عائشة ترجل رأس النبي وهي حائض

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:

---

الحديث:

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا حَائِضٌ".
وفي رواية: "أخبرتني عائشة أنها كانت ترجل - تعني - رأس رسول الله ﷺ وهي حائض، ورسول الله ﷺ حينئذ مجاور في المسجد، يدني لها رأسه وهي في حجرتها، فترجله وهي حائض".

---

1. شرح المفردات:

● أُرَجِّلُ: من التَّرْجِيل، وهو تسريح الشعر وتمشيطه وتنظيمه.
● حَائِضٌ: المرأة التي خرج منها دم الحيض المعتاد.
● مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ: أي معتكفاً في المسجد للعبادة.
● يُدْنِي لَهَا رَأْسَهُ: يُمِيله ويقرِّبه منها لتسهيل الترجيل.
● حُجْرَتِهَا: غرفتها الخاصة.

---

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر الحديث أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تمشط شعر النبي ﷺ وتسريحه وهي في حالة الحيض، وكان النبي ﷺ في حالة اعتكاف في المسجد، فيمد رأسه الكريم من داخل المسجد إلى حجرتها لتقوم بهذه الخدمة وهي حائض.

---

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- طهارة الحائض ذاتياً: الحديث دليل على أن الحائض طاهرة البدن، ولا ينجسها الحيض إلا في محل خروج الدم فقط. لذا يجوز لها ملامسة الآخرين والاختلاط بهم من غير حائل.
2- جواز خدمة الحائض للزوج: يجوز للمرأة الحائض أن تخدم زوجها في الأمور المباحة كتمشيط شعره، ولباسه، وطعامه وشرابه، مما يدل على تواصل الحياة الزوجية الطبيعية حتى في فترة الحيض.
3- رفع الحرج والتيسير في الشريعة: الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج، والحديث يبين أن الحيض ليس نجاسة عامة تعزل المرأة أو تحرمها من خدمة زوجها أو قضاء حوائجه.
4- جواز استمرار المباشرة بين الزوجين في غير المحظور: يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته الحائض في كل شيء إلا الجماع، لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، والمقصود اعتزال الجماع.
5- تواضع النبي ﷺ وحسن عشره: النبي ﷺ كان يقرب رأسه لها لترجله مع كونه معتكفاً في المسجد، مما يدل على تواضعه وحسن خلقه وتقديره للزوجة.
6- الرد على المتشددين: الحديث يرد على من يتشدد في أمر الحائض ويظن أن مجرد قربها أو لمسها يوجب النجاسة أو التحريم، فالنبي ﷺ أقرب الخلق إلى الله، ولم يمنع من ذلك.

---

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- الفقهاء استدلوا به على طهارة بدن الحائض، وعلى جواز استمتاع الزوج بزوجته في غير الجماع أثناء الحيض.
- الحديث يدل أيضاً على جواز الاعتماد على الزوجة في الخدمات الشخصية للزوج، وعلى فضل السيدة عائشة رضي الله عنها وقربها من النبي ﷺ.

---

الخلاصة:

الحديث الشريف يوضح سماحة الإسلام ويسره، ويبين أن الحيض لا يقطع العلاقة بين الزوجين إلا في الجماع فقط، وأن المرأة الحائض لا تكون نجسة كلها، بل هي طاهرة يمكنها ممارسة حياتها الطبيعية بكل يسر وسهولة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.