سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

عن أنس قال: لما انقضتْ عدة زينب، قال رسولُ اللَّه ﷺ لزيد: «فاذكرها علي» قال: فانطلق زيد حتى أتاها، وهي تخمر عجينها، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول اللَّه ﷺ ذكرها، فوليتها ظهري، ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب: أرسل رسول اللَّه ﷺ يذكركِ، قالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول اللَّه ﷺ، فدخل عليها بغير إذن، قال: فقال: ولقد رأيتنا أن رسول اللَّه ﷺ أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار، فخرج الناس، وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام،
فخرج رسول اللَّه ﷺ واتبعته، فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن، ويقلن: يا رسول اللَّه، كيف وجدت أهلك؟ قال: فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني، قال: فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه، فألقى الستر بيني وبينه، ونزل الحجاب، قال: ووعظ القوم بما وعظوا به، زاد ابن رافع في حديثه: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [سورة الأحزاب: ٥٣].

صحيح: رواه مسلم في النكاح (١٤٢٨) من طرق عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الصحيحة التي تتعلق بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها، وما نزل من القرآن الكريم في شأنه.

أولاً. شرح المفردات:

● انقضت عدتها: أي انتهت فترة العدة بعد طلاقها من زيد بن حارثة رضي الله عنه.
● تخمر عجينها: أي تعجن العجين وتغطيه ليتخمر.
● عظمت في صدري: أي هالتني وعظُم شأنها في نفسي.
● نكصت على عقبي: أي تراجعت إلى الوراء.
● مسجدها: أي مصلاها الخاص في البيت.
● ألقى الستر بيني وبينه: أي وضع حاجزًا يفصل بينهما.
● نزل الحجاب: أي نزلت آية الحجاب التي توجب الاستئذان وتحجب نساء النبي عن الرجال.

ثانيًا. شرح الحديث:

يذكر أنس بن مالك رضي الله عنه أن زينب بنت جحش كانت زوجة لزيد بن حارثة رضي الله عنه (وهو مولى النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يعد كابنه بالتبني)، ثم طلقها زيد. بعد انتهاء عدتها، أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيدًا أن يذهب إليها ليعرض عليها الزواج منه صلى الله عليه وسلم، فقال له: «فاذكرها علي» أي اذهب واخطبها لي.
فلما ذهب زيد إليها، وجدها تخبز، فلما رآها هالته وعظُمت في نفسه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرادها، فلم يستطع أن ينظر إليها مباشرة، وأخبرها بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها (أي يخطبها). فقالت زينب: "ما أنا بصانعة شيئًا حتى أوامر ربي"، أي لا أقدم على أمر حتى ينزل الوحي أو يأتيني أمر من الله. ثم ذهبت إلى مصلاها فأنزل الله القرآن بالموافقة على هذا الزواج.
ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زينب بغير استئذانٍ خاصٍ في ذلك الوقت؛ لأن آية الحجاب لم تكن نزلت بعد. ثم يذكر أنس أنه بعد أن أطعم النبي صلى الله عليه وسلم الناس طعامًا (وهو وليمة العرس)، بقي بعض الرجال يتحدثون في البيت بعد انصراف معظمهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم يزور نسائه في حجرهن، فسلم عليهن وسألنه عن زوجته الجديدة، ثم عاد إلى بيت زينب، فلما أراد أنس أن يدخل معه، ألقى النبي الستر بينه وبين أنس، ونزلت آية الحجاب التي تمنع دخول أحد على نساء النبي بدون استئذان، وهي قوله تعالى:
﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [سورة الأحزاب: 53].

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- طاعة الله ورسوله فوق كل اعتبار: حيث أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج من زينب رغم أن زيدًا كان يعد ابنه بالتبني، ليُبطِل عادة التبني الجاهلية، ويُظهر أن الزواج من مطلقة الابن بالتبني جائز.
2- حياء الصحابة وتقديرهم للنبي صلى الله عليه وسلم: كما ظهر من حياء زيد عندما كلفه النبي بخطبة زينب.
3- ثبات زينب وإيمانها: حيث قالت: "ما أنا بصانعة شيئًا حتى أوامر ربي"، فكانت تنتظر أمر الله.
4- نزول القرآن بتشريعات جديدة: حيث نزلت آية الحجاب بعد هذا الزواج لتحجب نساء النبي عن الرجال، وتوجب الاستئذان قبل الدخول عليهن.
5- بيان صدق النبي صلى الله عليه وسلم: حيث أنزل الله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾، أي أن الله لا يستحي من بيان الحق ولو كان في أمر يخالف عادات الناس.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الزواج كان بأمر من الله تعالى؛ لإبطال عادة التبني التي كانت شائعة في الجاهلية، حيث كانوا يحرّمون الزواج بمطلقة الابن بالتبني.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تفخر بهذا الزواج وتقول: "زوجني الله من فوق عرشه".
- نزلت آيات من سورة الأحزاب تتعلق بهذا الحدث، منها قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ [الأحزاب: 37].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في النكاح (١٤٢٨) من طرق عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 254 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

📜 حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: سبب نزول: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية