حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم الغيبة

عن عبد الله بن مسعود قال: كنا جلوسا عند النبي ﷺ، فقام رجل، فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي ﷺ: «تخلَّلْ» قال: وما أتخلل يا رسول الله! أكلت لحما؟ قال: «إنك أكلتَ لحمَ أخيك».

حسن: رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ١٢٦) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو خالد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: فذكره.

عن عبد الله بن مسعود قال: كنا جلوسا عند النبي ﷺ، فقام رجل، فوقع فيه رجل من بعده، فقال النبي ﷺ: «تخلَّلْ» قال: وما أتخلل يا رسول الله! أكلت لحما؟ قال: «إنك أكلتَ لحمَ أخيك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر من خطورة الغيبة وآثارها المدمرة على الفرد والمجتمع. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● وَقَعَ فِيهِ: أي ذكره بسوء في غيبته، أي اغتابه.
● تَخَلَّلْ: الأمر بتخليل الأسنان، وهو إخراج ما علق بينها من بقايا الطعام.
● أَكَلْتَ لَحْمًا؟: استفهام على جهة التعجب والاستنكار، كأنه يقول: لماذا تأمرني بالتخيل ولم آكل لحماً حتى يعلق بين أسناني؟
● أَكَلْتَ لَحْمَ أَخِيكَ: كناية عن اغتيابه، فكأنه قد أكل لحمه حقيقةً لما في الغيبة من انتهاك حرمة المسلم والاعتداء على عرضه.


ثانياً. شرح الحديث:


يصور لنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مشهداً من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم التعليمية، حيث كانوا جالسين في مجلسه يستفيدون من علمه وأدبه.
● الموقف: قام رجل من المجلس وذهب، فاغتابه رجل آخر موجود في المجلس، أي ذكره بما يكره من العيوب في غيبته.
● رد النبي صلى الله عليه وسلم: لم يوبخه مباشرةً، بل استخدم أسلوباً حكيماً يعظ به ولا ينفر، فقال له: «تَخَلَّلْ» أي استعمل المسواك أو عوداً لإخراج ما بين أسنانك.
● رد الرجل: استغرب الرجل هذا الأمر، لأنه لم يأكل لحماً حتى يحتاج إلى التخليل، فقال: «وما أتخلل يا رسول الله! أكلت لحما؟».
● التعليل النبوي: هنا جاء التوجيه النبوي الحاسم والمؤثر، حيث بين له النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة ما فعل، فقال: «إِنَّكَ أَكَلْتَ لَحْمَ أَخِيكَ». فكأنه بأذيته لأخيه المسلم واغتيابه إياه، قد افترس لحمه ونهشه.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الغيبة وشدة خطرها: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة بمثابة أكل لحم الإنسان ميتاً، وهي صورة بشعة تنفر الطباع السليمة من هذا الفعل القبيح. قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12].
2- الحكمة في التعليم والنهي عن المنكر: لم ينهر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل مباشرة، بل نبهه بأسلوب لطيف ومؤثر، مما يجعل النصيحة أدعى للقبول وأبلغ في التأثير.
3- حرمة المسلم وعرضه: الحديث يرسخ أن للمسلم حرمة عظيمة، لا يجوز انتهاكها بالغيبة أوالبهتان أو أي شكل من أشكال الأذية.
4- حقيقة الغيبة: الغيبة هي ذكرك أخاك المسلم في غيبته بما يكره، سواء كان في بدنه، أو خلقه، أو نسبه، أو عمله، أو شكله، أو أي شيء يتعلق به.
5- النصيحة للمجتمع المسلم: يحث الحديث على حفظ ألسنتنا من آفاتها، ويبني مجتمعاً قائماً على المحبة والأخوة والتكافل، لا على التنابز بالألقاب والاغتياب.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الفرق بين الغيبة والبهتان:
● الغيبة: ذكر المسلم في غيبته بما هو فيه.
● البهتان: ذكر المسلم في غيبته بما ليس فيه، وهو أشد إثماً.
● كفارة الغيبة: هي الاستغفار للمغتاب والتصدق عنه والدعاء له، كما يجب الاستحلال منه إذا علم أنه اغتيبه وتأذى بذلك.
● مواضع جواز الغيبة: هناك مواضع استثناها العلماء يجوز فيها ذكر الشخص بسوء، كالتظلم إلى القاضي، أو التحذير من مجرب أو فاسق لاجتناب شره، أو الاستفتاء على حكم معين (بذكر الأمر دون تعيين الشخص إذا أمكن)، وغير ذلك مما هو مبين في كتب الفقه.
نسأل الله أن يعيذنا وإياك من شرور ألسنتنا، وأن يجعلها دائماً ذاكرةً له، وشاكرةً لنعمه، وناصحةً لإخواننا المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ١٢٦) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو خالد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي خالد الأحمر وهو سليمان بن حيان الأزدي من رجال الجماعة حسن الحديث.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (٤٢٩٦) وقال: «حديث غريب، رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والطبراني واللفظ له، ورواته رواة الصحيح».
وقال الهيثمي في المجمع (٨/ ٩٤): «رجاله رجال الصحيح».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 979 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

  • 📜 حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تخلل فإنك أكلت لحم أخيك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب