِضَ رسولُ الله ﷺ وهو في الطريق فلم يُدركهـ، قال يعقوب بن سفيان: في حديثه خلل كثير. وردّ عليه الحافظ في التقريب: «لم يصب من قال: في حديثه خلل»، مات بعد الثمانين، وقيل: سنة ست وتسعين.
وبقية رجاله ثقات. قال الحافظ في «فتح الباري» (١/ ٣٢٨): هو حديث صحيح، صحَّحه الدَّارقطنيّ وغيره».
وقال أبو داود: «قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث قال: «جلْدَ أحدهم»، وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النَّبِيّ ﷺ: «جسد أحدهم». يقصد اختلاف الألفاظ.
والدَّرَقة - بفتح الدال والراء المهملتين والقاف - الجحفة، والمراد بها: الترس إذا كان من جلود وليس فيها خشب وعصب.
وقوله: «فقلنا انظروا إليه»، في رواية النسائيّ وابن ماجة: «فقال بعض القوم»، وهذا هو الظاهر؛ فقوله: «قلنا» حكاية عن قولهم؛ لأنَّ قائل هذا لا يكون مسلمًا؛ لما فيه من سوء الأدب مع النَّبِيّ ﷺ، وعلى الفرض أنَّ قائله مسلم فيحمل على التعجب من هذا الفعل؛ لأنه كان خلافًا لعادة العرب.
وقوله: «يبول كما تبول المرأة» فيه تشبه في الستر أو الجلوس، وقد فهم منه السترَ النسائيّ؛ فبوَّب بقوله: «البول إلى السترة يستر بها»، وبوَّب أبو داود بقوله: «الاستبراء من البول»، وبوَّب ابن ماجة بقوله: «باب التشديد في البول»، ولم يبوَّب أحد من هؤلاء: (البول قائمًا)، وهو أقرب إلى التشبيه، وقد نقل بعض أهل العلم أنَّ العرب كانوا يرون البول قائمًا من الشهامة من الرجال دون النساء، وأمّا كشفُ العورة فلم يكن مُتفشِّيًا فيهم، وإن كانوا غير مبالين به.
وقوله: «إذا أصابهم البولُ قطعوا ما أصابه البولُ» أي: الثياب؛ فالروايات الصحيحة هي بذكر الثوب، وما جاء في بعض الروايات بذكر الجلد أو الجسد فيحمل على حذف المضاف، يعني: ثوب جسدهم أو جلدهم؛ لأنَّ الحمل على الظاهر - وهو الجلد أو الجسد - يؤدي إلى قطع كل أجسادهم لتكرار الوقوع، والله لم يكلف أحدًا من عباده - في أي زمن أو مكان - ما لا يطيقون.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 56 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

  • 📜 حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب