حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حجاب المرأة المسلمة

عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي ﷺ قال: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان».

صحيح: رواه الترمذيّ (١١٧٣)، وابن خزيمة (١٦٨٥)، وابن حبان (٥٥٩٨) كلهم من حديث عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا همام، عن قتادة، عن مورِّق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه، فذكره.

عن عبد اللَّه بن مسعود عن النبي ﷺ قال: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث رواه الإمام الترمذي في سننه، وحسنه، وكذلك رواه غيره. وهو حديث صحيح بمجموع طرقه، وفيه حكم عظيم من أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمرأة وآداب خروجها.

أولاً. شرح المفردات:


● عورة: العورة في اللغة: ما يستحي من إظهاره. وفي الشرع: ما يجب ستره ويحرم النظر إليه.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» يعني أن جملتها عورة في حق الرجال الأجانب (غير المحارم)، فيجب سترها كاملة عن أعينهم، ويحرم إبداء زينتها لهم، كما قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]. وهذا الوصف يدل على وجوب صيانتها وحمايتها.
● استشرفها: من الشَّرَف، أي الارتفاع والعلو. واستشرف الشيء: رفع رأسه لينظر إليه ويتطلع إليه. والمعنى: أن الشيطان يرفعها ويجعلها في مرتفع ينظر إليها الناس ويلتفتون لها، أو أن الشيطان يتطلع إليها ويوسوس لها وللناظرين إليها ليفتنهم.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحقيقتين عظيمتين:
1- «المرأة عورة»: هذه جملة خبرية تحمل في طياتها حكماً تشريعياً وأخلاقياً. فهي ليست انتقاصاً من شأن المرأة، بل هي تشريف لها وصون لكرامتها. فوصفها بالعورة يعني أن جسدها كله يجب أن يصان ويُحفظ من أن يكون متاحاً للأبصار، فهو محل للستر والحشمة. وهذا الوصف يوجب على وليها أن يحافظ عليها، ويوجب عليها هي أن تتحلى بالحياء والتستر، ويوجب على المجتمع كله أن يرعى هذه الحرمة.
2- «فإذا خرجت استشرفها الشيطان»: هذه نتيجة طبيعية للأمر الأول. فإذا خرجت المرأة من بيتها – وهو مكان أمنها وسترها – تعرضت لفتنة الشيطان. والشيطان هنا لا يقصد به فقط الجنّي، بل也包括 وساوسه التي يزينها في قلوب الرجال عند رؤيتها، وفي قلبها هي عند خروجها. فالشيطان يجعلها محل أنظار الرجال وتطلعاتهم، ويزين لها الخروج والتبرج، ويزين للرجل النظر إليها والتلذذ بمنظرها، فيكون سبباً في وقوع الفتنة والحرام.
فالحديث ليس تحريماً مطلقاً لخروج المرأة، فقد تخرج للحاجة والضرورة، كطلب العلم، أو لزيارة parentsها، أو للعلاج، أو لأي مصلحة شرعية. ولكنه يضع ضوابط وآداباً لهذا الخروج، أهمها:
- أن يكون الخروج لحاجة.
- أن تخرج متسترة بملابسها الشرعية الساترة غير الضيقة ولا الشفافة ولا المثيرة.
- أن تتحلى بالحياء والوقار في مشيتها وكلامها.
- أن تتجننب الزينة وإظهار مفاتنها.
- أن تتجننب الاختلاط بالرجال الأجانب.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفوائد:


1- صيانة المرأة وحمايتها: الشرع الإسلامي يريد للمرأة أن تكون مصونة محفوظة من أن تكون سلعة يتطلع إليها الرجال أو موضوعاً للفتنة.
2- بيت المرأة مقر أمنها وعفتها: أفضل مكان للمرأة هو بيتها، حيث تكون في كنف وأمان، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33].
3- تحذير من كيد الشيطان: الشيطان عدو للإنسان، يتربص به ليفسد دينه ودنياه، ومن أكبر وسائله إثارة الفتنة بين الرجال والنساء.
4- مسؤولية المجتمع: الحديث يوجه رسالة إلى أولياء الأمور والمجتمع كله بضرورة حفظ النساء وصيانتهن، وعدم إخراجهن إلا للحاجة، وتوفير البيئة الآمنة المحافظة لهن.
5- الفهم المتوازن: فهم هذا الحديث يجب أن يكون في إطار النصوص الأخرى التي تبين حقوق المرأة وكرامتها في الإسلام، وأن هذه الأحكام إنما هي لتكريمها وحمايتها، لا للتقليل من شأنها.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة معاني عظيمة.
- يستدل به العلماء على وجوب الحجاب الكامل للمرأة، وعلى مشروعية فصل الرجال عن النساء في المجالس والأماكن العامة قدر المستطاع.
- يجب أن يفهم الحديث في سياقه الذي قيل فيه، وهو سياق الحث على العفة والطهارة وصيانة المجتمع من الفواحش، وليس سياق التحقير من شأن المرأة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (١١٧٣)، وابن خزيمة (١٦٨٥)، وابن حبان (٥٥٩٨) كلهم من حديث عمرو بن عاصم، قال: حدّثنا همام، عن قتادة، عن مورِّق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه، فذكره. واللفظ للترمذي. وإسناده صحيح.
وزاد ابن خزيمة: «وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها».
وقد روي عن علي، عن النبي ﷺ قال: «عورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل، وعورة المرأة على المرأة كعورة المرأة على الرجل».
رواه الحاكم (٤/ ١٨٠) عن علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي وعلي بن الصقر السكري قالا: ثنا إبراهيم بن حمزة الزهري، ثنا إبراهيم بن علي الرافعي، حدثني علي بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، فذكره.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد» وتعقبه الذهبي فقال: الرافعي ضعفّوه.
قال الأعظمي: وهو كما قال، والرافعي هو إبراهيم بن علي بن حسن بن أبي رافع المدني ضعّفه الدارقطني وابن حبان وغيرهما، ومشّاه ابن معين وقال أبو حاتم: «شيخ».
وأما قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ فقد اختلفت أقوال الصحابة في تعيين هذه الزينة.
فقال ابن مسعود: كالرداء والثياب.
وروي عنه أنه قال: الزينة زينتان: زينة لا يراها إلا الزوج، الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب.
وقال ابن عباس: الكف ورقعة الوجه. أخرجه ابن أبي شيبة (١٧٢٨١) عن زياد بن الربيع، عن صالح الدهان، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن، صالح الدهان هو: صالح بن إبراهيم أبو نوح وثّقه ابن معين وقال أبو حاتم: «ليس به بأس». الجرح والتعديل (٤/ ٣٩٣).
كما روي عنه أيضًا أنه قال: الكحل والخاتم. ذكره البيهقي (٢/ ٢٢٥).
وروى ابن جرير في تفسيره (١٧/ ٢٥٩) بإسناده عن ابن عباس قال: «الزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم. فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها». أي من المحارم.
وجمع بعض أهل العلم قولي ابن عباس فقالوا: قوله: الوجه والكفان قبل نزول الحجاب، والكحل والعين وخضاب الكف والخاتم بعد الحجاب لأن وضع المرأة اختلف بعد نزول الحجاب كما قالت عائشة، وعليه يدل الأحاديث والآثار الآتية.
وقد كانت المرأة قبل نزول الحجاب تبرز للرجال فمنعها اللَّه عن ذلك فقال عز وجل: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣]
وكانت آية الحجاب نزلت بناء على طلب عمر بن الخطاب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 251 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

  • 📜 حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب