حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من فتنة المال

عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير، يحدث عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: كان بالكوفة أمير، قال: فخطب يوما، فقال: إن في إعطاء هذا المال فتنة، وفي إمساكه فتنة، وبذلك قام رسول اللَّه ﷺ في خطبته حتى فرغ، ثم نزل.

صحيح: رواه أحمد (٢٠٥٨٦) عن محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة قال: سمعت إسحاق بن سويد قال: سمعت مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير، يحدث عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، فذكره.

عن مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير، يحدث عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: كان بالكوفة أمير، قال: فخطب يوما، فقال: إن في إعطاء هذا المال فتنة، وفي إمساكه فتنة، وبذلك قام رسول اللَّه ﷺ في خطبته حتى فرغ، ثم نزل.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديثٌ عظيمٌ يتناول قضيةً من أهم قضايا الحكم والإدارة، وهي مسألة توزيع المال العام (بيت المال).
### أولاً. نص الحديث ورواته
● الراوي: مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو تابعي ثقة جليل.
● عن رجل من أصحاب النبي ﷺ: لم يُسَمَّ هذا الصحابي، وهذا النوع يسمى في علم الحديث "المرسل الخفي"، ولكنه مع ذلك مقبول عند العلماء خاصةً في موضوعات المواعظ والحكم، وهو يدل على أن القصة مشهورة بين الصحابة.
● الموقف: حدث في الكوفة، وكان فيها أمير (والٍ من قبل الخليفة).
### ثانياً. شرح المفردات
● أمير: الوالي أو الحاكم المعيَّن لإدارة شؤون المنطقة.
● هذا المال: يقصد المال العام، أي أموال بيت المال من الزكوات والفيء والغنائم وغيرها.
● فِتْنَة: الاختبار والامتحان والشدة، وما يقع فيه الناس من اختلاف وخصومة وحرج.
● قام رسول الله ﷺ في خطبته حتى فرغ: أي أن النبي ﷺ خطب بهذه الكلمات أو بمعناها خطبةً كاملة مؤكِّداً عليها.
### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
يخبرنا هذا الحديث أن أحد ولاة الكوفة خطب في الناس، فاعترف بصعوبة الموقف الذي يكون فيه الحاكم بخصوص أموال المسلمين، فقال حكمته العظيمة:
1- "إن في إعطاء هذا المال فتنة": أي أن توزيع المال وإعطاءه للناس قد يكون سبباً للفتنة، وذلك:
- إذا أُعطي لغير مستحقه، فيغضب المحرومون ويشتد طمع الطامعين.
- إذا أُعطي لبعض الناس دون بعض، فيحصل الحسد والتباغض بين أفراد المجتمع.
- إذا ظن الناس أن هذا العطاء هو محاباة أو محسوبية وليس based on العدل والاستحقاق.
2- "وفي إمساكه فتنة": وكذلك حبس المال وعدم إنفاقه في مصارفه الشرعية هو أيضاً فتنة، وذلك:
- لأنه حرمان لأهل الحقوق من مستحقاتهم.
- لأنه قد يؤدي إلى سخط الناس على الحاكم واتهامه بالبخل أو سوء التصرف.
- لأنه إضاعة للمصلحة العامة التي من أجلها جُمع هذا المال.
ثم أكد الوالي أن هذه الحكمة ليست من عنده، بل هي كلمات قالها رسول الله ﷺ وأقام لأجلها خطبة كاملة، مما يدل على عظم شأنها وأهميتها.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- حكمة النبي ﷺ وإحاطته بشؤون الحكم: النبي ﷺ هو المشرع والمعلم، وقد بين أن الحاكم يقف بين خيارين صعبين، وكلاهما يحتاج إلى حكمة بالغة وتقوى شديدة.
2- وجوب العدل في توزيع المال العام: المخرج من هذه الفتنة هو العدل والاستناد إلى الضوابط الشرعية في العطاء. فيُعطى كل ذي حق حقه من غير إسراف ولا تقتير، وفقاً لأحكام الإسلام (كأصناف الزكاة، والمستحقين من بيت المال).
3- مسؤولية الحاكم العظيمة: الحديث يسلط الضوء على ثقل المسؤولية التي يحملها الحاكم وأمين بيت المال، فهو مؤتمن على مال الأمة، وسيحاسب بين يدي الله على كيفيَّة تصرفه فيه.
4- اعتراف الحاكم بالصعوبة: من الحكمة أن يعترف الحاكم بصعوبة المهمة وأن يستشعر عظم المسؤولية، كما فعل هذا الأمير، لا أن يتصرف بلا مبالاة.
5- الاستدلال بسنة النبي ﷺ: انتهج هذا الوالي الأسلوب الأمثل في إقناع الناس، فلم يفتِ من عنده، بل نسب القول إلى النبي ﷺ، مما يُظهر احترامه للسنة وحرصه على التمسك بها في شؤون الحكم.

خامساً:

معلومات إضافية
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال عنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة": "إسناده صحيح".
- الموقف الذي ذكره الصحابي يحتمل أن يكون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي اشتهر بالشدة والعدل في توزيع المال.
- هذا الحديث أصل عظيم في علم "السياسة الشرعية" وموضوع "الحسبة"، فهو يضع المعيار الذهبي للحاكم: العدل الشرعي الذي يتجنب به فتنة الإعطاء وفتنة الإمساك.
نسأل الله أن يهدي ولاة أمور المسلمين، وأن يرزقهم الحكمة والعدل، ويوفقهم لتحمُّل الأمانة وإعطاء كل ذي حق حقه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٠٥٨٦) عن محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة قال: سمعت إسحاق بن سويد قال: سمعت مطرف بن عبد اللَّه بن الشخير، يحدث عن رجل من أصحاب النبي ﷺ، فذكره.
وإسناده صحيح، وإسحاق بن سويد هو ابن هبيرة العدوي البصري، وثّقه الأئمة، منهم أحمد، وابن معين، والنسائي، وابن سعد وغيرهم.
ومن طريقه رواه القضاعي في مسند الشهاب (٩٩٩)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٩١٠).
وقال الهيثمي في المجمع (٣/ ٨٧): «رجاله ثقات».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 147 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

  • 📜 حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: في إعطاء المال فتنة وفي إمساكه فتنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب