حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من تتبع عورات المسلمين

عن معاوية قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم»
فقال أبو الدرداء: كلمة سمعها معاويةُ من رسول اللَّه نفعه اللَّه تعالى بها.

صحيح: رواه أبو داود (٤٨٨٨)، وابن حبان (٥٧٦٠)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٣٣٣) كلهم من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان (هو الثوري)، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن معاوية، فذكره.

عن معاوية قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم»
فقال أبو الدرداء: كلمة سمعها معاويةُ من رسول اللَّه نفعه اللَّه تعالى بها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يحمل تحذيرًا بليغًا من خلق ذميم، ويدل على حكمة بالغة في التعامل مع الناس. وإليك الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه:


عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ». فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا.
(رواه أبو داود في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني وغيره).


1. شرح المفردات:


* اتَّبَعْتَ: التزمت وواظبت على البحث عنها وتتبعها.
* عَوْرَاتِ النَّاسِ: جمع "عورة"، والمقصود هنا العيوب والذنوب والهنات والزلات التي يسترها الناس ويخجلون من إظهارها. وهي ما ستره الله على العبد فلا يحل لكشفه.
* أَفْسَدْتَهُمْ: أي أهلكتهم أو دمرتهم معنويًّا، أو دفعتهم إلى الاستمرار في الفساد والإعلان من معاصيهم بعد أن كانوا يسترونها.
* كِدْتَ: قاربت وقصَدْتَ، أي أن النتيجة شبه مؤكدة.
* نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا: دعاء من أبي الدرداء رضي الله عنه بأن يوفق الله معاوية للعمل بهذه الكلمة والحكمة فيها، فينفعه ذلك في دينه ودنياه.


2. شرح الحديث:


يوجه النبي ﷺ في هذا الحديث تحذيرًا صريحًا من خطورة تتبع عورات المسلمين وعيوبهم والبحث عن زلاتهم وأخطائهم التي يسترونها.
* المعنى المباشر: إذا انشغل الإنسان بتتبع عيوب الآخرين والبحث عن هفواتهم وكشف أسرارهم المستورة، فإن فعله هذا لن يؤدي إلا إلى إفسادهم. والإفساد هنا له أوجه متعددة:
* إفساد القلب: بإشغاله بالغيبة والنميمة والاحتقار.
* إفساد العلاقات: بنشر العداوة والبغضاء بين الناس.
* إفساد المجتمع: بهدم جدران الثقة والأمان بين أفراده.
* إفساد الشخص المُتَّبَع: فقد ييأس من رحمة الله إذا انتشر ذنبه، أو يستمرئ المعصية ويجهر بها بعد أن كان يسترها، فيقول: "طالما كشفوا ستر الله عليَّ، فلماذا أستتر؟!".
* قوله ﷺ: «أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ»: هذا أسلوب بلاغي يؤكد عظم الجرم وخطورة العاقبة، فحتى لو لم يتحقق الإفساد الكامل، فإن مجرد السعي في تتبع العورات هو بداية الطريق إلى الهلاك والفساد.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم تتبع العورات: هذا الفعل من كبائر الذنوب، وقد نهى الله عنه في القرآن بقوله: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]. والتجسس هو التطلع إلى ما ستره الله على عباده.
2- ستر المسلم: من أعظم القربات ستر عورة المسلم كما سترك الله. قال ﷺ: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (رواه مسلم).
3- تزكية النفس والانشغال بعيوب الذات: الإنسان الحكيم هو من ينشغل بإصلاح عيوب نفسه بدلاً من البحث عن عيوب الآخرين. قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].
4- حكمة الدعوة والنصيحة: النصيحة يجب أن تكون سرًا بينك وبين من تنصحه، لا على الملأ وبطريقة فيها فضح وتشهير، فإن ذلك ينفر ولا يجذب، ويفسد ولا يصلح.
5- الحفاظ على تماسك المجتمع: المجتمع القوي هو الذي تسوده الثقة والستر والمحبة، وليس المجتمع الذي يتربص أفراده ببعضهم البعض ليكشفوا عيوب بعض.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* لمن قيلت الكلمة؟: يُفهم من السياق أن النبي ﷺ قالها لمعاوية مباشرةً وهو شاب، فنفع الله بها معاوية فكان من حلماء الصحابة وولاة الأمور العادلين، مشهورًا بالحلم والستر والتأني.
* الفئة الأكثر عرضة لهذا الذنب: هذا التحذير موجه بشكل خاص لـ:
* أصحاب السلطة والولاية: فلا يجوز لهم التجسس على الرعية إلا بحدود الضرورة الشرعية لدرء مفسدة أكبر.
* الدعاة والمصلحين: حتى لا تتحول همتهم من الإصلاح إلى التتبع والفضيح.
* عامة الناس: ليعلم كل إنسان أن كشف عورات الناس ليس من شيم المؤمنين.
* الفرق بين النصيحة والتجسس: النصيحة تكون عند وجود منكر ظاهر، هدفها الإصلاح. أما التجسس فهو البحث عن عيب مستور، هدفه غالبًا التشهير والإفساد.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على غض أبصارنا ع عورات المسلمين، وأن يستر عيوبنا في الدنيا
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٨٨)، وابن حبان (٥٧٦٠)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٣٣٣) كلهم من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان (هو الثوري)، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن معاوية، فذكره. وإسناده صحيح.
قوله: «إنك إن اتبعت. . .» أي إن كان التجسس لغرض الاطلاع على عورات الناس وعيوبهم، والتشهير بها، فهذه مفسدة كبيرة بلا شك، وأما إن كان لحفظ الأمن والأمان ومعرفة المخربين والمفسدين فهذا واجب على الدولة لحماية المجتمع وحفظ الأموال والأعراض والأنفس.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 983 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

  • 📜 حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من اتبع عورات الناس أفسدهم أو كاد أن يفسدهم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب