حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من السباب والقتال

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»

حسن: رواه ابن ماجه (٣٩٤٠) عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا محمد بن الحسن الأسدي قال: حدّثنا أبو هلال، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (48)، ومسلم في صحيحه (64) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».

أولاً. شرح المفردات:


● سِبَابُ: السباب هو الشتم والتقبيح واللعن، وهو ذكر الشخص بما يعيبه من قبيح الصفات أو الأفعال.
● الْمُسْلِمِ: كل من نطق بالشهادتين واستسلم لأحكام الإسلام ظاهراً.
● فُسُوقٌ: الفسوق في الأصل هو الخروج عن طاعة الله، وهو اسم لكل معصية، وقد يكون كبيرة من الكبائر.
● قِتَالُهُ: أي محاربته وضربه بسيف أو سلاح.
● كُفْرٌ: الكفر هنا ليس الكفر المخرج من الملة بالضرورة، بل قد يكون كفراً دون كفر، أي معصية عظيمة تقرب من الكفر في عظمها وخطرها.

ثانياً. شرح الحديث:


يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خطورتين عظيمتين من أخطر الذنوب التي يمكن أن تقع بين المسلمين:
1- «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ»: أي أن شتم المسلم وانتقاصه بالكلمات البذيئة، أو لعنه، أو وصفه بالصفات القبيحة، هو خروج عن طريق righteousness وطاعة الله. فهو ليس مجرد هفوة لسان، بل هو فسوق ومعصية كبيرة تُغضب الله تعالى، لأنها اعتداء على عرض أخيك المسلم الذي حرمه الله. وقد جاء في حديث آخر: «حُرْمَةُ امْرِئٍ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».
2- «وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»: هذه جملة فيها وعيد شديد. وقيل في تفسيرها عدة أقوال لأهل العلم:
● القول الأول (وهو الأرجح): أن "كفر" هنا لا يعني الكفر الأكبر المخرج من الملة، بل هو كفر النعمة، أو كفرٌ عملي، أي معصية عظيمة جداً تقارب الكفر في شناعتها. وذلك لأن المسلم الذي يقاتل أخاه المسلم بدون حق (كأن يكون لعداوة دنيوية أو لأجل عصبية) قد كفر بنعمة الأخوة الإيمانية التي أنعم الله بها عليه، وصار شبيهاً بالكافر في عدوانه على أخيه. واستدلوا على ذلك بأن القتال بغير حق كبيرة من كبائر الذنوب، لكنه لا يصل إلى حد الكفر المخرج من الملة ما لم يستحله.
● القول الثاني: أن المراد بالكفر هنا الكفر الحقيقي، ولكن هذا على سبيل المبالغة في الزجر والتحذير، كقوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44]، حيث فسرها العلماء بأنه كفر دون كفر في بعض الصور.
● القول الثالث: أن هذا فيمن قاتل مسلماً وهو يعلم أن قتاله حرام ويستحله، فهذا كفر أكبر لأنه استباحة لما حرم الله.
والراجح هو القول الأول، وأن الحديث يهدف إلى التحذير الشديد من هذه الجريمة العظيمة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة عرض المسلم: يجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن أعراض المسلمين، فلا يغتابهم ولا يسبهم ولا يشتمهم، فإن ذلك من الفسوق العظيم.
2- خطورة الاعتداء باليد: الاعتداء على المسلم بالضرب أو القتل من أعظم الذنوب وأشدها عقاباً، وهو من صفات أهل الجاهلية.
3- الحفاظ على نعمة الأخوة: يجب على المسلم أن يقدر نعمة الأخوة في الله، وأن يحافظ عليها، ويجتنب كل ما يؤدي إلى تمزيقها من سب أو قتال.
4- الحديث ليس على إطلاقه: ليس كل قتال بين مسلمين يوصف بأنه كفر، فالقتال في الفتنة بين طائفتين من المسلمين، أو القتال دفاعاً عن النفس أو المال، له أحكام أخرى بينها الفقهاء. فالمراد هنا القتال العدواني بغير حق.
5- الترغيب في كف الأذى: يحث الحديث على كف الأذى بجميع أنواعه، سواء كان باللسان أو باليد، لما فيه من الإثم العظيم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب "حرمة المسلم على المسلم".
- يستثنى من حرمة السباب ما كان لمصلحة شرعية، كسب المرتد أو الفاسق المعلن بفسقه لزجره وردعه، أو وصف الكفار في الجهاد بصفاتهم على وجه التحقير لهم، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ).
- من تاب من سب المسلم أو قتاله تاب الله عليه، لكن يجب عليه أن يتخلص من مظالم العباد إذا كان القتال أدى إلى جرح أو قتل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٣٩٤٠) عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا محمد بن الحسن الأسدي قال: حدّثنا أبو هلال، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن الحسن الأسدي وشيخه أبو هلال وهو محمد بن سليم الراسبي فإنهما مختلف فيهما غير أنهما حسنا الحديث إذا لم يخالفا، ولم يأتيا مما ينكر عليهما.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1009 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

  • 📜 حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: معنى سباب المسلم فسوق وقتاله كفر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب