حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة

عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيش إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسولَ الله! إنِّي امرأة أُستحاضُ فلا أطْهر؛ أفأدعُ الصلاةَ؟ قال: «لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ، وليستْ بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتكِ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغْسِلي عنكِ الدمَ ثمَّ صلِّي».
قال: وقال أبي: ثمَّ توضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتَّى يجيء ذلك الوقت.

متَّفقٌ عليه: رواه البخاري في الوضوء (٢٢٨) عن محمد، قال: ثنا أبو معاوية، ومسلم (٣٣٣) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، مقرونًا بعبد العزيز بن محمد.

عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيش إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسولَ الله! إنِّي امرأة أُستحاضُ فلا أطْهر؛ أفأدعُ الصلاةَ؟ قال: «لا؛ إنَّما ذلك عِرقٌ، وليستْ بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتكِ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغْسِلي عنكِ الدمَ ثمَّ صلِّي».
قال: وقال أبي: ثمَّ توضَّئي لكلِّ صلاةٍ حتَّى يجيء ذلك الوقت.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم وأن يعلمنا ما ينفعنا.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بأحكام فقهية مهمة للمرأة، وهو من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
### أولاً. شرح المفردات
● فاطمة بنت أبي حُبَيش: صحابية جليلة، وهي ابنة عم خالد بن الوليد رضي الله عنه.
● أُستحَاضُ: من الاستحاضة، وهي دم يخرج من المرأة في غير أيام الحيض المعتادة، ويكون بسبب علة أو مرض في عرق يسمى "العاذل".
● أفأدعُ الصلاةَ؟: هل أترك الصلاة وأعتبرها كأيام الحيض؟
● عِرْقٌ: أي أن هذا الدم ناتج عن انفجار أو جرح في عرق وليس دم حيضة.
● أقبلت حيضتكِ: أي جاء وقت الحيض المعتاد وبدأ نزوله.
● أدبرتْ: انتهت وانقضت أيام الحيض المعتادة.
### ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث
تصف لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قصة امرأة من الصحابة، هي فاطمة بنت أبي حبيش، التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له حالة غير معتادة، حيث إنها كانت ترى دماً يستمر معها ولا ينقطع، فظنت أنه حيض يمنعها من الصلاة والصيام وغيرها من العبادات. فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: هل تتوقف عن الصلاة كما تفعل الحائض؟
فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم جواباً فاصلاً يزيل اللبس، حيث بين لها أن هذا الدم المستمر ليس دم حيضة، بل هو دم نزف من عرق (استحاضة)، وهو أمر طارئ لا يمنع من العبادة.
ثم وضع لها صلى الله عليه وسلم قاعدة ذهبية تميز بين الدماء:
1- دم الحيضة: وهو الدم الطبيعي المعتاد الذي يأتي في أوقاته المعلومة للمرأة، وهذا يمنع من الصلاة والصوم والطواف ومس المصحف.
2- دم الاستحاضة: وهو الدم الخارج بسبب علة، وهذا لا يمنع من العبادة، ولكن له حكم خاص.
ثم بين لها صلى الله عليه وسلم كيفية التطهر منه، فأمرها أن:
● تميز بين وقت حيضتها المعتاد ووقت النزيف المرضي.
● إذا جاء وقت الحيض المعتاد، تترك الصلاة كما تفعل كل النساء.
● إذا انتهى وقت الحيض المعتاد، تغتسل وتغسل أثر الدم، ثم تعود إلى الصلاة.
وفي رواية أبي داود التي أشرت إليها (قول أبي: ثم توضئي لكل صلاة)، بين لها التفصيل العملي، وهو أن عليها أن تتوضأ لكل صلاة بعد أن تغتسل غسلها من الحيض، وذلك لاستمرار خروج الدم، فكأن نزوله ناقض للوضوء، فتتوضأ لوقت كل صلاة.
### ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه المستنبط
1- التيسير ورفع الحرج: من أعظم ما في هذا الحديث بيان يسر الشريعة ورفعها للحرج والمشقة عن الناس، خاصة في أمور قد تكون محرجة للمرأة مثل هذه الحالات.
2- التفريق بين الطبيعي والمرضي: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم منهجاً في التمييز بين الأمور الفطرية الطبيعية (كحيض المرأة) وبين الأمور الطارئة المرضية (كالنزيف)، وكل له حكمه.
3- وجوب السؤال والعلم: حرص الصحابية على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عندما التبس عليها الأمر يعلمنا وجوب سؤال أهل العلم وعدم السكوت على الجهل في أمور الدين، خاصة ما يتعلق بالعبادات.
4- أحكام المستحاضة: استنبط الفقهاء من هذا الحديث جملة من الأحكام:
- المستحاضة تصلي وتصوم وتفعل جميع العبادات كالطاهرات.
- عليها الاغتسال مرة واحدة بعد انتهاء دم الحيضة الحقيقية.
- عليها بعد ذلك أن تتوضأ لوقت كل صلاة بسبب استمرار خروج الدم (وهذا قول جمهور العلماء).
- عليها أن تتحفظ بما يمنع الدم من التسرب إلى ثيابها أو بدنها كاستعمال الفوط الصحية.
5- حكمة التشريع: في هذا الحديث بيان للحكمة من مشروعية الوضوء، فهو طهارة للأعضاء من النجاسة الحسية، ونظافة دائمة للمسلم.
### رابعاً. معلومات إضافية
- دم الاستحاضة يكون لونه مختلفاً عادة (أغمق أو أفتح) و قوامه مختلفاً عن دم الحيض، وكانت النساء تميزنه بذلك.
- المرأة التي تستمر معها الاستحاضة تعتمد على تمييز الدم إن استطاعت (باللون والرائحة والقوام)، فإن لم تستطع، تعتمد على عادة حيضها قبل حدوث الاستحاضة (مثل أن تكون عادتها 6 أيام من كل شهر)، فتعتبر تلك الأيام هي الحيض، وما زاد عليه استحاضة.
- هذا الحديث أصل من أصول فقه الطهارة للمرأة، ويعتمد عليه الفقهاء في كتبهم.
أسأل الله أن يكون هذا الشرح قد أفاد، وأن يرزقنا الفقه في الدين، والله تعالى أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الوضوء (٢٢٨) عن محمد، قال: ثنا أبو معاوية، ومسلم (٣٣٣) عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، مقرونًا بعبد العزيز بن محمد. ومن طرقٍ أُخرى كلُّهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .. فذكرت الحديثَ. واللفظ للبخاري. ومحمد هذا غير منسوبٍ، ولأبي ذرٍّ: «هو ابن سلام».
وقوله: «قال«أي: هشام بن عروة. وقوله: «قال أبي«أي: عروة بن الزبير.
فاختلف أهل العلم في هذا الجزء من الحديث؛ هل هو متصل أم معلق؟ فذهب الزيلعي وغيره إلى أنه معلق، وذهب الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٣٣٢) إلى أنه متصل، قال رحمه الله تعالى: «وادعى بعضُهم أن هذا معلق، وليس بصواب، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد، عن أبي معاوية، عن هشام. وقد بيّن ذلك الترمذي في روايته. وادّعى آخر أن قوله «ثم توضّئي» من كلام عروة موقوفًا عليه. وفيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: «ثم تتوضأ» بصيغة الإخبار، فلما أتي بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله: «فاغتسلي» انتهى.
هذا كلام جيد، وأبو معاوية لم ينفرد برواية زيادة قوله: «توضّئي ...» بل تابعه غيره، وإن كان أهل العلم قد اختلفوا في هذه الزيادة. انظر: كلام الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على جامع الترمذي.
ورواه أبو داود (٢٩٨) وابن ماجه (٦٢٤) كلاهما من حديث وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة .. وفيه: «أجتنبي الصلاة أيام محيضكِ، ثمَّ اغتسلي وتوضَّئي لكلِّ صلاةٍ وإن قطر الدم على الحصيرِ».
وحبيب بن أبي ثابت ثقةٌ، وثقه ابن معين، والنسائي، إلَّا أنَّه كان كثير الإرسال والتدليس. وقد يقال: إنَّه لم يسمع من عروة.
وضعَّف هذا الإسناد أبو داود كما سيأتي.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أنَّ المستحاضة تتوضَّأ لكلِّ صلاةٍ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

  • 📜 حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب