حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من سوء الظن، ومن التجسس والتحاسد والتباغض ونحوها

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد اللَّه إخوانا»
وفي لفظ: «لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا إخوانا كما أمركم اللَّه»

صحيح: رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٦٣: ٣٠) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: فذكره.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد اللَّه إخوانا»
وفي لفظ: «لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا إخوانا كما أمركم اللَّه»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يرشدنا إلى أسس بناء المجتمع المسلم القوي المتماسك، ويحذرنا من الآفات التي تهدم كيانه وتفكك أواصره. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث مثل الإمام النووي في "رياض الصالحين" و"شرح مسلم"، وابن رجب في "جامع العلوم والحكم"، وغيرهم من أئمة العلم.
### أولاً. شرح المفردات
● لا تحاسدوا: الحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخرين، وهو من أمراض القلب الخطيرة.
● ولا تباغضوا: البغض هو العداوة والكراهية، وهي نقيض المحبة والأخوة.
● ولا تجسسوا: التجسس هو تتبع عورات الناس وعيوبهم خفيةً، والبحث عما ستروه.
● ولا تحسسوا: التحسس هنا بمعنى الاستماع لحديث القوم وهم لا يعلمون أو لا يريدون إفشاءه، وهو نوع من التجسس بالسمع.
● ولا تناجشوا: النجش هو أن يزيد شخص في ثمن سلعة لا يريد شراءها، ليوهم الآخرين أنها تساوي أكثر، وذلك لغشهم وخداعهم. وهو محرم في البيع.
● كونوا عباد الله إخوانا: الأمر بالتمسك بالأخوة الإيمانية التي تجمع المسلمين على التقوى والبر.
● لا تقاطعوا: القطيعة هي هجر المسلم لأخيه فوق ثلاثة أيام بغير حق شرعي.
● ولا تدابروا: التدابر هو الإعراض عن بعضكم البعض، وإدارة الظهور، وهو صورة من صور القطيعة المعنوية.

### ثانيًا. شرح الحديث
يجمع هذا الحديث بين النهي عن مجموعة من الآفات الاجتماعية الخطيرة، والأمر بإصلاح العلاقات بين المسلمين.
1- النهي عن الحسد والبغضاء: هذان رأسا الأمراض القلبية التي تهدم المجتمع. الحسد يدمر نفس الحاسد أولاً، ثم يدفعه للإضرار بالمحسود. والبغضاء تفتت أواصر المحبة وتجعل القلوب متفرقة. النبي ﷺ يريد منا أن تكون قلوبنا سليمة، عامرة بمحبة الخير لإخواننا كما نحبه لأنفسنا.
2- النهي عن التجسس والتحسس: هذا حماية لحرمة الحياة الخاصة وستر العورات. المسلم عفيف لا يتتبع عثرات الناس، بل يسترهم كما يحب أن يستر الله عيوبه. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].
3- النهي عن النجش: هذا من باب تحريم الغش والخداع في المعاملات المالية، والتي هي ركن من أركان الحياة المجتمعية. الإسلام ي demand الأمانة والشفافية في البيع والشراء، والنجش غش محرم يضر بالثقة بين المتعاملين.
4- النهي عن القطيعة والتدابر: هذا تأكيد على تحريم الهجران بين المسلمين بغير سبب شرعي (كالهجر لمعصية). الهجران يقتطع الأرحام ويشيع الجفاء في المجتمع. والإسلام يدعو إلى الصلح والتآلف.
5- الأمر بالأخوة: الختام يأتي بالأمر الإلهي الجامع: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]. الأخوة هنا ليست مجرد علاقة نسب، بل هي رابطة إيمانية قوية تجعل المؤمنين كالجسد الواحد.

### ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر
1- سلامة القلب أساس صلاح المجتمع: عندما تسلم القلوب من الحقد والحسد والبغضاء، تسلم العلاقات وتعم المحبة.
2- احترام الخصوصية من حق المسلم على أخيه: حرمة المسلم عظيمة، فلا يجوز انتهاكها بالتجسس أو نقل الأسرار.
3- الأمانة في المعاملات من صفات المؤمن: النجش وغش التجارة يناقضان الأمانة التي هي من صفات الإيمان.
4- وجوب إصلاح ذات البين: يجب على المسلم أن يسعى لإصلاح العلاقات مع إخوانه وعدم القطيعة، وأن يكون سريعًا في العفو والصلح.
5- الأخوة الإيمانية هي القاعدة: هذه الأخوة هي التي أمر الله بها، وهي أقوى من أي رابطة دنيوية، وهي التي تجعل الأمة الإسلامية كالبنيان المرصوص.

### رابعًا. معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على عظم مكانته وصحته.
- يجمع الحديث بين تهذيب الباطن (القلب) والظاهر (التعامل مع الناس)، وهذا من كمال الشريعة.
- النجش محرم سواء كان بطلب من البائع أو بدون طلب، لأنه غش للمشتري.
- القطيعة المحرمة هي التي تكون لأمر دنيوي أو لهوى النفس. أما الهجر لمعصية (كأن يهجر المسلم أخاه لأنه يشرب الخمر لينزعه عن المعصية) فهو جائز لمصلحة شرعية، ولكن لا يجوز أن تزيد على ثلاثة أيام إلا إذا استدعى الأمر ذلك.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا قلوبًا سليمة، وأخلاقًا قويمة، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البر والصلة (٢٥٦٣: ٣٠) من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: فذكره.
ورواه من طريق شعبة، عن الأعمش باللفظ الثاني.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 989 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

  • 📜 حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب