حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من فتنة النساء

عن أسامة بن زيد قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء».

متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (٥٠٩٦)، ومسلم في الرقاق (٢٧٤٠: ٩٧) كلاهما من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، فذكره.

عن أسامة بن زيد قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر فيه من فتنة النساء، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 5096) ومسلم في صحيحه (رقم 2740) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ».

أولاً. شرح المفردات:


● تركت: أي تركته موجوداً وحاصلاً في أمتي.
● فتنة: الابتلاء والاختبار والامتحان، وما يصد الإنسان عن طاعة ربه ويشغله عنها.
● أضر: أي أكثر ضرراً وخطراً.
● الرجال: الذكور من بني آدم.
فالمعنى الإجمالي: أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن أعظم فتنة وأكثرها خطراً على قلوب الرجال وأخلاقهم ودينهم بعد موته هي فتنة النساء.

ثانياً. شرح الحديث:


يشير هذا الحديث إلى شدة خطر فتنة النساء على الرجال، وذلك لأمور منها:
1- قوة تأثيرها وكثرة وقوعها: فالفتنة بالنساء فتنة عامة، يعرض لها الكثير من الرجال في مختلف مراحل حياتهم، بخلاف بعض الفتن الأخرى التي قد تقتصر على فئة معينة.
2- مصادفتها لأقوى دوافع الإنسان: فهي تتعلق بغريزة الجنس، وهي من أشد الغرائز طلباً وإلحاحاً في النفس البشرية، فإذا لم تُضبط بضوابط الشرع، كانت مدعاة للوقوع في المحرمات.
3- تسلطها على القلب والعقل: قد تُعمي الفتنة بالمرأة قلب الرجل وعقله، فتصده عن ذكر الله، وتُنسيه الآخرة، وتجعله يقتحم المحرمات من زنا أو نظر أو خلوة، ويضيع المسؤوليات من رعاية للأسرة وإنفاق في غير موضعه.
4- عواقبها الوخيمة: من الوقوع في الزنا الذي هو من الكبائر، وضياع الأسر، وانتشار الأمراض، واختلاط الأنساب، وفساد المجتمع.
وليس في الحديث ذم للنساء بوصفهن، بل هو تحذير من فتنتهن، أي من الوقوع في حبائلهن والشهوة بهن بما يخالف أمر الله. فالمرأة يمكن أن تكون من أعظم أسباب السعادة في الدنيا والآخرة إذا كانت صالحة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» (رواه مسلم). فالشر ليس في ذات المرأة، بل في اتباع الهوى والشهوة المحرمة فيها.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- اعتراف النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة نفس الرجل: فهو يعلم ما جبلت عليه نفوس الرجال من الميل إلى النساء، ويحذرهم من الانجراف وراء هذا الميل بغير ضابط شرعي.
2- الحث على التحصن والوقاية من هذه الفتنة: وذلك بغض البصر، كما أمر الله تعالى في قوله: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، والابتعاد عن مواطن الريبة والخلوة المحرمة.
3- التربية على تقوى الله في التعامل مع النساء: سواء بالزواج الشرعي الذي يستمتع فيه الرجل بزوجته في حلال، أو بالحشمة والاحتشام في التعامل مع المحارم والأجنبيات.
4- بيان حكمة التشريعات الإسلامية المتعلقة بالمرأة: مثل الحجاب، والفصل بين الجنسين في بعض المجالات، وعدم الخلوة بالأجنبية، كل هذه من الوسائل التي شرعها الإسلام لوقاية المجتمع من هذه الفتنة العظيمة.
5- أن سلامة القلب من التعلق بغير الله من أعظم النعم: فإذا سلم القلب من فتنة النساء والشهوات، تفرغ لعبادة الله وطاعته.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث لا يتناقض مع فضل المرأة الصالحة وأنها خير متاع الدنيا، بل يكمل معه. فالمقصود التحذير من المرأة التي تكون سبباً في معصية الله، وأما المرأة الصالحة فهي نعمة عظيمة وجنة في الدنيا.
- الفتنة بالنساء تشمل فتنة الشهوة (بكل أنواعها المحرمة)، وفتنة الشبهة (كالتقليد الأعمى للمرأة في أمور الدين والدنيـا، أو الانشغال بها عن طاعة الله).
- ينبغي للرجل أن يجعل حبه لزوجته وتعلقه بها في الله ولله، لا مجرد اتباع للهوى، حتى يكون ذلك عبادة يؤجر عليها.
نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في النكاح (٥٠٩٦)، ومسلم في الرقاق (٢٧٤٠: ٩٧) كلاهما من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 144 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

  • 📜 حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب