من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

عن أم سلمة قالت: استيقظ النبي ﷺ من الليل وهو يقول: «لا إله إلا اللَّه، ماذا أنزل الليلة من الفتن، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات، كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة»

صحيح: رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٤٤) عن عبد اللَّه بن محمد، ثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرتني هند بنت الحارث، عن أم سلمة، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها هذا من الأحاديث العظيمة التي تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا جليلة، وإليك الشرح الوافي له:

الحديث بلفظه:

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي ﷺ من الليل وهو يقول: «لا إله إلا اللَّه، ماذا أنزل الليلة من الفتن، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات، كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة».
(رواه البخاري في صحيحه)

1. شرح المفردات:

● استيقظ النبي ﷺ من الليل: أي انتبه من نومه في جوف الليل.
● ماذا أنزل الليلة من الفتن: "الفتن" جمع فتنة، وهي الاختبار والامتحان، والمقصود هنا المصائب والمحن التي تُبتلى بها الأمة.
● ماذا أنزل من الخزائن: "الخزائن" جمع خزانة، والمقصود بها خزائن الرحمة أو خزائن القضاء والقدر التي ينزل بها الله تعالى من الأمور التي تقع في الكون.
● صواحب الحجرات: هن زوجات النبي ﷺ، وسُمين بذلك لأنهن كان يسكن في حجرات ملحقة بالمسجد.
● كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة: أي امرأة تلبس الثياب الفاخرة والزينة في الدنيا، ولكنها متبرجة أو غير محتشمة، فستُحرم من ثياب الجنة وتكون عارية يوم القيامة عقابًا لها.

2. شرح الحديث:

يصور هذا الحديث مشهدًا مؤثرًا من اهتمام النبي ﷺ بأمته وشفقته عليها، حيث يستيقظ من نومه في الليل -وهو وقت السكينة والخشوع- وهو يلهج بذكر الله ثم يعبر عن قلقه العميق على أمته من الفتن والمحن التي تنزل بها، ومن المغريات الدنيوية التي قد تضلهم عن طريق الحق.
- قوله: «لا إله إلا الله»: بدأ بها لاستحضار عظمة الله وجلاله، وأنه لا معبود بحق سواه، وهي كلمة التوحيد التي تُذَكِّر بالآخرة وتُزهِّد في الدنيا.
- قوله: «ماذا أنزل الليلة من الفتن»: هذا تعبير عن خوفه ﷺ على أمته من الفتن التي تنزل من السماء بقدر الله، والتي قد تُضل الناس عن دينهم.
- قوله: «ماذا أنزل من الخزائن»: أي ما الذي أُطلق من أرزاق وأقدار، خيرها وشرها، والتي قد تكون اختبارًا للناس، فيغتر البعض بالمال والدنيا فينسى الآخرة.
- قوله: «من يوقظ صواحب الحجرات»: نداء منه ﷺ لزوجاته ليستيقظن للصلاة والذكر والدعاء، ويحذَرن الفتن، فإذا كان النبي ﷺ نفسه يقلق على أمته، فكيف بغيره؟
- قوله: «كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة»: تحذير شديد للنساء من التبرج ولبس الثياب الفاخرة التي لا تليق بالمسلمة، فمن تلبس الثياب الفاضحة أو المتبرجة في الدنيا، فإنها ستعاقب بالعراء يوم القيامة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- شفقة النبي ﷺ على أمته: فقد كان قلبه مليئًا بالخوف على المسلمين من الفتن والمحن، وهذا من كمال نبوته ورسالته.
2- الخوف من الفتن: ينبغي للمسلم أن يخشى الفتن ويحذرها، سواء كانت فتن الشبهات (التي تشكك في الدين) أو فتن الشهوات (المغريات الدنيوية).
3- الاهتمام بالآخرة: الحديث يذكرنا بحقيقة الدنيا وزينتها، وأنها فانية، وأن الآخرة هي دار القرار.
4- تحذير النساء من التبرج: فيه إشارة واضحة إلى وجوب احتشام المرأة وسترها، وأن التبرج وعرض الزينة أمام الأجانب من الكبائر التي تعرض صاحبتها للعذاب يوم القيامة.
5- الاستيقاظ من الليل للذكر والدعاء: الليل وقت مناسب للتفكر والمناجاة، وكان النبي ﷺ قدوة في ذلك.
6- التذكير بالله والاستعانة بذكره: بدأ النبي ﷺ بكلمة "لا إله إلا الله" ليكون كل شيء بعون الله وتوفيقه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث جزء من سلسلة أحاديث تحذر من الفتن، ومنها حديث: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم...».
- "صواحب الحجرات" هن أمهات المؤمنين، وقد خصهن النبي ﷺ بالذكر لأنهن قدوة للنساء في العبادة والستر والاحتشام.
- قوله: «كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة» ليس خاصًا بالنساء فقط، بل يعم كل من يعصي الله ويتعرض لمعاصي اللباس والزينة، ولكن النساء أكثر من يُخاطبن بهذا لخصوصية الأمر بالنسبة لهن.
- يستحب للمسلم أن يكثر من قول "لا إله إلا الله" في أوقات الخوف والقلق، فهي كلمة طيبة تذهب الهم وتُذَكِّر بالله.

أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٤٤) عن عبد اللَّه بن محمد، ثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرتني هند بنت الحارث، عن أم سلمة، فذكرته.
وزاد في آخره: قال الزهري: وكانت هند لها أزرار في كميها بين أصابعها.
قوله: «كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة» جاء في تفسيره أقوال كثيرة منها أنها كاسية بالثياب، لكنها شفافة لا تستر عورتها، فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك.
قوله: «قال الزهري. . . الخ موصول بالإسناد السابق.
وهند بنت الحارث الفراسية ويقال: القرشية.
قال الحافظ: «والمعنى أنها كانت تخشى أن يبدو من جسدها شيء بسبب سعة كميها، فكانت تزرر ذلك لئلا يبدو منه شيء، فتدخل في قوله: «كاسية عارية». فتح الباري (١٠/ ٣٠٣).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 267 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

📜 حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يوقظ صواحب الحجرات كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية