حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مباشرة الحائض

عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله ﷺ أن يباشرها أمرها أن تتّزر في فور حَيضتِها، ثم يُباشرها قالت: وأيكم يملِكُ إربَه كما كان رسول الله ﷺ يملك إربَه.

متفق عليه: رواه البخاري في الحيض (٣٠٢) ومسلم في الحيض (٢٩٣) كلاهما من طريق علي بن مسهر، قال: أخبرنا أبو إسحاق - وهو الشيباني - عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة فذكرت.

عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله ﷺ أن يباشرها أمرها أن تتّزر في فور حَيضتِها، ثم يُباشرها قالت: وأيكم يملِكُ إربَه كما كان رسول الله ﷺ يملك إربَه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، معتمدًا في ذلك على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟»
(أخرجه البخاري ومسلم)


1. شرح المفردات:


* حائضًا: المرأة التي نزل عليها دم الحيض.
* يُبَاشِرَهَا: هنا المقصود المُباشرة دون الجماع، أي الاضطجاع معها والتقرب منها بما دون الفرج، كالمعانقة والتقبيل.
* تتَّزِر: تلبس الإزار، وهو ثوب تلفه على نصفها الأسفل لتستر عورتها وما ينزل من الدم.
* فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا: الفور هو أوله وأشد أوقاته نزولًا للدم.
* يَمْلِكُ إِرْبَهُ: الإرب (بكسر الهمزة) الحاجة والشهوة، والمقصود يملك نفسه ويضبط شهوته عن الوقوع في المحظور.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


تبين أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هدي النبي ﷺ في التعامل مع زوجاته أثناء فترة الحيض. فإذا أراد ﷺ أن يقترب منهن ويستمتع بما دون الجماع (كالمعانقة والتقبيل والاضطجاع في الفراش)، كان يأمر الزوجة الحائض أن تلبس إزارًا (ما يستر من وسطها إلى ركبتها) في وقت الحيض الشديد، ثم يباشرها بعد ذلك. ثم تعقب عائشة رضي الله عنها بقولها موضحة عظمة خلقه ﷺ: وأي واحد منكم يستطيع أن يضبط نفسه ويقمع شهوته كما كان رسول الله ﷺ يفعل؟ فهو مع قربه الشديد من زوجته، كان أمينًا على أمر الله، لا يقرب ما حرمه الله من جماع في حال الحيض.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- جواز الاستمتاع بالحائض بما دون الجماع: هذا الحديث أصل عظيم في إباحة كل استمتاع بالزوجة الحائض إلا الجماع نفسه ودخول الفرج. فيجوز للزوج أن يعانق زوجته ويقبلها ويضاجعها في فراش واحد، بشرط أن يكون ذلك مع ستر لعورتها ودم الحيض.
2- الحكمة من الأمر باتِّزَارِ الحائض: الأمر بلبس الإزار فيه تحقيق للمقصدين: مقصد الاستمتاع المباح، ومقصد اجتناب النجاسة وسترها، مما يدل على نظافة الإسلام وحرصه على الطهارة حتى في أحوال الألفة والاسترخاء.
3- عظمة خُلُق النبي ﷺ وضبطه لنفسه: قول عائشة "وأيكم يملك إربه..." هو إشارة إلى كمال تقوى النبي ﷺ وورعه. فمع كونه بشرًا له مشاعر ورغبات، إلا أنه كان أعظم الناس سيطررة على هواه، وأحرصهم على عدم الوقوع في محاذير الشرع. فهو قدوة في ضبط النفس وكبح الجماح.
4- رفع الحرج عن الأمة وتيسير الأمور: في هذا الحديث تيسير من الله تعالى على الأزواج، حيث أباح لهم أنواعًا من القرب والاستمتاع تحفظ العلاقة الزوجية وتدعم أواصر المودة بينهما حتى في فترات الامتناع عن الجماع.
5- أدب الصحابة وحفظهم لحدود الله: يستفاد من تعقيب عائشة أن الصحابة كانوا على درجة عالية من التقوى، ولكنها بينت أن ما كان عليه النبي ﷺ من ضبط للنفس هو الكمال الذي لا يدركه غالب الناس، مما يحث المسلم على المجاهدة والتقرب إلى هذه المنزلة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم جماع الحائض: جماع المرأة في فرجها أثناء الحيض حرام بإجماع العلماء، وهو من الكبائر، لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. والمقصود باعتزالوهن اعتزال الجماع.
* ما يترتب على جماع الحائض: ذهب many scholars إلى أن على من جامع زوجته في الحيض كفارة، وهي التصدق بدينار من ذهب أو نصفه، وهذا مذهب الإمام أحمد ومالك وغيرهم، مستدلين بحديث ابن عباس رضي الله عنهما.
* الفرق بين المباشرة والجماع: المباشرة في اللغة تعم الجماع وغيره، ولكن في هذا الحديث خصصتها عائشة رضي الله عنها بما دون الجماع، وهو الاستمتاع بالملامسة والتقبيل وما شابه ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الحيض (٣٠٢) ومسلم في الحيض (٢٩٣) كلاهما من طريق علي بن مسهر، قال: أخبرنا أبو إسحاق - وهو الشيباني - عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة فذكرت.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

  • 📜 حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتّزر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب