حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن إتيان الحائضِ وعن إتيان المرأة في دبرها

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من أتى حائضًا أو امرأةٌ في دبرها، أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد».

حسن: رواه أبو داود (٣٩٠٤) والترمذي (١٣٥) واللفظ له، وابن ماجه (١/ ٢٠٩) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من أتى حائضًا أو امرأةٌ في دبرها، أو كاهنًا، فقد كفر بما أنزل على محمد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أولاً: شرح المفردات:
● "من أتى": أي من جامع.
● "حائضًا": المرأة التي تكون في فترة الحيض.
● "امرأة في دبرها": أي جامعها في موضع خروج الغائط (الفتحة الخلفية).
● "كاهنًا": هو الذي يدعي معرفة الغيب والكشف عن المغيبات.
● "فقد كفر": الكفر هنا على قسمين: كفر أكبر يخرج من الملة، وكفر أصغر لا يخرج من الملة وهو كفر النعمة أو كفر دون كفر.
● "بما أنزل على محمد": أي بالقرآن الكريم والشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: المعنى الإجمالي للحديث:
يهدد النبي صلى الله عليه وسلم ويحذر تحذيراً شديداً من اقتراف ثلاث كبائر عظيمة:
1. جماع المرأة في حال حيضها.
2. جماع المرأة في دبرها.
3. الذهاب إلى الكاهن (العراف أو المشعوذ) وتصديقه فيما يقول.
ويصف النبي صلى الله عليه وسلم فاعل هذه الأفعال بأنه "كفر بما أنزل على محمد"، أي أنه ارتكب فعلاً يناقض وينكر ما جاء في الشريعة الإسلامية من تحريم هذه الأفعال وتحذيرها أشد التحذير.
ثالثًا: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- بيان عظم هذه الذنوب: جعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذه الأمور من الكفر، مما يدل على عظمها وخطورتها، وأنها من الكبائر المهلكة.
2- حكم إتيان الحائض: جماع الحائض حرام بإجماع العلماء، وهو من المحرمات العظيمة، وقد ورد الوعيد الشديد عليه في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. والإجماع على تحريمه، ولكن الكفر هنا ليس كفراً مخرجاً من الملة، بل هو كفر أصغر (كفر النعمة وعدم الامتثال)، إلا إذا استحل ذلك مع علمه بالتحريم، فيكون كفراً أكبر.
3- حكم إتيان المرأة في دبرها: هذا الفعل محرم تحريماً قاطعاً بنص الحديث وغيره، وهو من أفعال قوم لوط، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك، وقال: «ملعون من أتى امرأة في دبرها». وهو كبيرة من كبائر الذنوب، والكفر في هذه الحالة أيضاً على القسمين السابقين.
4- حكم إتيان الكاهن وتصديقه: الذهاب إلى الكهنة والعرافين والمشعوذين سؤالاً لهم أو تصديقاً لكلامهم من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة». أما التصديق فهو كفر أكبر؛ لأنه تكذيب للقرآن الذي أخبر أن الغيب لله وحده، قال تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65].
5- تفاوت معنى "الكفر" في الحديث: ليس كل من فعل شيئاً من هذه الثلاثة يكفر كفراً يخرجه من الملة، بل المراد:
● الكفر الأصغر (كفر النعمة وعدم الانقياد): في حق من جامع حائضاً أو في الدبر وهو يعلم التحريم ولكن غلبته شهوته، ولم يستحل الفعل.
● الكفر الأكبر (المخرج من الملة): في حق من استحل شيئاً من هذه المحرمات مع علمه بالتحريم، أو في حق من صدق الكاهن في ادعائه علم الغيب.
رابعًا: تنبيهات مهمة:
- الحديث ليس معناه أن مرتكب هذه الذنوب يخرج من الإسلام مباشرة ويحكم عليه بالكفر المطلق، بل الحكم عليه يكون حسب اعتقاده.
- يجب على المسلم أن يبتعد عن هذه الذنوب والمعاصي، ويستغفر الله إذا وقع فيها، ويتوب توبة نصوحاً.
- الحديث يدل على أن الإيمان ليس مجرد قول باللسان، بل هو قول وعمل واعتقاد، وترك للمحرمات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٩٠٤) والترمذي (١٣٥) واللفظ له، وابن ماجه (١/ ٢٠٩) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة. وزاد أبو داود وابن ماجه بعد قوله: «كاهنا»: فصدقه بما يقول».
قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلَّا من حديثِ حكيم الأثرم عن أبي تميمة، عن أبي هريرة، وضعَّف محمد (يعني البخاري) هذا الحديث من قبل إسناده، وأبو تميمة اسمه: طريف بن مجالد. انتهى.
قال الأعظمي: إسناده حسن؛ فإن حكيم الأثرم حسن الحديث، وثقه ابن المديني، وأبو داود. وقال النسائي: لا بأس به.
وأبو تميمة اسمه: طريف بن مجالد من رجال البخاري، وثقه ابن معين. وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى. وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن عبد البر: هو ثقة حجة عند جميعهم.
وإنَّما ضعَّف البخاري هذا الحديث لسببين:
أحدهما: أن حكيمًا لا يتابع في حديثه، يعني هذا، وقد عرفت أن حكيمًا ثقةٌ، أو صدوقٌ فلا يضرّ عدم المتابعةِ له.
والثاني: أنه قال في «التاريخ الكبير» (٤/ ٦٧): «لا نعلم لأبي تميمة سماعًا من أبي هريرة».
وأبو تميمة ثقة غير مُدلِّس توفي عام (٩٥، وقيل ٩٧) ومات أبو هريرة عام (٥٨)، والمعاصرة تكفي الثبوت اللقاء إذا لم يكن الرجل مدلِّسًا على رأي الجمهور.
وقد نقل المُناوي عن الحافظ العراقي أنه قال في «أماليه»: «حديث صحيح». وعن الذهبي أنه قال: «إسناده قوي». وقال في الكاشف: «حكيم الأثرم صدوق».
وروى الحاكم في المستدرك (١/ ٨) جزءًا من الحديث، وهو «من أتى كاهنا أو عرّافا فصدَّقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ» من حديث الحارث بن أبي أسامة، ثنا روح بن عبادة، ثنا عوف، عن خلاس ومحمد، عن أبي هريرة. وقال: صحيح على شرطهما جميعًا من حديث ابن سيرين.
وهو كما قال، إلَّا أن خلاسًا لم يسمع من أبي هريرة، ولكنه تابعه محمد بن سيرين، وهذه المتابعة تقوي بما قبله.
وللحديث شواهد عن عمر بن الخطاب، وخزيمة بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعلي بن طلق، وابن عباس، وغيرهم، ومن أهل العلم من ذهب إلى ضعف الحديث من أجل متنه، بحجة أن إتيان الحائض، أو إتيان المرأة في دبرها ليس بكفر، فأجيب بأن معنى الحديث عند أهل العلم التغليظ لهذا العمل، لا التكفير به.
قال الترمذي عقب تخريج الحديث: «فلو كان إتيان الحائض كفرًا لم يؤمر فيه بالكفارة».
قال الأعظمي: حديث الكفارة رواه أصحاب السنن عن ابن عباس وهو ضعيف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

  • 📜 حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب