حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في غسل المستحاضة وصلاتها وغشيان زوجها
حسن: رواه أبو داود (٢٨١) قال: حدَّثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن سهيل - يعني ابن أبي صالح - عن الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يتعلق بأحكام الحيض والاستحاضة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
أولاً. شرح المفردات:
● عروة بن الزبير: هو أحد فقهاء التابعين، ابن الصحابي الزبير بن العوام، وأحد الفقهاء السبعة في المدينة.
● فاطمة بنت أبي حُبَيش: صحابية جليلة، كانت من المهاجرات، وهي ابنة عم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
● أسماءَ: المقصود هنا هي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، أخت السيدة عائشة، وهي صحابية جليلة.
● أمرتها: طلبت منها.
● الأيام التي كانت تقعد: أي عدد أيام الحيض المعتادة التي كانت تعرفها قبل حدوث الاستحاضة.
● ثم تغتسل: أي تغتسل غسل الحيض بعد انقضاء تلك الأيام.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا عروة بن الزبير أن السيدة فاطمة بنت أبي حُبَيش حدثته بأنها طلبت من السيدة أسماء بنت أبي بكر (أو العكس، وهذه الصيغة في الرواية تدل على حرص الرواة على الدقة في النقل) أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم امرأة أصابها نزيف دم (استحاضة) فاستمر نزول الدم منها بعد انتهاء أيام حيضها المعتادة.
فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتبر أن حيضها هو الأيام المعتادة التي كانت تحيضها قبل حدوث الاستحاضة (مثلاً: 6 أو 7 أيام من كل شهر)، فتقعد (تمتنع) خلال هذه الأيام عن الصلاة والصوم والجماع، كما تفعل الحائض. ثم بعد انقضاء هذه المدة، تغتسل غسلًا كاملاً كغسل الحيض، وتصلي وتصوم وتعامل معاملة الطاهرات، حتى لو استمر نزول الدم منها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- حكم المستحاضة: الحديث أصل من أصول فقه الطهارة للمرأة التي تعاني من الاستحاضة (الدم المستمر بعد الحيض). فالحكم أنها:
* تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة بمعرفة عادتها الشهرية السابقة.
* تترك الصلاة والصوم أثناء أيام عادتها فقط.
* بعد انقضاء مدة العادة، تغتسل وتتوضأ لكل صلاة (لأن الدم الخارج يعتبر دم علة وفساد لا يمنع الطهارة) وتصلي.
2- مراعاة حال المرأة وتيسير الشرع عليها: في هذا الحديث تيسير عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم على النساء، حيث لم يكلفها أن تترك العبادة إلى ما لا نهاية بسبب النزيف المستمر، بل حدد لها طريقة عملية للتمييز بين الحيض والاستحاضة.
3- حرص الصحابيات على تعلم الدين: يدل على حرص الصحابيات رضي الله عنهن على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور دينهن، وعدم الحياء في طلب العلم، خاصة في المسائل التي تخصهن.
4- دقة الرواة في النقل: نلاحظ في صيغة الحديث ("حدثتني فاطمة... أنها أمرت أسماءَ، أو أسماءُ حدثتني أنها أمرتها فاطمة") حرص عروة بن الزبير على الدقة في نقل الواقعة كما سمعها، وهذا من أخلاق المحدثين في الرواية.
5- جواز السؤال بواسطة: حيث طلبت فاطمة من أسماء أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم نيابة عنها، وهذا جائز ومشروع.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
* الاستحاضة هي: سيلان الدم في غير أيام الحيض والنفاس، وهو مرض يصيب بعض النساء، ودمها يعتبر دم علة لا تترتب عليه أحكام الحيض من منع الصلاة والصوم وغيرها بعد انقضاء مدة العادة.
* هذا الحكم (الاعتماد على العادة) هو مذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
* على المستحاضة بعد انقضاء أيام عادتها أن تتوضأ لكل صلاة بسبب استمرار خروج الدم، وهو قول الجمهور.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن ورجاله ثقات غير سهيل بن أبي صالح، إلَّا أنه صدوق، قال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وأسماء هذه هي أسماء بنت عميس كما في رواية أبي داود (٢٩٦).
إلَّا أن سياق هذا الحديث يختلف، وسيأتي.
ثم قال أبو داود: ورواه قتادة، عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أم سلمة، أن أم حبيبة بنت جحش اُستحيضت فأمرها النبي ﷺ أن تدع الصلاة أيامَ أقرائها، ثم تغتسل وتُصلي.
قال أبو داود: لم يسمع قتادة من عروة شيئًا. وزاد ابن عيينة في حديث الزهري، عن عَمرة، عن عائشة أن أم حبيبة كانت تُستحاض، فسألتِ النبي ﷺ فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها.
قال أبو داود: وهذا وهم من ابن عيينة، ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري، إلَّا ما ذكر سهيل بن أبي صالح، وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة لم يذكر فيه: «تدع الصلاة أيام أقرائها» انتهى.
قال الأعظمي: ليس هناك فرق في معنى الحديث، وأما الفرق في ألفاظ الحديث، ولعل أبا داود قصد بذلك اهتمام المحدثين بضبط لفظ الحديث؛ يتضح ذلك جليًّا فيما ذكره أبو داود نفسه في الباب الذي يليه. انظر الحديث (٢٨٥).
وأمَّا وطء الرجل زوجته المستحاضة فلم يثبت فيه شيءٌ مرفوعًا.
وما رواه أبو داود (٣٠٩) من حديث عكرمة قال: كانت أم حبيبة تُستحاض، فكان زوجها يغشاها، وكذلك ما رواه أيضًا (٣١٠) من حديث عكرمة، عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة، وكان زوجها يجامعها.
فقد قال المنذري: «في سماع عكرمة من أم حبيبة وحمنة نظر، وليس فيها ما يدل على سماعه منهما».
وكذلك قال البيهقي (١/ ٣٥١) عكرمة عن أم حبيبة منقطع.
وعلى تقدير سماعه منهما فإنَّ الحديث موقوف، وفي أحد طرقه مُعلَّى بن منصور، كان أحمد بن حنبل لا يروي عنه؛ لأنه ينظر في الرأي.
وعكرمة هو: أبو عبد الله البربري المدني مولى ابن عباس.
فمن أخذ بالحديث الموقوف جوّز غشيان المستحاضة؛ لأنها في حكم الطاهرات في أكثر الأحكام، وهو رأي الجمهور كالشافعي ومالك والثوري.
وقال أحمد: لا يأتيها إلَّا أن يطول ذلك بها، وفي رواية عنه: إلَّا إذا خاف زوجها العنت (الزنا).
ومن منع إتيان المستحاضة، علّل بالأذى الذي ذكره الله في إتيان الحائض في قوله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾. [سورة البقرة: ٢٢٢].
وممن منع إتيان المستحاضة عائشةُ، وإبراهيمُ النخعي، وابن سيرين وغيرهم
فائدة:
أسماء النساء المستحاضات في زمن النبي ﷺ:
- زينب بنت جحش أم المؤمنين.
- سودة بنت زمعة أم المؤمنين.
- أم سلمة بنت أبي أمية، أم المؤمنين.
- حمنة بنت جحش.
- أم حبيبة بنت جحش.
- أسماء بنت جحش.
- فاطمة بنت أبي حُبَيش، واسم أبي حُبَيش: قيس.
- سهلة بنت سهيل.
- أسماء بنت مرثد.
- بادية بنت غيلان.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة
- 2 النفساء تجلس على عهد رسول الله أربعين يوما
- 3 إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء...
- 4 ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه
- 5 حُكِّي دم الحيض بضلع واغسليه بماء وسدر
- 6 إذا سجد أصابني بعض ثوبه
- 7 كان النبي ﷺ يصلي من الليل وعائشة حائض إلى جنبه
- 8 هل يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه؟ نعم، إذا لم...
- 9 كان رسول الله ﷺ لا يصلي في شُعُرنا أو في...
- 10 عائشة تشرب وتأكل حائضا ثم تعطي النبي فيشرب ويأكل
- 11 مؤاكلة الحائض
- 12 أنفست؟ فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة
- 13 يضطجع مع زوجته الحائض وبينهما ثوب
- 14 كنت أنا ورسول الله ﷺ نبيت في الشعار الواحد وأنا...
- 15 كنت أتزر وأنا حائض ثم أدخل مع رسول الله في...
- 16 كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها...
- 17 كان رسول الله إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه...
- 18 اعتزال النساء في المحيض وعدم النكاح
- 19 كان النبي إذا أراد من الحائض شيئًا ألقي على فرجها...
- 20 عائشة ترجل رأس النبي وهي حائض
- 21 يتكيء النبي في حجر عائشة وهي حائض ويقرأ القرآن
- 22 ناوِليني الخُمرةَ من المسجد
- 23 إن حيضتك ليست في يدك
- 24 الحائض تختضب عند النبي ﷺ ولم ينه عن ذلك
- 25 من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد...
- 26 كنّا لا نَعُدّ الكدرة والصفرةَ شيئًا
- 27 إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة
- 28 لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر
- 29 اغتسلي عند كل صلاة فإنما ذلك عرق
- 30 تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
- 31 اغتسلي عند كل صلاة وصلي
- 32 لتجلس في مِركن فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل
- 33 الكُرْسُف يُذْهِب الدم في الاستحاضة
- 34 دعي الصلاة إذا أقبلت الحيضة واغسلي الدم إذا أدبرت
- 35 إذا كان دم الحيضة أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة
معلومات عن حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
📜 حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








