حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي

عن عوف بن مالك بن الطفيل -وهو ابن أخي عائشة زوج النبي ﷺ لأمها- أن عائشة، حدثت: أن عبد اللَّه بن الزبير قال: في بيع أو عطاء أعطته عائشة: واللَّه! لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو للَّه علي نذر، أن لا أكلم ابن الزبير أبدا. فاستشفع ابن الزبير إليها، حين طالت الهجرة، فقالت: لا واللَّه! لا أشفع فيه أبدا، ولا أتحنث إلى نذري. فلما طال ذلك على ابن الزبير، كلم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وهما من بني زهرة، وقال لهما: أنشدكما باللَّه لما أدخلتماني على عائشة، فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي. فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما، حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم، ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج، طفقت تذكرهما نذرها وتبكي وتقول: إني نذرت، والنذر شديد، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

صحيح: رواه البخاريّ في الأدب (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني عوف بن مالك بن الطفيل، فذكره.

عن عوف بن مالك بن الطفيل -وهو ابن أخي عائشة زوج النبي ﷺ لأمها- أن عائشة، حدثت: أن عبد اللَّه بن الزبير قال: في بيع أو عطاء أعطته عائشة: واللَّه! لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، فقالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو للَّه علي نذر، أن لا أكلم ابن الزبير أبدا. فاستشفع ابن الزبير إليها، حين طالت الهجرة، فقالت: لا واللَّه! لا أشفع فيه أبدا، ولا أتحنث إلى نذري. فلما طال ذلك على ابن الزبير، كلم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وهما من بني زهرة، وقال لهما: أنشدكما باللَّه لما أدخلتماني على عائشة، فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي. فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما، حتى استأذنا على عائشة، فقالا: السلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم، ادخلوا كلكم، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب، فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته، وقبلت منه، ويقولان: إن النبي ﷺ نهى عما قد علمت من الهجرة، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج، طفقت تذكرهما نذرها وتبكي وتقول: إني نذرت، والنذر شديد، فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير، وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك، فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. ترجمة الراوي وتوضيح السياق
الراوي هو عوف بن مالك بن الطفيل، وهو ابن أخي السيدة عائشة -رضي الله عنها- لأمها. والقصة تدور حول خلاف وقع بين السيدة عائشة -وهي خالة عبد الله بن الزبير- وعبد الله بن الزبير نفسه -رضي الله عنهما-، وكان سببه كلامًا قاله ابن الزبير في شأن بيع أو عطاء تتعلق به السيدة عائشة.
### ثانيًا. شرح المفردات
● لأحجرن عليها: أي سأطلب إلى الحاكم أن يمنعها من التصرف في مالها (الحَجْر: المنع).
● لا أتحنث: أي لا أكفر عن نذري وأترك الوفاء به (الحنث: ترك الوفاء بالنذر).
● مشتملين بأرديتهما: أي ملتحفين بأرديتهم، ليخفي ابن الزبير نفسه بينهما.
● الحجاب: هنا يعني الستر الذي كان يستر جانب البيت.
● يناشدها: يطلب منها بإلحاح.
● التحريج: التضييق والإلحاح في الطلب.
● تذكرهما نذرها: تُعرِّفَهما بنذرها وتذكرها إياهم به.
### ثالثًا. شرح الحديث
تبدأ القصة بأن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- غضب من السيدة عائشة في مسألة مالية (بيع أو عطاء) وتوعّدها بأنه سيطلب من الحاكم أن يحجر عليها (يمنعها من التصرف في مالها) إذا لم تنته عما تفعله.
فلما بلغ السيدة عائشة -رضي الله عنها- قوله، غضبت غضبًا شديدًا، ونذرت نذرًا أن لا تكلم ابن أختها (عبد الله بن الزبير) أبدًا. وظلت على هذا النذر فترة طويلة، حتى طال هجره لها.
حاول ابن الزبير أن يتراجع ويطلب الصلح، فرفضت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بسبب نذرها. فلما اشتد الأمر على ابن الزبير، استعان باثنين من أقاربهما (المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود) ودخل بهما متخفيًا إلى حجرة السيدة عائشة.
وبدأ ابن الزبير يعانق خالته ويبكي ويطلب منها السماح، بينما كان الرجلان يطلبان منها أن تكلمه وتقبل منه، ويذكرانها بأن النبي ﷺ نهى عن الهجرة (أي المقاطعة) لأكثر من ثلاث ليال.
أمام إصرارهما وبكاء ابن الزبير، كانت السيدة عائشة تذكر لهما نذرها وتقول إن النذر أمر شديد، وتبكي هي أيضًا. وفي النهاية، استجابت لهم وكلمت ابن الزبير، لكن لأنها نذرت نذر معصية (مقاطعة قريبها)، فقد أعتقت أربعين رقبة (عبدًا) ككفارة عن ذلك النذر. وكانت بعد ذلك تذكر نذرها وتبكي ندماً على ما فعلت.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- تحريم الهجرة والمقاطعة بين المسلمين فوق ثلاث ليال: كما في قوله ﷺ: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال».
2- خطورة النذر في المعصية: النذر يجب أن يكون في طاعة الله فقط، والنذر في معصية لا يجوز الوفاء به، بل يجب كفارته.
3- كفارة نذر المعصية: هي كفارة يمين، وهي كما في الحديث: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
4- فضل الصلح والإصلاح بين الناس: كما فعل المسور وعبد الرحمن في الإصلاح بين ذات الرحم.
5- التأثر والندم على فعل المعصية: كما كانت السيدة عائشة تبكي كلما تذكرت نذرها.
6- جواز استعمال الحيلة المباحة للإصلاح: كما فعل الرجلان بإدخال ابن الزبير متخفيًا لتحقيق الصلح.
7- عظم حق القرابة والأرحام: ومحاولة ابن الزبير للصلح مع خالته يدل على ذلك.
### خامسًا. معلومات إضافية
- القصة تدل على علو همة السيدة عائشة -رضي الله عنها- وحرصها على الوفاء بالنذر حتى لو كان في معصية، ثم حرصها على التكفير عن ذلك.
- فيها بيان لشدة احترام الصحابة للنبي ﷺ واتباعهم لسنته، حيث استدل الرجلان على السيدة عائشة بحديث النهي عن الهجرة.
- القصة منقولة في صحيح البخاري، وهي من الأحاديث التي تدل على حرص الصحابة على تطبيق شرع الله حتى في أخص أمورهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني عوف بن مالك بن الطفيل، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 999 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

  • 📜 حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عائشة تنذر ألا تكلم ابن الزبير أبدا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب